جرعة سياسة.. كورونا يختبر سلطة الأمم المتحدة في نيويورك
يبدو أن فرض إجراءات كورونا، خلال اجتماعات الأمم المتحدة بنيويورك، لم يخلٌ من جرعة سياسية، اختبرت حدود سلطة المنظمة بمقرها الدائم.
تناغم قرار الأمم المتحدة مع سلطات نيويورك، أثار جدلا محتدما، وانتقادا واسعا لتلك الإجراءات التي تربط دخول الرؤساء وقادة الوفود لمنطقة تعتبر نظريا خارج حدود الولايات المتحدة، بتوفر لقاح فيروس كورونا.
القرار سبّب اضطرابا في الجمعية العامة للأمم المتحدة حتى قبل افتتاح جلسات المناقشات رسمياً بعد غد الثلاثاء؛ وحملت موسكو لواء الدفاع عن الحرية في الدخول والخروج دون التقيد بما تفرضه واشنطن.
هكذا رحبت نيويورك بضيوف الأمم المتحدة
وتطلب سلطات مدينة نيويورك إبراز وثيقة تثبت تلقي اللقاح في كافة الأماكن المغلقة، واعتبرت الجلسات في قاعات الأمم المتحدة مكانا مغلقا، يفترض الحزم معه في اتباع إجراءات كورونا.
وتتمتع الأمم المتحدة بميزة أن مقارها تُعتبر خارجة عن الحدود المحلية، غير أن السلطات الأمريكية وشرطة نيويورك، يمكن أن تدخل إليها، في حال حصول جرم أو مخالفة، بشرط أن تسمح لها إدارة الأمم المتحدة بذلك، وفق المتحدث باسم المنظمة ستيفان دوجاريك.
وكتب رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة عبد الله شاهد، الخميس، رسالة لمندوبي الدول الأعضاء لتوضيح أنه تمّ تمديد النظام الساري منذ ربيع العام 2020، وهو أن عبور البوابات الأمنية مرتبط بتقديم "تصريح شرفي" بأن الشخص لا يحمل الفيروس، من خلال تقديم شهادة تلقيح أو فحص سلبي أو الإقرار بعدم ظهور أية عوارض عليه.
وكانت مدينة نيويورك قررت الشهر الماضي، فرض إبراز وثيقة تثبت تلقي اللقاح (جرعة واحدة على الأقلّ) على أي شخص يدخل إلى أماكن مغلقة، على شكل شهادة أو رمز الاستجابة السريعة، وبدأ العمل بهذا الإجراء يوم الإثنين الماضي.
قبل دخول القرار حيز التنفيذ بأربعة أيام في نيويورك، وجّهت رئاسة البلدية كتاباً لرئيس الجمعية العامة لإبلاغه بأن "جميع الأشخاص" الذين يدخلون إلى مقرّ الأمم المتحدة، ينبغي أن يُثبتوا أنهم ملقحون.
وأيّدت إدارة مدينة نيويورك فكرة أن قاعات الأمم المتحدة هي "مركز للمؤتمرات" وتُعتبر مكاناً مغلقاً.
كذلك فعلت السلطات السياسية الأمريكية، التي أيدت هي الأخرى القرار بدعم عالي المستوى؛ إذ قالت مندوبة الولايات المتحدة بالمنظمة، ليندا توماس-غرينفيلد، إنها تخشى أن تتحوّل الجمعية العامة الـ76، مع آلاف المشاركين فيها، إلى "حدث ينشر" فيروس كورونا.
وروسيا تحتج
هذا القرار الذي فرضته السلطات الأمريكية، وسايرته إدارة الأمم المتحدة، أثار غضب روسيا، فوراً، حيث ندّدت موسكو في اليوم التالي، في كتاب بإجراء ما سمته "التمييز"؛ الذي يتعارض مع ميثاق ال الهيئة الأممية.
وأشارت موسكو في اعتراضها إلى أن ليس كل اللقاحات معترفاً بها من جانب السلطات الصحية الدولية والأمريكية؛ في إشارة إلى أن منظمة الصحة العالمية لم تصادق على لقاح سبوتنيك-في الروسي.
ومؤيدا للموقف الروسي في رفض الوصاية الأمريكية، أكد الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو أنه سيأتي حتى لو لم يكن ملقحا.
التصريح الشرفي المنقذ
أمام هذا الضغط وفي ظل عزوف عن الحضور إلى اجتماعاتها من قبل دول عديدة، تراجعت إدارة الأمم المتحدة عن قرارها؛ حيث أوضح الأمين العام أنطونيو جوتيريش أنه لا يملك سلطة فرض إلزامية التلقيح.
وتبعه رئيس الجمعية العامة بإصدار توجيه جديد للدول الأعضاء يوضح أن نظام "التصريح الشرفي" لا يزال سارياً؛ غير أن قيودا صحية صارمة ستكون متبعة، بما في ذلك وضع الكمامات والالتزام بالتباعد الاجتماعي مع حضور سبعة أشخاص كحدّ أقصى من كل وفد إلى مقرّ الأمم المتحدة.