الاتفاق التجاري بين أمريكا والاتحاد الأوروبي.. استقرار أم تحديات؟

تباين رد فعل الدول والشركات الأوروبية ما بين الارتياح والقلق اليوم الاإنين تجاه الاتفاق التجاري الإطاري الذي توصل إليه الاتحاد الأوروبي وأمريكا، وأقرت بأنه يعتبر اتفاقا غير متوازن لكنه منع حربا تجارية أكبر.
وأثار الاتفاق التجاري الإطاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي جدلاً واسعًا داخل القارة الأوروبية؛ فبينما وصفته رئيسة الوزراء الإيطالية بأنه خطوة "إيجابية"، اعتبره مسؤولون فرنسيون اتفاقاً "غير متوازن".
ورغم ترحيب ألمانيا بالاتفاق باعتباره يمنح الشركات رؤية أوضح في ظل الظروف العالمية المضطربة، إلا أنها أقرت بأن الرسوم الجمركية البالغة 15% ستشكل عبئًا إضافيًا، فيما تواصل الدول الأوروبية المطالبة بتوضيحات حول تفاصيل القطاعات المستثناة والتزامات الاستثمارات والطاقة.
وكانت الولايات المتحدة توصلت إلى اتفاق تجاري مبدئي مع الاتحاد الأوروبي، أمس الأحد. وينص الاتفاق على فرض رسوم بنسبة 15% على معظم السلع المستوردة من الاتحاد الأوروبي.
وقال مسؤول في الإدارة الأمريكية يوم الأحد إن زعماء الاتحاد الأوروبي وافقوا على فرض رسوم جمركية بنسبة 15% على بعض الواردات الأمريكية ومنها السيارات وأشباه الموصلات والأدوية.
- الأكبر على الإطلاق.. أمريكا والاتحاد الأوروبي يتوصلان لاتفاق تجاري جيد
- الاتفاق التجاري التاريخي بين أمريكا والاتحاد الأوروبي.. إليك أبرز البنود
وأضاف المسؤول أن الزعماء الأوروبيين قبلوا أيضا بأن تُبقي الولايات المتحدة على رسوم بنسبة 50% على واردات الصلب والألمنيوم، مشيرا إلى أن الاتحاد الأوروبي أبدى رغبته في مواصلة النقاش بشأن الرسوم على الصلب والألمنيوم.
واقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن يشتري الاتحاد الأوروبي ما قيمته تريليون دولار من الطاقة الأمريكية خلال فترة ولايته، لكن الاتفاق استقر عند 750 مليار دولار، وفقا للمسؤول، الذي أضاف أيضا أن الاتحاد الأوروبي وافق على فتح أسواقه أمام جميع المنتجات باستثناء عدد قليل منها.
غير أن تفاصيل كثيرة عن الاتفاق غير معروفة حتى الآن.
وكتب رئيس الوزراء البلجيكي بارت دي ويفر على منصة إكس يقول "في الوقت الذي ننتظر فيه التفاصيل الكاملة عن الاتفاق التجاري الجديد بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، هناك شيء واحد واضح، وهي إنها لحظة ارتياح وليس احتفال".
وأضاف "ستزيد الرسوم الجمركية في عدة مجالات ولا تزال هناك بعض الأسئلة الرئيسية بدون إجابة".
وكان الاتحاد الأوروبي يتمنى في البداية التوصل إلى اتفاق يلغي الرسوم الجمركية تماما.
ورحب المستشار الألماني فريدريش ميرتس بالاتفاق، وقال إنه حال دون الدخول في صراع تجاري كان سيؤثر بشدة على الاقتصاد الألماني المعتمد على التصدير وعلى قطاع السيارات المحلي الكبير.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين لصحفيين أمس الأحد إن ترامب مفاوض صعب، وإن هذا "أفضل ما تمكنا من التوصل إليه".
رحبت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني بتوصل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى اتفاق تجاري إطاري، لكنها قالت إنها ستسعى للحصول على مزيد من التفاصيل.
وقالت ميلوني لصحفيين على هامش اجتماع في أديس أبابا أمس الأحد "اعتبر أن التوصل إلى اتفاق أمر إيجابي، لكن إذا لم أطلع على التفاصيل فلن أتمكن من تقييمه بأفضل طريقة".
وإيطاليا من أكبر الدول الأوروبية المُصدرة إلى الولايات المتحدة ولديها فائض تجاري معها يزيد عن 40 مليار يورو (46.70 مليار دولار).
وحثت الحكومة الإيطالية شركاءها الأوروبيين على تجنب وقوع صدام مباشر بين الجانبين.
