لا يكفي أن تكون عضواً في تحالف ما لمواجهة أي خطر أو تهديد،
حضور دولة الإمارات في شهادات السياسيين والعسكريين، في العالم عموماً والغرب خصوصاً، يؤكد أهميتها ومصداقيتها، وثباتها في دعم التوجه العالمي في تحقيق الاستقرار والأمن الدولييْن، وفي تصنيفها بين أهم الدول المتعاونة مع المجتمع الدولي نحو مكافحة الإرهاب، وهذه الشهادات تعبر عن إيجابية الدولة وتموضعها في السياسة الدولية.
آخر تلك الشهادات ما نقله معالي الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، مؤخراً، بأن هناك قناعة دولية تتعزز بأن الإمارات شريك صادق يدرك أهمية أمن واستقرار المنطقة. وهناك شهادة أخرى لا تقل أهمية عن الأولى تقدم بها الجنرال جوزف فوتيل، قائد القوات المركزية أمام الكونجرس الأمريكي، حيث أكد أن دولة الإمارات لعبت دوراً أساسياً في مواجهة تهديد تنظيمي "القاعدة" و"داعش" في جنوب اليمن.
حين يتكرر اسم الإمارات في المحافل الدولية مرتبطاً بثبات مواقفها ومصداقيتها في التعاون مع المجتمع الدولي والعمل على استقراره، فذلك مؤشر ليس فقط على تنامي دورها الإيجابي في ظل الأوضاع الاستراتيجية الصعبة التي يمر بها العالم، وبحثه بالتعاون مع الآخرين عن سبل لإيقاف حالة التطرف، وإنما هو أيضاً مؤشر حقيقي على وضوح العمل الجاد والفعلي الذي تقدمه دولة الإمارات، سواء من خلال قيادتها السياسية صاحبة الرؤية الاستراتيجية أو مسؤوليها المنفذين لتلك الرؤية.
لا يكفي أن تكون عضواً في تحالف ما لمواجهة أي خطر أو تهديد، فهذا يحدث مع الكثيرين، فما يحدث الفارق هو حجم المشاركة ونوعيتها، خاصة في الظروف الدولية الحالية؛ إذ لابد أن تكون عنصراً مؤثراً وشفافاً ولا تتلون أو تلعب على التناقضات كي يشعر بك الآخرون ويحترموك>
ومشاركات دولة الإمارات تتسم بأنها تصنع الفارق دائماً، ليس فقط في ملفات المنطقة كما استخلص معالي الدكتور قرقاش من لقائه في لندن، أو في جنوب اليمن المكان الذي يشرف عليه المسؤول الأمريكي، ولكن الإمارات حاضرة أيضاً في الملفات السياسية والثقافية والإعلامية العالمية، وفي محاربة التطرف والإرهاب عبر العالم.
وحقيقةً، تكاد الإمارات تكون الدولة العربية الوحيدة التي امتلكت شجاعة مواجهة الإرهاب وجرأة محاربة الإرهابيين بصرامة وبشكل صريح وشفاف، لذلك فهي اليوم من الدول الصانعة للقرار في هذا المجال، ليس فقط عندما أنشئ التحالف الدولي لمحاربة داعش والقاعدة عام 2014، بل إن لها جهودها الخاصة في نشر ثقافة التسامح والتضييق على الإرهاب والتطرف، التي يدركها العالم بأسره.
مثل هذا الحضور الإماراتي في المحافل الدولية وفي بيوت الخبرة الدولية، هو واجهة مهمة للدول العربية والإسلامية التي تلقى عليها "تهم" التراجع في مواجهة الإرهاب والتطرف؛ كون أن هذه "الآفة" نابعة منها، وبالتالي فإنها -وفق المنظور الغربي- أولى بمواجهته أولاً، وهذا الحضور الإماراتي كذلك هو انعكاس للوزن الاستراتيجي الإقليمي والدولي لدولة الإمارات في هذه المنطقة، خاصة عندما تتكلم عن مراكز صناعة القرار العربي اليوم، ولقوة تأثير الإمارات في الملفات الحساسة في المنطقة والعالم.
تقودنا الشهادة الأمريكية سالفة الذكر، وغيرها من الشهادات الدولية عن دور الإمارات في التعاون مع المجتمع الدولي في مواجهة التحديات الحالية، إلى دور الدبلوماسية الناعمة من خلال الوجود في القضايا الدولية، وخاصة في مواجهة الإرهاب، والجدير بالملاحظة أن هذه الشهادة تزامنت مع الحديث عن نشاط التنظيمين الإرهابيين "القاعدة" و"داعش" (أخطر تنظيمين إرهابيين في العالم) في القارة الأفريقية بعد هزيمتهما في سوريا والعراق، خاصة أن أفريقيا توفر البيئة المناسبة لنموهما، ما يعني أن التميز الإماراتي في محاربتهما سيكون مهماً كما كان في جنوب اليمن.
والرائع في الأمر أنه بجانب المصداقية الإماراتية، فإن الدولة تمتلك علاقات جيدة مع الدول الأفريقية وحضورا فيها، وهو ما ييسر العمل المشترك لمواجهة داعش والقاعدة هناك، ويعطي أهمية لدور الإمارات في أفريقيا. ولولا اقتناع دولة الإمارات بخطر التطرف والإرهاب لما وجدنا هذا الزخم العربي الكبير، على الأقل ثقافياً وسياسياً، في مواجهته.
أختم بما يتكلم به السياسيون في الغرب عن استعداد دولة الإمارات لمواجهة المنظمات الإرهابية، باعتبار أن القضاء عليها ضروري لأي تجربة تنموية بقدر ضرورته للتعايش الإنساني، ويتحدث السياسيون الغربيون عن طموح الإمارات إلى أن تكون في واجهة الدول المبتكرة في مختلف المجالات، بما في ذلك الابتكار العسكري، وهو ما يوضح مدى عمق الرؤية السياسية الذي تتمتع به قيادة هذه الدولة في التفكير لمستقبل الإمارات والعرب أيضاً، انطلاقاً من عوامل عدة، أهمها أن "التهمة" الإرهابية تشمل جميع العرب والمسلمين.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة