الديمقراطيات المتراجعة.. أمريكا في ذيل القائمة لأول مرة
أضحت الولايات المتحدة في ذيل الديمقراطيات المتراجعة، لأول مرة في تاريخها، بعد ممارسات شهدتها أقوى دولة في العالم خلال العامين الأخيرين.
وصنف تقرير مرجعي حول الديمقراطيات في العالم، نشر اليوم الإثنين الولايات المتحدة للمرة الأولى ضمن قائمة "الأنظمة الديمقراطية المتراجعة" بسبب التدهور المسجل في النصف الثاني من ولاية دونالد ترامب.
وذكر International IDEA (المعهد الدولي للديمقراطية ومساعدات الانتخابات) ومقره ستوكهولم، على الخصوص "المنعطف التاريخي" الذي شكلته احتجاجات دونالد ترامب على نتائج الاقتراع الرئاسي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020 و"التراجع في نوعية حرية التجمع خلال الاحتجاجات في صيف العام 2020" إثر مقتل جورج فلويد على يد الشرطة الأمريكية.
وقال ألكسندر هادسن أحد معدي الدراسة في تصريح لوكالة "فرانس برس": "صنفنا الولايات المتحدة في فئة الديموقراطيات المتراجعة، للمرة الأولى هذه السنة، إلا أن بياناتنا تشير إلى أن مرحلة التراجع بدأت في العام 2019 على أقرب تقدير".
غير أن هادسن استدرك بالقول إن الولايات المتحدة "لا تزال ديمقراطية عالية الأداء"، مشددا على أن التراجع المسجل مرتبط بانخفاض مؤشرات البلاد في ما يتعلق بـ"الحريات المدنية والإشراف على عمل الحكومة".
تجربة نصف قرن
ويقيم المعهد الدولي المؤشرات الديموقراطية منذ نصف قرن تقريبا، وتتابع الوضع في غالبية دول العالم؛ أي حوالى 160 بلدا، وهي تصنف البلدان في ثلاث فئات: الأنظمة الديموقراطية (ومن بينها الديموقراطيات المتراجعة) والأنظمة "الهجينة" و الأنظمة الاستبدادية.
وقال الأمين العام للمعهد كيفن كاساس-زامورا لوكالة "فرانس برس" إن "التدهور الواضح للديموقراطية في الولايات المتحدة كما يشهد الميل المتزايد للاحتجاج على نتائج انتخابات ذات صدقية، والجهود لإلغاء المشاركة والاستقطاب الجامح (..) هي أكثر التطورات المثيرة للقلق بشأن الديموقراطية على الصعيد العالمي".
وكانت قائمة الديموقراطيات المتراجعة تضم في الأساس الهند والبرازيل والفيليبين ودولتين من الاتحاد الأوروبي هما بولندا والمجر. وقد أدرجت دولة أوروبية ثالثة هذه السنة وهي سلوفينيا، إلى جانب الولايات المتحدة.
وباتت فئة "الديموقراطيات المتراجعة" تضم سبع دول وقد تضاعف هذا العدد في غضون عقد من الزمن تقريبا.
وخرجت دولتان كانتا في هذه الفئة العام الماضي هما أوكرانيا ومقدونيا الشمالية؛ لأن الوضع تحسن فيهما. وقد استبعدت دولتان أخريان منها هما مالي وصربيا لأن البلدين خسرا صفة الديموقراطية.
وللسنة الخامسة على التوالي في 2020 تجاوز عدد البلدان المتجهة نحو نظام استبدادي عدد تلك السالكة طريق الديموقراطية. وهذا الوضع غير مسبوق منذ بدء المنظمة جمع البيانات في سبعينات القرن الماضي ويتوقع أن يتواصل خلال 2021.
وعلى الصعيد العالمي، بات أكثر من ربع سكان العالم يعيشون في ظل ديموقراطية متراجعة، في وقت ترتفع النسبة إلى 70 % مع إضافة الأنظمة الاستبدادية وتلك "الهجينة" مع ميل إلى التدهور الديموقراطي المتواصل دونما هوادة منذ العام 2016 على ما جاء في التقرير السنوي لمنظمة International IDEA.
وستخسر بورما تصنيفها على أنها نظام ديموقراطي لتنتقل إلى فئة الأنظمة الاستبدادية فيما ستنتقل أفغانستان ومالي من فئة الأنظمة الهجينة إلى تلك الخاصة بالأنظمة الاستبدادية.
توقعات
وعلى صعيد 2021، تفيد توقعات International IDEA الموقتة عن وجود 98 دولة ديموقراطية وهو العدد الأدنى منذ سنوات عدة و20 نظاما "هجينا" من بينها روسيا والمغرب وتركيا، و47 استبداديا تشمل الصين وأثيوبيا وإيران.
وأكد كاساس-زامورا أنه من خلال احتساب الديموقراطيات المتراجعة والأنظمة الهجينة والاستبدادية يتبين أنها تضم "70 % من سكان العالم. وهذا مؤشر واضح إلى أن تطورات خطرة تحصل على صعيد جودة الأنظمة الديموقراطية".
من جهة أخرى أكد International IDEA خلاصاتها للعام الماضي، ومفادها أن أكثر من ست دول من كل عشر اتخذت إجراءات تطرح مشاكل على صعيد حقوق الإنسان واحترام القواعد الديمقراطية، في مواجهة كوفيد-19 لأنها "كانت غير قانونية وغير متناسبة وغير محدودة زمنيا أو لا لزوم لها".