الأمن أم الاقتصاد.. الصين عند مفترق طرق
تقف الصين اليوم عند مفترق طرق للاختيار بين أولويات عالم متغير، حائرة بين وضع الأمن على قمة سلم الاهتمامات أم الاقتصاد.
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن الصين شرعت هذا العام في جذب المستثمرين الأجانب وتحقيق الاستقرار في علاقتها مع الغرب من أجل إنعاش اقتصادها المتباطئ.
لكن تصطدم هذه الأهداف مع ما يعتبره الرئيس الصيني شي جين بينغ أولوية قصوى: تعزيز الأمن القومي في عالم يراه مليئا بالتهديدات.
وحذر شي من أن الصين يجب أن ترد على الحملة التي تشنها الولايات المتحدة لاحتواء وقمع صعود البلد. ومن هذا المنظور العالمي، يستخدم المنافسون الأجانب الجواسيس لإضعاف الاقتصاد الصيني، ولا تُعامل روسيا على أنها منبوذة بل شريك حيوي للحد من خطر حلف شمال الأطلسي (الناتو)، كما تعتبر المرحلة الدبلوماسية هي مساحة تأكيد النفوذ الصيني وإعادة تشكيل النظام العالمي لصالحها.
وفي الداخل، بحسب الصحيفة الأمريكية، شنت السلطات الصينية حملة على الشركات الاستشارية التي لها صلات دولية. واتهمت هيئة البث الحكومية الدول الغربية بمحاول سرقة معلومات حساسة بمجالات رئيسية بمساعدة الشركات الاستشارية التي تساعد المستثمرين على التعامل مع الحالة الغامضة للاقتصاد الصيني.
وفي الخارج، بحسب ما أشارت الصحيفة الأمريكية، كان ما عقد الجهود الصينية لتحسين العلاقات مع أوروبا تقارب بكين مع موسكو.
وخلال زيارة إلى ألمانيا هذا الأسبوع، رفض وزير الخارجية الصيني تشين قانغ الانتقادات القائلة إن بكين لا تبذل جهودا كافية لإنهاء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا. كما حذر من أن الصين سترد إذا قرر الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على الشركات الصينية المتهمة بتزويد روسيا بتكنولوجيا لجيشها.
ولفتت "نيويورك تايمز" إلى أن النهج الاستعراضي للصين أثار مخاوف أيضًا في كندا؛ إذ اتهمت الحكومة دبلوماسيا صينيا بالترهيب وجمع معلومات عن مشرع كندي كان ينتقد الصين.
وبعدما أمرت أوتاوا المسؤول الصيني بالمغادرة، طردت بكين دبلوماسي كندي في شنغهاي في إطار المعاملة بالمثل.
وقال أستاذ الدراسات الآسيوية بجامعة جورجتاون إيفان ميديروس: "قدرة الصين على إدارة مصالح متعددة ومتنافسة، محلية وعالمية، يصبح تحديا حاسما لشي."
وفي حين هذا ليس بالأمر الجديد، بحسب ميديروس، أصبح الأمر أشد وطأة مع صعوبة التعافي الاقتصادي الصيني بسبب تباطؤ نمو الصادرات وارتفاع معدلات البطالة.
وقال ميديروس: "يبدو أن شيء يعتقد أنه يمكنهم إثبات أنفسهم وجذب الدول الأخرى، معتمدا على قوة جاذبية اقتصادهم والإحباط العالمي من القوة الأمريكية. وهذه رهانات كبيرة."
لكن، بحسب "نيويورك تايمز"، حيرت الحملة ضد الشركات الاستشارية المراقبين بالنظر إلى التأكيدات الصينية الأخيرة بأنها تفتح أبوابها أمام الشركات مجددا بعد ثلاثة أعوام من القيود الصارمة المتعلقة بكوفيد.
لكن يبدو أن قدرة الشركات على الوصول إلى بيانات بشأن الصناعات الصينية، وبينها الدفاع والمالية والعلوم، أثارت قلق أجهزة الأمن بالبلد.
وكان الرئيس الصيني قد أوضح خلال الاجتماع التشريعي السنوي في مارس/آذار أنه يعطي الأولوية للأمن، واصفا إياه بـ"أساس التنمية".
وقال الزميل الأقدم بمعهد بروكنغز ريان هاس: "الرئيس شي أوضح تماما أن الأمن يتفوق على التنمية"، مشيرا إلى أنه "حتى إذا تطلب الأمر شن حملة على بعض الشركات الاستشارية وتخويف رأس المال الأجنبية في غضون ذلك، إذا فإنه ثمن يبدو أنه مستعد لدفعه."
وفي النهاية، تراهن بكين على أن القدرة على الوصول إلى السوق الصيني المتوسع هو ببساطة مغري أكثر للشركات الأجنبية والحكومات مما يمكن التخلي عنه.
aXA6IDE4LjE5MC4xNzYuMTc2IA== جزيرة ام اند امز