تخصيب اليورانيوم بإيران مرتفع.. قلق وتحذير من مستوى السلاح النووي
رغم ضغوط الأمم المتحدة فإن «إيران تواصل تخصيب اليورانيوم بما يتجاوز بكثير احتياجات الاستخدام النووي التجاري، وسط إشارات بأنه صار لديها كل العناصر اللازمة لصنع سلاح نووي».
هذا ما أكده المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي يوم الإثنين، مشيرًا إلى أنه يريد زيارة طهران الشهر المقبل للمرة الأولى منذ عام لإنهاء حالة التباعد في المواقف.
وفي حديثه لـ«رويترز» بعد أن أطلع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي على هذا الموضوع، قال مدير عام الوكالة التابعة للأمم المتحدة إنه على الرغم من أن وتيرة تخصيب اليورانيوم تباطأت قليلا منذ نهاية العام الماضي، فإن إيران لا تزال تقوم بالتخصيب بمعدل مرتفع يبلغ حوالي سبعة كيلوغرامات من اليورانيوم شهريا بنسبة نقاء 60%.
والتخصيب بنسبة 60% يجعل اليورانيوم قريبا من درجة صنع الأسلحة، وهو ليس ضروريا للاستخدام التجاري في إنتاج الطاقة النووية. وتنفي إيران سعيها للحصول على أسلحة نووية لكن لم تقم أي دولة أخرى بالتخصيب إلى هذا المستوى دون إنتاجها.
وبموجب اتفاق عام 2015 مع القوى العالمية، والذي لم يعد ساريا، كان على إيران تخصيب اليورانيوم بنسبة 3.67% فقط. وبعد أن انسحب الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب الولايات المتحدة من هذا الاتفاق في عام 2018 وأعاد فرض العقوبات على طهران، انتهكت إيران القيود النووية للاتفاق وتجاوزتها.
وذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في وقت سابق أن إيران أبطأت في الفترة بين يونيو/حزيران ونوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي وتيرة تخصيب اليورانيوم إلى ثلاثة كيلوغرامات شهريا، لكنها قفزت مرة أخرى إلى معدل تسعة كيلوغرامات في نهاية العام.
جاءت هذه الزيادة بعد وقت قصير من منع طهران ثلث فريق التفتيش الأساسي التابع للوكالة، ومنهم كبار الخبراء، من المشاركة في المراقبة المتفق عليها لعملية التخصيب.
وقال غروسي: «دورة التباطؤ والتسريع تلك بالنسبة لي لا تغير الاتجاه الأساسي، وهو اتجاه الزيادة المستمرة في مخزون اليورانيوم عالي التخصيب».
ولم يتسن حتى الآن الاتصال بمتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية للتعليق.
وحذرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في نهاية عام 2023 من أن طهران لديها بالفعل ما يكفي من المواد لصنع ثلاث قنابل نووية إذا خصبت اليورانيوم إلى أكثر من 60%.
سلاح نووي؟
وقال غروسي: «هناك خطاب مقلق، ربما سمعتم مسؤولين كباراً في إيران يقولون إنه صار لديهم في الآونة الأخيرة كل العناصر اللازمة لصنع سلاح نووي».
وأضاف أن القلق تزايد بسبب ما وصفه بالظروف الحالية في الشرق الأوسط، في إشارة إلى التوتر الناجم عن الحرب التي تخوضها إسرائيل في غزة مع حركة حماس المدعومة من إيران.
وتابع قائلا: «يبدو أننا نتباعد.. تقول إيران إنها لا تحصل على حوافز من الغرب، لكنني أجد أن فهم هذا المنطق معقد جدا لأنه ينبغي عليهم العمل معنا.. ويجب ألا يكون ذلك مشروطا بأي حوافز سواء اقتصادية أو غير ذلك».
وقبل زيارة طهران، من المقرر أن يتوجه غروسي إلى موسكو للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لبحث ملفات إيران والشرق الأوسط وأوكرانيا.
وروسيا هي إحدى الدول الموقعة على الاتفاق النووي لعام 2015، المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، إلى جانب الولايات المتحدة والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا. وأتاح ذلك الاتفاق رفع العقوبات المفروضة على إيران مقابل فرض قيود على أنشطتها النووية.
وقال غروسي: «لروسيا دور تلعبه بشأن إيران. لقد لعبت في الماضي دور الدولة الطرف في خطة العمل الشاملة المشتركة (لكن) في الظروف الحالية، ومع تفكك الاتفاق النووي، يجب أن يملأ شيء ما هذا الفراغ».
أوكرانيا
وبحسب المسؤول الدولي، فإن العمليات العسكرية شهدت تراجعا في محيط محطة زابوريجيا للطاقة النووية التي تسيطر عليها روسيا في أوكرانيا، وهي أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا.
وكانت المخاوف من وقوع حادث نووي خطير مرتفعة عندما سيطرت القوات الروسية على المنشأة في عام 2022، ومرة أخرى بعد تدمير سد كاخوفكا العام الماضي.
ومضى غروسي يقول: «لا توجد هناك عسكرة، ولم يتم نشر أي مدفعية ثقيلة»، مضيفا أن مناطق القتال القريبة والانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي لا يزالان مصدر قلق (..) يوجد الحد الأدنى من الموظفين اللازمين لتسيير شؤون المحطة في الوضع الحالي».
وأضاف أن الحد الأدنى من الموظفين لا يزال كافيا على الرغم من رفض نحو 100 موظف توقيع عقود جديدة مع شركة روساتوم الروسية التي سيطرت على عمليات المحطة المتوقفة في عام 2022.
عقوبات على روساتوم
ويحجم الاتحاد الأوروبي حتى الآن عن فرض عقوبات على شركة روساتوم النووية المملوكة للدولة الروسية أو أي من الشركات التابعة لها على الرغم من الدعوات العديدة لاستهدافها. ولا تزال أوروبا تعتمد بشكل كبير على شركة روساتوم التي تزود العالم بحوالي 50% من اليورانيوم المخصب.
وقال غروسي: «الكثير من الشركات في الغرب تعتمد على الإمدادات الروسية سواء من اليورانيوم المخصب أو الوقود.. التوافق على فرض عقوبات على روساتوم لن يكون واقعيا وهو غير عملي (أيضا) وسيؤدي إلى توقف الصناعة النووية في الكثير من البلدان».
وأضاف أن تقليل الاعتماد على القطاع النووي الروسي سيكلف أوروبا المليارات وأنه لا يرى أي بديل فوري. وأشار إلى أن القضية الأكبر هي البنية التحتية والحوافز وتوقعات ارتفاع الطلب على اليورانيوم على مستوى العالم.
وقال: «بصراحة، أرى وجودا متزايدا، وليس تراجعا، لقدرات تخصيب اليورانيوم الروسية في العالم».
aXA6IDE4LjExOC4xNTQuMjM3IA==
جزيرة ام اند امز