بعد توحيد سعر الصرف والترحيب الدولي.. ماذا ينتظر الاقتصاد الليبي؟
أعلن المصرف المركزي الليبي الأربعاء توحيد سعر صرف الدينار مقابل الدولار كخطوة أولى في الإصلاحات الاقتصادية.
واعتبرت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا قرار توحيد سعر صرف الدينار الليبي في البنوك خطوة مهمة ومطلوبة نحو التخفيف من معاناة الشعب الليبي وعلامة جيدة على أن هذه المؤسسة السيادية والحيوية متجهة نحو الاتحاد.
وأشادت البعثة بقرار مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي خلال اجتماعه اليوم الأربعاء، توحيد سعر صرف الدينار الليبي.
وشددت على أن الوقت الآن مناسب لجميع الليبيين – لا سيما السياسيين الفاعلين في البلاد – لإبداء شجاعة وتصميم وقيادة مماثلة ووضع مصالحهم الشخصية جانباً وأن يتجاوزوا خلافاتهم من أجل الشعب الليبي بهدف استعادة سيادة البلاد والشرعية الديمقراطية لمؤسساتها.
وأعلن المصرف المركزي في طرابلس عن تعديل سعر صرف الدينار مقابل الدولار بقيمة 4.48 مقابل الدولار الواحد، فيما يتوقع أن يبدأ التعامل بالسعر الجديد مطلع يناير القادم.
دعم دولي
وحث السفير الأمريكي في ليبيا ريتشارد نورلاند خلال لقائه النائب في المجلس الرئاسي الليبي أحمد معيتيق، إدراة المصرف المركزي في طرابلس على القيام بخطوات ايجابية لمعالجة الأزمة الاقتصادية.
وجرى خلال اللقاء الذي عقد في مصراتة مناقشة التطورات الأخيرة ودعم الولايات المتحدة للحل السياسي وكذلك لحزمة الإصلاحات الاقتصادية.
كما قابل القرار دعما دوليا حيث أعربت سفارة كندا في ليبيا عن ثنائها ودعمها على البنك المركزي في اتخاذ هذه الخطوة المهمة نحو ليبيا أكثر أمناً واستقراراً وازدهاراً ، لما فيه مصلحة الشعب الليبي.
كما رحب السفير الألماني لدى ليبيا أوليفر اوفتشا بالتقدم التدريجي في هذه المحادثات الاقتصادية الليبية الداخلية متمنيا بشكل خاص التوصل إلى اتفاقيات حول إصلاح سعر الصرف الأجنبي في اجتماع مجلس مصرف ليبيا المركزي.
ومن جانبه، أكد رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، السفير خوسيه ساباديل أن الاجتماعات الاقتصادية في جنيف تهدف لإيجاد حلول لتحسين حياة المواطنين، بما في ذلك من خلال توحيد سعر الصرف وتعزيز الحصول على النقد.
وأكد عبر حسابه على تويتر أن ذلك يجب أن يؤدي إلى توحيد الميزانية والمؤسسات، مشيرا إلى أن النفاذ إلى عائدات النفط المجمدة ضروريًا لتحسين الخدمات المسداة لجميع الليبيين، بما في ذلك خدمات الصحة والكهرباء والماء؛ ولكن يجب أن يتم ذلك بطريقة لا تزيد من الفساد و لا تؤجّج الصراع. هناك حاجة إلى إحداث تغييرات مؤسسية كبيرة.
وشدد أن الخبراء الاقتصاديون والعسكريون ورؤساء البلديات وزعماء القبائل والنشطاء والمجتمع المدني المجتمعين في المسارات المختلفة يعملون لبناء توافق في الآراء على المسار نحو التغيير الذي يطالب به الشعب الليبي.
وختم: "أنه سيكون من الحكمة أن يحذو السياسيون حذوهم.. هذه الفترة هي فترة التوافق و الشجاعة".
توحيد الصرف
وأصدر مصرف ليبيا المركزي بيانه اليوم حول اجتماع مجلس الإدارة البنك المركزي بخصوص تعديل سعر الصرف .
"المركزي" أكد على تعديل السعر ليصل إلى 4.48 دينار مقابل الدولار، وسريان هذا السعر على كافة الأغراض واستعمالات النقد الأجنبي وأن يتم العمل به بدأً من 3 يناير/كانون الثاني المقبل .
ووفقا لـ"المركزي" فسيكثف مجلس الإدارة اجتماعاته خلال الأسابيع المقبلة بما يمكنه من اتخاذ القرارات الهادفة إلى حلحلة المشاكل والمعوقات التي يعاني منها القطاع المصرفي .
