من تحت سطح المريخ.. كشف أسرار تربة الكوكب الأحمر (حوار)
في خطوة علمية مهمة لفهم أعماق كوكب المريخ، وفرت البيانات التي جمعها جهاز "المثقاب المريخي"، الذي أرسلته وكالة ناسا إلى المريخ ضمن مهمة (إنسايت)، رؤى جديدة حول تكوين التربة المريخية وخصائصها الحرارية، بالإضافة إلى التأثيرات المحتملة على العمليات.
وواجه المثقاب صعوبة في حفر السطح المريخي، إلا أن البيانات التي وفرها كشفت العديد من الأسرار التي استعرضها الفريق البحثي الذي يقوده تيلمان سبون، من معهد أبحاث الكواكب بالمركز الألماني لأبحاث الفضاء الجوي في دراسة بحثية نشرتها دورية "جيوفيزيكال ريسيرش ليترز".
وفي مقابلة خاصة مع "العين الإخبارية"، يستعرض سبون رؤيته حول هذه الاكتشافات وأثرها على استكشاف المريخ مستقبلا، والدور الذي يمكن ان تلعبه بيانات مسبار الأمل الإماراتي في تعميق فهمنا للمريخ، وإلى نص الحوار.
كيف أسهم جهاز (المثقاب المريخي) في فهمنا لعمق كوكب المريخ؟
"المثقاب المريخي" كان مصمما لحفر عمق 5 أمتار في سطح المريخ لقياس تدفق الحرارة من داخل الكوكب، وعلى الرغم من أنه واجه صعوبة في الحفر العميق وتوقف عند عمق 40 سم فقط، فقد جمع بيانات قيمة حول التغيرات الحرارية اليومية والموسمية تحت سطح المريخ، مما ساعد على فهم تركيبة التربة وخصائصها بشكل أفضل.
هل كانت التربة المريخية كما توقعتم؟
في الواقع، كانت النتائج مفاجئة بعض الشيء، حيث وجدنا أن كثافة التربة في أول 30 سم من السطح تشبه كثافة رمال البازلت، وهو شيء لم نتوقعه، وهذا اكتشاف مهم يساعدنا في تفسير خصائص التربة المريخية بشكل أكثر دقة.
ماذا يعني هذا الاكتشاف بالنسبة لفهمنا للجيولوجيا المريخية؟
من خلال قياس درجات الحرارة تحت السطح، تمكنا من قياس معدل انتقال الحرارة في القشرة المريخية، وهذا أعطانا فكرة جيدة عن كثافة التربة، ونحن نعتقد أن النشاط الجيولوجي على المريخ توقف منذ نحو 3 مليارات سنة، لكن تدفق الحمم البركانية قد لا يزال يحدث حتى اليوم، مما يعزز نظرياتنا حول طبيعة جوهر المريخ.
كيف تساعد هذه البيانات في فهم التفاعلات الكيميائية والبيولوجية في تربة المريخ؟
التغيرات الحرارية تؤثر بشكل كبير على التفاعلات الكيميائية في التربة، فعلى سبيل المثال تسهم درجات الحرارة في التبادل الغازي بين التربة والغلاف الجوي، مما قد يكون له دور في العمليات البيولوجية المحتملة، مثل وجود حياة ميكروبية على المريخ، لذا فإن فهم خصائص التربة المريخية يعد أمرا حيويا بالنسبة للبحث عن حياة على الكوكب.
هل يمكن أن يساعدنا هذا الاكتشاف في استكشاف المريخ من قبل البشر في المستقبل؟
بالطبع، فهمنا لكيفية تأثير درجات الحرارة على التربة المريخية سيساعد في تحديد كيفية بناء القواعد المستقبلية على سطح المريخ، فالتربة المريخية قد تكون قادرة على عزل درجات الحرارة بشكل جيد، مما قد يوفر بيئة مستقرة للبشر في المستقبل، بالإضافة إلى ذلك هذه المعلومات حيوية لفهم مدى صعوبة أو سهولة الوصول إلى الماء تحت السطح.
هل هناك خطط لتطبيق نفس النهج الذي استخدمته في تحليل تربة المريخ في كواكب أخرى؟
لا توجد خطط في الوقت الحالي على حد علمي، لكن يمكن استخدام المثقاب المريخي على القمر، وقد يكون عطارد مرشحا، وهناك دراسات تطبق تقنية مماثلة على الريجوليث الجليدي بالقمر باستخدام مسبار ساخن.
كيف تدعم بيانات "مسبار الأمل" الإماراتي دراساتكم حول حرارة وتربة المريخ؟
قدمت مهمة مسبار الأمل الناجحة بيانات مفيدة للغاية عن الغلاف الجوي للمريخ، وبيانات الأشعة تحت الحمراء التي جمعها المسبار سيتم استخدامها عند تقييم البيانات التي جمعها مقياس الأشعة تحت الحمراء الموجود في المثقاب المريخي، وهذا العمل جارٍ الآن.
ما الخطوات التي يتعين على الفريق اتخاذها لتعميق فهمنا لتربة المريخ والظروف الجيولوجية؟
نحن حريصون على تكرار قياسات المثقاب المريخي باستخدام أداة محسنة لقياس كمية تدفق الحرارة من داخل الكوكب، ونعتبر معرفة الكمية معلومة مهمة للغاية يجب معرفتها.