الجمعية العامة للأمم المتحدة.. نار أوكرانيا تنضج "أجندة" الجنوب
بينما يتسع الصدع بين روسيا والصين من جانب والولايات المتحدة وأوروبا من جانب آخر، تنعقد أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
الاستقطاب العالمي الجديد القديم يفرض قواعد المنافسة على الظفر بدعم الدول النامية في لعبة النفوذ على الخريطة الدولية.
وستكون العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا موضع تركيز من جديد في التجمع السنوي في نيويورك الذي سيحضره الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي شخصيا للمرة الأولى منذ بدء الصراع.
كما تتصدر جدول أعمال الاجتماعات هذا العام مخاوف نصف الكرة الأرضية الجنوبي. ويأتي التركيز على هذا الأمر لحد ما كانعكاس لتزايد اهتمام دول الغرب بالدول النامية لضمان دعمها في مساعي عزل روسيا.
وسينصب التركيز في عدة اجتماعات عالية المستوى خلال انعقاد الجمعية العامة على أولويات الدول النامية في أفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا، وهي موضوعات المناخ والصحة والتمويلات التنموية وكيفية وضع "أهداف التنمية المستدامة" على المسار الصحيح.
وبينما وسعت روسيا والصين من شراكتها في تجمع بريكس الاقتصادي، وضعت الاقتصاديات العشرين الكبرى مقعدا دائما للاتحاد الأفريقي في تجمعها الأخير بالهند، الأمر الذي يعزز الشعور باشتعال الصراع على النفوذ.
وقال ريتشارد غووان مدير مجموعة الأزمات الدولية التابعة للأمم المتحدة "هذا عام وضعت فيه دول نصف الكرة الأرضية الجنوبي جدول الأعمال".
وتابع "اغتنمت الدول غير الغربية هذه اللحظة بفعالية شديدة". وأضاف "أعتقد أنها اغتنمت حقيقة أنها تعلم أن الولايات المتحدة من جانب وروسيا من الجانب الآخر تريد الظفر بتأييدها".
آثار جانبية
والأزمة الأوكرانية ليست إلا أحد الأسباب للتركيز على الدول النامية.
فعلى مدى العقد الماضي، ضخت الصين قروضا بمئات المليارات من الدولارات لمشروعات البنية التحتية الملحة في إطار مبادرتها الحزام والطريق التي تعرضت لانتقادات بسبب إثقالها كاهل دول كثيرة بديون هائلة.
وبدأت الولايات المتحدة وحلفاؤها مؤخرا محاولات للتصدي لنفوذ الصين المتنامي بتعهدهم بتقديم أموال في صورة مساعدات تنموية ومناخية.
وقبل اجتماعات نيويورك، أقر دبلوماسيون بتركيزهم على الدول النامية، لكنهم نفوا التلميحات إلى أن التنافس له دور في ذلك.
ووصفت ليندا توماس-جرينفيلد سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة تجمع الجمعية العامة بأنه فرصة للدول الصغيرة "لعرض أولوياتها علينا" وأنها لا تنظر إلى الأمر "بوصفه منافسة بين القوى العظمى".
وقال سفير الصين لدى الأمم المتحدة تشانغ جون لرويترز إن بكين "لا نية لديها للتنافس مع الآخرين" وإن البلاد، مع تحسن أوضاعها، "مستعدة لفعل المزيد في المقابل للدول النامية، لكننا لا نتنافس".
كما أكد سفير روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا لرويترز أن موسكو "لا تحاول استمالة أحد".
وأضاف "نحن ما نحن عليه فحسب ولن نجعل صداقتنا مع أحد مشروطة بأن يقفوا في صفنا ويفعلوا ما نريد، على خلاف بعض زملائنا هنا ممن يلوون الأذرع".
الاستعراض الكبير
ومن المتوقع أن يلقي زيلينسكي خطابا أمام الجمعية العام يوم الثلاثاء المقبل وأن يتحدث في اجتماع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم الأربعاء، وهو اجتماع قد يجلسه على الطاولة نفسها مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف.
وتوقع نيبينزيا أن يكون اجتماع المجلس المخطط له "استعراضا كبيرا".
وحذر دبلوماسي أوروبي كبير طلب عدم ذكر اسمه من أن التوتر الجيوسياسي ربما يثني مزيدا من الدول النامية عن الاقتراب من الجهود التي يقودها الغرب ويدفع بها نحو مجموعة بريكس أملا في "تلبية بعض مصالح الدول النامية بشكل أفضل". وتتكون مجموعة بريكس من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا.
وقال دبلوماسي أفريقي طلب عدم ذكر اسمه إن الأمم المتحدة غير قادرة "على أن تظهر للشباب الأفارقة أن تلهفهم للحصول على فرص عمل يمكن حله بالديمقراطية لا بالجنود".
وأضاف "إن لم يقف أحد معهم، فستكون بريكس، أيا كان ما تعرضه، جذابة".