من طرف شرعي إلى مطارد.. هل تعليق تمويل «الأونروا» مقدمة لإنهائها؟
من الجهة الأكبر التي تعامل معها المجتمع الدولي خلال الحرب على غزة، إلى تلك التي بات الجميع يقطع علاقاته معها، تحول كبير في وجهة النظر الدولية إلى وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
تلك الوكالة تعامل المجتمع الدولي معها باعتبارها طرفًا شرعيًا، بعد أن حددت الحكومة الإسرائيلية إنهاء حكم حركة "حماس" في غزة كأحد أهداف الحرب وفي غياب وجود للسلطة الفلسطينية.
إلا أنه بعد هجمات حماس، باتت إسرائيل تريد ليس فقط تعليق التمويل وإنما إنهاء عمل الوكالة بشكل كامل، فقد قال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس في بيان اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه: "الأونروا ليست الحل – فالعديد من موظفيها ينتمون إلى حماس ويحملون أيديولوجيات قاتلة، ويساعدون في الأنشطة الإرهابية ويحافظون على سلطتها".
وأضاف: "وتحت قيادتي، تهدف وزارة الخارجية إلى تعزيز سياسة تضمن أن الأونروا لن تكون جزءا من اليوم التالي (للحرب عل غزة)، ومعالجة العوامل المساهمة الأخرى".
وتابع كاتس: "وسوف نعمل على حشد الدعم الحزبي في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى على مستوى العالم لهذه السياسة التي تهدف إلى وقف أنشطة الأونروا في غزة".
ويقول الإحصاء الفلسطيني إن حوالي 64% من سكان قطاع غزة هم من اللاجئين، إلا أن الحرب زادت بشكل كبير من أعداد الفلسطينيين الذين يعتمدون على الوكالة.
ويقول المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني في بيان اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، إن "أكثر من مليوني شخص في غزة يعتمدون على الأونروا من أجل البقاء على قيد الحياة مع استمرار الحرب والنزوح"، محذرًا من أنه بقرار 9 دول تعليق مساعداتها مؤقتا للوكالة الأممية فإن "مساعدات الأونروا المنقذة للحياة قد تنتهي".
فما هي الدول التي علقت مساعداتها؟
خلال يوم أمس، أعلنت 9 من الدول تعليق مساعداتها إلى الأونروا، وهي: الولايات المتحدة الأمريكية، ألمانيا، سويسرا، كندا، هولندا، بريطانيا، إيطاليا، أستراليا، فنلندا.
كم تبلغ مساهماتها في ميزانية الأونروا؟
وتعتبر الدول التي قررت تعليق مساعداتها من أكبر الدول المساهمة في ميزانية الوكالة؛ فبحسب ما اطلعت عليه "العين الإخبارية" في ميزانية الوكالة للعام 2022، فإن الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر المانح الأكبر لميزانية الوكالة بقيمة 344 مليون دولار سنويا، فيما ألمانيا المانح الأكبر الثاني بقيمة 202 مليون دولار.
وبحسب الميزانية، فإن سويسرا هي الثالث بقيمة 25.5 مليون دولار، وكندا الرابع بقيمة 23.7 مليون دولا، وهولندا الخامس بقيمة 21.2 مليون دولار، وبريطانيا السادس بقيمة 21.2 مليون دولار، أما إيطاليا فاحتلت المرتبة السابعة بقيمة 18 مليون دولار، وأستراليا الثامنة بقيمة 13.8 مليون دولار، فيما جاءت فنلندا في المركز التاسع بقيمة 7.8 مليون دولار.
وبذلك بلغت قيمة مساهمات الدول التي قررت تعليق مساعداتها 667.2 مليون دولار خلال العام 2022 وهو ما يزيد على مجمل باقي الدول الأخرى التي تعهدت في العام 2022 بمبلغ 507.4 مليون دولار من أصل 1.174 مليار دولار.
وتبلغ ميزانية الوكالة للعام الجاري 1.745 مليار دولار تم الإيفاء بـ777 مليون دولار منها أي بواقع 44% فيما لا زالت تعاني من عجز بقيمة 968 مليون دولار، لكن قرار الدول التسعة تعليق مساعداتها قد يعني التراجع عن بعض الالتزامات ما سيزيد من قمة العجز بشكل كبير.
ماذا قالت الأونروا عن الاتهامات الموجهة إليها؟
قالت الأونروا إن "السلطات الإسرائيلية قدمت معلومات حول المشاركة المزعومة لعدد من موظفي الأونروا في غزة في الهجمات المروعة على إسرائيل يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي".
وأعلنت أنها "اتخذت قرارا بفصل هؤلاء الموظفين فورا، وفتح تحقيق دون أي تأخير للكشف عن الحقيقة، حفاظا على قدرة الوكالة بالاستمرار بتقديم المساعدات الإنسانية"، مضيفة أن "أي مشاركة من أي موظف في الأونروا في أعمال إرهابية يعرضه للمساءلة بما في ذلك المحاكمة الجنائية".
وتابعت: "تأتي هذه الاتهامات الصادمة في وقت يعتمد فيه أكثر من مليوني شخص في غزة على المساعدات المنقذة للحياة التي تقدمها الوكالة منذ بداية الحرب. إن من يخون قيم الأمم المتحدة الأساسية فهو أيضا يخون من نقدم لهم خدماتنا في غزة والمنطقة وحول العالم".
ومع ذلك، قال فيليب لازاريني، المفوض العام للأونروا، في بيان تلقته "العين الإخبارية": "إنه لأمر صادم أن نرى تعليق تمويل الوكالة كرد فعل على الادعاءات ضد مجموعة صغيرة من الموظفين، خاصة بالنظر إلى الإجراء الفوري الذي اتخذته الأونروا والمتمثل في إنهاء عقودهم والطلب بإجراء تحقيق مستقل وشفاف".