الانتخابات الأمريكية واستطلاعات الرأي.. كيف يعمل «مفتاح الفوز»؟
لو كان القائمون على استطلاعات الرأي السياسية أطباء، لكان من الممكن أن تتم إحالة أعداد كبيرة منهم للمجالس التأديبية الطبية بسبب خطئهم في تشخيص مرضاهم.
فأداء العديد من منظمي استطلاعات الرأي في الولايات المتحدة، تصفه وسائل إعلام أمريكية، بأنه كان "سيئا" في الانتخابات الثلاث الأخيرة.
إذ بالغ هؤلاء في دعم الديمقراطيين في السباقين الرئاسيين لعامي 2016 و2020، وقاموا بتضخيم قوة الجمهوريين في الانتخابات النصفية للكونغرس في عام 2022.
- الانتخابات الأمريكية.. ماذا لو حدثت مفاجآت بـ«الأمتار الأخيرة»؟
- الانتخابات الأمريكية 2024.. دليلك الكامل للمكتب البيضاوي
ومع ذلك، وفي خضم توتر آخر في البيت الأبيض قبل الانتخابات المقبلة المقررة في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني القادم، فإنهم يقدمون مرة أخرى تنبؤات واثقة، وإن كانت متغيرة، بشأن النتيجة.
مشاكل الاستطلاعات السياسية
أدت هيمنة الهواتف المحمولة وبرامج تحديد هوية المتصل على الخطوط الأرضية إلى انخفاض ما يسميه الإحصائيون "معدل الاستجابة"، بحسب تقرير طالعته "العين الإخبارية" في صحيفة "بوسطن غلوب" اليومية الأمريكية.
وقبل جيل مضى، كان عدد قليل من الأمريكيين يسمحون لهواتفهم بالرنين دون الرد.
لكن الآن لا يتم الرد على العديد من المكالمات لأنهم يتجاهلون الأرقام غير المعروفة. الأمر الذي يدفع منظمي استطلاعات الرأي على القيام بإجراء آلاف المكالمات الإضافية للوصول إلى عدد كافٍ من المشاركين، مما يزيد من تكاليفهم ويضيف الضغوط لتقليص أحجام عيناتهم.
علاوة على ذلك، فإن الأشخاص الذين يجيبون يكونون أكبر سنا من إجمالي الناخبين، مما يزيد من صعوبة جمع مجموعة استطلاع تمثل بدقة التركيبة السكانية المعقدة والمتغيرة في البلاد.
وتقول الصحيفة إن الضغوط المالية على المؤسسات الإخبارية أدت إلى زيادة الحاجة إلى القراء الرقميين، مما أدى إلى ظهور تقارير انتخابية لا تعدو كونها مجرد طُعم للنقر.
وتشير إلى أن استطلاعات الرأي لها مشاكلها الخاصة. فعلى سبيل المثال: بعد أن ألغت المحكمة العليا الحق الدستوري في الإجهاض عام 2022، توقع العديد من مذيعي الأخبار والمراسلين أن يكون للحكم تأثير انتخابي ضئيل.
واستشهدوا باستطلاعات قديمة أظهرت أن أغلبية الناخبين صنفوا الاقتصاد والرعاية الصحية والجريمة وغيرها من الاهتمامات قبل الحقوق الإنجابية.
ومع ذلك، فشلت تلك الاستطلاعات في قياس مدى حدة الغضب الذي قد يثيره حكم المحكمة العليا بين عشرات النساء، اللاتي أثبت إقبالهن المتزايد في الانتخابات اللاحقة أنه حاسم.
مشاكل خارجة عن السيطرة
بعض المشاكل قد تكون خارجة عن سيطرة منظمي استطلاعات الرأي السياسية. ففي عام 2016، لم يكن أحد ليتوقع أنه قبل 11 يوما فقط من الانتخابات الرئاسية، سيعلن مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي آنذاك جيمس كومي أنه أعاد فتح التحقيق في استخدام المرشحة الرئاسية الديمقراطية هيلاري كلينتون لخادم بريد إلكتروني خاص عندما كانت وزيرة للخارجية.
وكانت جميع استطلاعات الرأي تقريبا أظهرت تقدم كلينتون على دونالد ترامب، لكنها خسرت الانتخابات، وألقى الديمقراطيون باللوم على كومي في هزيمتها.
بعد تلك الانتخابات، تساءل بعض المراقبين عما إذا كانت استطلاعات الرأي في الولايات المتحدة لا تزال على مستوى مهمة إنتاج معلومات دقيقة.
لكن في المقابل، فإن منظمي استطلاعات الرأي السياسية ليسوا الوحيدين الذين غالبا ما تكون توقعاتهم خاطئة. إذ ظل الاقتصاديون يحذرون من الركود الوشيك منذ ما يقرب من عامين، ومع ذلك يستمر الاقتصاد في التباطؤ.
وأظهر الباحثون أن الاقتصاديين السابقين لم يكن لديهم سوى معدل دقة يبلغ 40% حتى عندما بدأت فترات الركود الفعلية بعد أقل من ثلاثة أشهر من توقعاتهم.
كيف تتم استطلاعات الرأي؟
وكالة رويترز للأنباء، شرحت هذه الفكرة بتطبيق الأمر على مؤسسة إيبسوس التي أجرت معها استطلاعات رأي، التي تقوم بالتالي:
- اختيار عينة تمثيلية من الأمريكيين تبلغ أعمارهم 18 عاما أو أكثر.
- اختيار المشاركين من خلال طريقة أخذ العينات القائمة على العنوان البريدي والتي تشمل جميع الأسر الأمريكية.
- يتم استطلاع رأي المشاركين عبر الإنترنت.
- يتم تزويد المستجيبين الذين ليس لديهم إمكانية الوصول إلى الإنترنت بالفعل بخدمة الإنترنت والكمبيوتر اللوحي مجانًا.
وبحسب رويترز، فإنها تجري مع إبسوس ست مرات في السنة استطلاعا لآراء ما لا يقل عن 4000 مشارك على مدار أسبوع تقريبا.
تحتوي هذه الاستطلاعات على هامش خطأ يبلغ حوالي 1.5 نقطة مئوية للعينة الكاملة، مع هامش خطأ أعلى للمجموعات الفرعية الأصغر من المشاركين.
ما هو هامش الخطأ؟
هامش الخطأ هو مصطلح إحصائي يهدف إلى التعبير عن الاختلاف المحتمل بين نتائج الاستطلاع وما ستكون عليه النتيجة إذا تم استطلاع رأي جميع السكان.
فعلى سبيل المثال، إذا وجد استطلاع تمثيلي لسكان الولايات المتحدة أن 75% من المشاركين يفضلون الآيس كريم على الكرنب ولديهم هامش خطأ قدره 3%، فهذا يعني أن ما بين 72% و78% من الأمريكيين في إجمالي السكان لديهم هذا التفضيل.
aXA6IDMuMTQ1LjU3LjUg جزيرة ام اند امز