حاملات الطائرات.. بين القوة العسكرية والتكلفة الاقتصادية
أصبح سباق حاملات الطائرات عالمياً محوراً واضحاً للصراع على النفوذ البحري، إلا أن تكلفة هذه المشاريع لا تقل أهمية عن حجمها العسكري.
وقال تقرير نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية إن الصين أطلقت حاملة الطائرات فوجيان بوزن 80 ألف طن وطول يزيد على 300 متر، قادرة على حمل نحو 60 طائرة، بتكلفة 5.4 مليار جنيه استرليني (7.1 مليار دولار). ويعكس هذا الاستثمار رغبة بكين في تعزيز حضورها العالمي وقدرتها على ممارسة النفوذ، مع رفع ترتيب البحرية الصينية إلى المرتبة الثانية عالميًا بعد الولايات المتحدة.
من جهتها، تمتلك الولايات المتحدة حاملة الطائرات USS Gerald R Ford، الأكبر والأغلى في العالم بتكلفة 12.8 مليار دولار، وتحمل 70 طائرة وتستطيع تنفيذ 125 طلعة جوية في الذروة. السفينة مصحوبة بأربع مدمرات، وتستخدم كمؤشر على القوة، كما جرى توجيهها نحو فنزويلا لإظهار النفوذ العسكري الأمريكي.
أما المملكة المتحدة، فقد أنجزت قبل أربع سنوات بناء حاملتي طائرات بقيمة إجمالية بلغت 6.2 مليار جنيه استرليني (8.2 مليار دولار)، لكنها لم تلجأ لاستخدامهما في النزاعات الأخيرة في الشرق الأوسط، واكتفى الجيش البريطاني باستغلالهما لأغراض دبلوماسية وزيادة التوظيف المحلي في قطاع البناء البحري.
الاستثمارات العسكرية
ويظهر التقرير أن الاستثمار في حاملات الطائرات ليس مجرد مسألة عسكرية، بل يمثل جزءًا من استراتيجية اقتصادية وسياسية؛ إذ أن تكاليف بناء السفن الفائقة تتضمن ليس فقط المواد والهياكل، بل أيضًا التجهيزات التقنية والقدرة على استيعاب طائرات حديثة. ورغم ذلك، تشير تجارب مثل الهجمات التي نفذها الحوثيون على USS Harry S Truman باستخدام الطائرات المسيّرة في البحر الأحمر، إلى أن الخسائر الاقتصادية المحتملة يمكن أن تكون محدودة نسبيًا، إذ لم تتضرر سوى طائرة واحدة بقيمة 70 مليون دولار.
وتوضح البيانات الواردة في التقرير أيضًا أن حاملات الطائرات تحتاج إلى دعم مستمر عبر مدمرات وسفن مساندة، ما يزيد من تكاليف الصيانة والتشغيل.
ورغم الحجم الكبير، تبقى مرونتها الاقتصادية محدودة إذا ما قورنت بأساليب هجومية جديدة، كما ظهر في تجربة أوكرانيا في البحر الأسود، حيث استطاعت بحرية صغيرة نسبيًا إلحاق ضرر كبير بأسطول روسي أقل تجهيزًا.
وفي حين تؤكد الأرقام الواردة أن حاملات الطائرات ليست مجرد رموز للقوة، بل أدوات استثمار ضخمة ترتبط بتأثيرها العسكري والدبلوماسي، تطرح تساؤلات حول التوازن بين التكلفة العالية والفائدة الاقتصادية والعسكرية، خاصة في ظل تهديدات تكنولوجية جديدة قد تقلل من فعاليتها التكتيكية المباشرة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTU0IA== جزيرة ام اند امز