فصل 1500 أستاذ.. حملة قمع بجامعة إيرانية لأسباب مجهولة
حملة فصل الأساتذة والنخب من الجامعات الإيرانية، ليست بالظاهرة الجديدة في البلاد، بل قد شهدت إيران ما بعد الثورة عام 1979 حملة مشابهة، وتكرر ذلك في عهد الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد خلال رئاسته للبلاد لمدة ثماني سنوات.
وفي أحدث حملة كشفت عنها وسائل إعلام إيرانية معارضة، اليوم السبت، عن صدور قرار من رئاسة جامعة "آزاد الإسلامية" التي يشرف عليها علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي للشؤون الدولية، بفصل 1500 أستاذ جامعي.
وقالت قناة "إيران إنترناشيونال" المعارضة في تقرير لها اطلعت عليه مراسلة "العين الإخبارية"، إنها "حصلت على وثائق تؤكد صدور قرار من رئاسة جامعة آزاد الإسلامية بفصل 1500 أستاذ من مختلف فروع الجامعة بإيران".
وأشار التقرير إلى أن الوثائق ذاتها كشفت عن فصل 40 أستاذاً فقط في محافظة كردستان غرب إيران، كما أن فصل الأساتذة في المحافظات التي تعيش فيها الأقليات الدينية والعرقية كانت أشد قسوة.
ووفق الوثائق فإنه "طُلب أيضًا من الأساتذة الجدد في جامعة آزاد التوقيع على التزام لمدة عام للجامعة حتى لا يكون لديهم الحق في الاعتراض أو رفع دعوى إذا لم يتم تجديد عقدهم"، مضيفة أنه "في الأسابيع الأخيرة، اشتدت عمليات طرد الأساتذة من مختلف الجامعات الإيرانية".
قبل أسبوعين قامت عدد من الجامعات بفصل أساتذة متخصصين، من بينها إقالة محمد فاضلي أستاذ علم الاجتماع بجامعة بهشتي، وأرش أبا ذري الأستاذ بقسم فلسفة العلوم بجامعة الشريف للتكنولوجيا، ورضا عميدي عضو هيئة تدريس بقسم التنمية الاجتماعية والسياسة في الجامعة ذاتها.
وكان الرئيس السابق لهيئة التوظيف بجامعة "آزاد الإسلامية"، قد أفاد في سبتمبر/أيلول، في خطاب استقالته "بأنه تمت إحالة حوالي 1800 شخص إلى السلطات للحصول على تعويضات إنهاء الخدمة، وتم التخلي عن 325 شخصًا من أساتذة الجامعة".
وصول رئيسي للسلطة
وتجاهل مسؤولون في وزارة العلوم الإيرانية الانتقادات، مؤكدين "استقلالية" لجان الاستقدام، ووصفوا إقالة الأساتذة بـ"الإدارية" أو "العلمية".
فيما يرى عدد من الأساتذة والناشطين الإصلاحيين في إيران، أن زيادة عمليات إقالة الأساتذة هي تطهير سياسي إضافي للأوساط الأكاديمية تسارعت منذ أن تولى إبراهيم رئيسي منصبه في أغسطس/آب الماضي، فيما يشير آخرون إلى انخفاض عدد المتقدمين لجامعة آزاد الإسلامية بشكل عام بسبب الأزمة الاقتصادية الحالية والتضخم المرتفع الذي أدى إلى إفقار الطبقات الوسطى.
وكان طرد الأساتذة من الجامعات الإيرانية لأغراض سياسية وأيديولوجية غير مسبوق في العقود الأربعة الماضية منذ قيام ثورة 1979.
وكانت الثورة الثقافية التي يسميها النظام من 1980 إلى 1983 مثالاً بارزًا، حيث تم فصل المئات من أساتذة الجامعات والطلاب.
وبالإضافة إلى ذلك، خلال ولايتي محمود أحمدي نجاد في المنصب، تكثف طرد الطلاب والأساتذة بشكل كبير، وتم عزل العديد من الشخصيات الأكاديمية لأسباب سياسية.
وأثارت حالات إقالة أساتذة في الآونة الأخيرة في الأسابيع الأخيرة شائعات عن تكرار نفس السياسة في حكومة إبراهيم رئيسي.
وتعد الجامعة الإسلامية الحرة أكبر الجامعات في إيران ومركزها عاصمة طهران، ولديها فروع في أغلب المدن الإيرانية، ولديها فروع في بعض الدول، وأسسها رجل الدين المعتدل الراحل علي أكبر هاشمي رفسنجاني عام 1982، لكن في السنوات الأخيرة هيمن عليها التيار المتشدد.
حملة قمعية
وأصدر العشرات من أساتذة الجامعات والنخب حول العالم رسائل وصفوا فيها عملية طرد الأساتذة من الجامعات الإيرانية بأنها علامة على "القمع المكثف" ودعوا إلى العودة "غير المشروطة" للأساتذة المطرودين.
وتأتي الرسالة بعد أن أثارت تقارير عن إقالة ثلاث شخصيات أكاديمية بارزة على الأقل في إيران جدلاً في الأسابيع الأخيرة.
وورد في خطاب احتجاج وقع عليه 105 أساتذة ونخب إيرانيين في بعض المراكز الجامعية المرموقة في جميع أنحاء العالم أنه "في ضوء الخلفية العلمية للأساتذة المطرودين، لا يمكن تبرير إجراءات الطرد هذه لأسباب علمية".
وأضاف بيان النخب العلمية الإيرانية بالخارج أن "السياسة تنبع من عدم التسامح وعدم احترام الحرية الأكاديمية ما يؤدي إلى إنهاء عملهم دون مبرر"، دون ذكر أسماء الأساتذة المفصولين.
ومن بين الموقعين على هذه الرسالة شخصيات أكاديمية معروفة مثل عباس ميلاني، كاظم عمداري، آزار نفيسي، محمد علي همايون كاتوزيان، عباس أمانات، رامين جهان بيجلو، آزاده كيان، فاطمة هاجيجاتجو ومحسن كديور.
وفي الجزء الأخير من الرسالة، أعربوا عن قلقهم إزاء الاتجاه المتزايد لـ"هجرة الأدمغة" و"تقليص الكادر العلمي المتمرس" في الجامعات الإيرانية، قائلين إن الوضع الحالي يرجع إلى "ضغط سياسات الأذواق الحاكمة في المجتمع".
وحث البيان السلطات الحاكمة في إيران على رفع القيود المفروضة على أستاذة الجامعات والنخب العلمية في البلاد، مشيراً إلى أن "الفصل السياسي للأساتذة ظاهرة متكررة في إيران المعاصرة، خاصة في السنوات الأخيرة".
وفي سياق آخر، أفاد النائب السابق والقيادي في التيار الإصلاحي في وقت سابق، بصدور تعميم جديد من المجلس الأعلى للثورة الثقافية (تابعة للمرشد خامنئي)، يفيد بموجبه بمراجعة "المؤهلات العلمية والعامة" لأساتذة الجامعات، فضلاً عن تغيير وضع عقودهم.