ويقول مصدر بمصرف ليبيا المركزي في تصريحات صحفية إن سبب اعتماد سعر الصرف اليوم 4.48 دينار لكل دولار كان نتيجة للدين العام الذي وصل إلى 150 مليار دولار، وعرض نقود يصل إلى 125 مليار دولار وناتج محلي منخفض يصل إلى 30 مليار دولار لهذه السنة، بينما كان يصل إلى 61 مليار دولار لسنة 2019، نتيجة لتفشي فيروس كورونا وإغلاق النفط .
وأكد المصدر أن قرر مجلس المصرف المركزي جاء بالإجماع علىتعديل سعر صرف الدينار إلى 4.48 دينار للدولار، وتوحيد سعر البيع والشراء للحكومة والشركات والأفراد ورفع القيود وإتاحة شراء النقد الأجنبي للجميع (شركات-أشخاص-حوالات طلبة وعلاج-اعتمادات) وغيرها.
وأضاف أن المصرف سيراقب سعر الصرف الجديد شهريا ويدرس آثاره ويتعامل معها، واستمراره في تخفيض سعر الصرف تدريجيا حتى يصل إلى القيمة الحقيقية للدينار الليبي.
ما بعد التوحيد
ويقول الخبير الاقتصادي الليبي أبوبكر أبو القاسم، في تصريحات صحفية إن تعديل سعر الصرف يعتبر خطوة مهمة، لكنها يجب أن ترتبط بإجراء إصلاحات اقتصادية شاملة خاصة فيما يتعلق بالسياسات النقدية والمالية والتجارية.
وأوضح أبوالقاسم أن الوصول إلى سعر موحد حتى، وإن كان مرتفعًا قليلا لكنها تعتبر البداية فقط.. متوقعا بأن ينخفض الرقم خلال العام القادم بناءًا على ما يطرأ على الوضع الاقتصادي.
وأشار إلى أن المطلوب هو إجراء إصلاحات اقتصادية أشمل وإيجاد تكامل في السياسات النقدية والمالية والتجارية لكي يذهب قطار الإصلاحات في الطريق السليم والمحدد، خاصة عندما تكتمل تلك السياسات بين وزارة المالية والاقتصاد والمصرف المركزي.
المسار الاقتصادي الليبي
ويعد اجتماع المصرف الليبي المركزي بكامل أعضائه لأول مرة منذ خمس سنوات وقرار توحيد سعر صرف الدينار الليبي، إحدى ثمار اجتماعات المسار الاقتصادي الليبي المنبثقة عن مؤتمر برلين الخاص بليبيا، والتي عقدت على مدار اليومين الماضيين، في جنيف.
وبحسب بيان صادر عن البعثة الأممية، أمس الثلاثاء، فإن المشاركين توصلوا إلى استئناف مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي اجتماعاته المنتظمة اعتباراً من 16 ديسمبر/كانون الأول، على أن يتم توحيد سعر الصرف بغية ضمان استقرار أكبر للعملة الليبية ومكافحة الفساد.
كما رحب المشاركون بخطة مصرف ليبيا المركزي لمعالجة الأزمة المصرفية بطريقة تعيد بناء الثقة في القطاع المصرفي وتضمن سهولة الحصول على السيولة في عموم البلاد.
توحيد الميزانية الوطنية
وحدد المشاركون خطوات لتوحيد الميزانية الوطنية، بينها توحيد وترشيد رواتب القطاع العام، وتخصيص التمويل الكافي للتنمية والبنية التحتية في جميع أنحاء البلاد، والإدارة الفعالة للدين الوطني المتصاعد ومعالجة جائحة كوفيد -19.
وأشار المشاركون إلى أهمية تخصيص ميزانية في الوقت المناسب للمؤسسة الوطنية للنفط لضمان استمرار عملها في صالح ليبيا ودعوا جميع الأطراف إلى الكف عن أي أعمال تهديد ضد المؤسسة الوطنية للنفط.
واتفق المشاركون على اللقاء مرة أخرى في شهر يناير/كانون الثاني المقبل، لاستعراض التقدم المحرز في هذه القضايا والنظر في اتخاذ المزيد من الخطوات الفنية اللازمة لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد الليبي والاستجابة لاحتياجات جميع الليبيين.
aXA6IDUyLjE0LjI1Mi4xNiA=
جزيرة ام اند امز