وقالت ميلوني في بيان إن الاتفاق "يضمن الاستقرار"، وإن نسبة 15% "مستدامة، خاصة إذا لم يتم إضافتها إلى الرسوم السابقة، كما كان مقررا في الأصل".
وذكرت اليوم أن "هناك عددا من العناصر المفقودة"، في إشارة إلى التفاصيل الرئيسية عن "القطاعات الحساسة جدا"، مثل الأدوية وصناعة السيارات.
وشددت أيضا على أهمية توضيح الإعفاءات المحتملة لبعض المنتجات الزراعية والتوصل إلى فهم أوضح للبنود المتعلقة بالاستثمارات ومشتريات الغاز.
وإيطاليا مستعدة على المستوى المحلي لتفعيل تدابير دعم القطاعات التي ستتأثر بشكل خاص، وستطلب تفعيلها أيضا على المستوى الأوروبي.
رئيس وزراء فرنسا: الاتفاق التجاري بين الاتحاد الأوروبي وأمريكا "يوم كئيب" لأوروبا
من جانبه، قال رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو اليوم الإثنين إن الاتفاق التجاري الإطاري الذي تم إبرامه مطلع الأسبوع بين رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين والرئيس الأمريكي دونالد ترامب يمثل "يوما كئيبا" لأوروبا.
وكتب بايرو على منصة إكس "إنه يوم كئيب عندما يترك تحالف من الشعوب الحرة، التي تجمعت معا لتأكيد قيمها المشتركة والدفاع عن مصالحها المشتركة، نفسه للاستسلام".
وزيرة الاقتصاد الألمانية: الاتفاق التجاري بين الاتحاد الأوروبي وأمريكا سيشكل تحديا
قالت وزيرة شؤون الاقتصاد الألمانية كاثرينا رايشه إن الاتفاق التجاري بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يوفر حالة من اليقين في ظل هذه الأوقات الصعبة على الرغم من أن معدل الرسوم الجمركية الذي يبلغ 15% سيشكل تحديا للشركات.
وأضافت رايشه "الاتفاق، بما يفرضه من رسوم أساسية 15%، هو بالتأكيد شيء سيشكل تحديا لنا. لكن الأمر الجيد هو أنه يوفر حالة من اليقين".
وأشارت إلى أنه من المهم الآن توضيح كيفية تنفيذ الاتفاق بسرعة والتأكد من أن ألمانيا يمكنها الوثوق في أن الاتفاق الذي تم إبرامه مساء أمس الأحد سيظل قائما.
وزير فرنسي: اتفاق التجارة بين الاتحاد الأوروبي وأمريكا له مزاياه لكنه غير متوازن
وقال وزراء فرنسيون اليوم إن هناك بعض المميزات للاتفاق، مثل الإعفاءات التي كانوا يأملون تطبيقها في بعض قطاعات الأعمال الفرنسية الرئيسية، مثل المشروبات الروحية، لكنه غير متوازن رغم ذلك.
وشدد وزير الصناعة مارك فيراتشي على أهمية إجراء المزيد من المحادثات، التي ربما تستمر لأسابيع أو أشهر، قبل إبرام الاتفاق رسميا.
قال وزير الدولة الفرنسي المكلف بشؤون أوروبا بنجامين حداد اليوم الإثنين إن الاتفاق التجاري الإطاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي له بعض المزايا مثل الإعفاءات المتاحة لبعض قطاعات الأعمال الفرنسية الرئيسية مثل المشروبات الروحية، لكنه اعتبره غير متوازن.
وكتب حداد على منصة إكس "اتفاقية التجارة التي تفاوضت عليها المفوضية الأوروبية مع الولايات المتحدة ستحقق استقرارا مؤقتا للأطراف الاقتصادية المهددة من تصاعد الرسوم الجمركية الأمريكية، لكنها غير متوازنة".
رد فعل الشركات
وفي الوقت نفسه، لا تعرف الشركات الأوروبية ما إذا كان عليها أن ترحب بالاتفاق أو تأسف عليه.
وقال فولفغانغ غروسه إنتروب رئيس رابطة الصناعات الكيميائية الألمانية "من كانوا يتوقعون إعصارا ممتنون لأنه جاء عاصفة".
وأضاف "تجنبنا المزيد من التصعيد، لكن الثمن باهظ بالنسبة للجانبين، الصادرات الأوروبية ستفقد قدرتها التنافسية، والعملاء الأمريكيون سيدفعون الرسوم الجمركية".
وزاد سهم ستيلانتس 3.5%، وسهم فاليو لصناعة قطع غيار السيارات 4.7%، وسهم مجموعة ميرك الألمانية للأدوية 2.9%، في إشارة إلى الارتياح في تلك القطاعات.
ومن الأسئلة العديدة التي لا تزال بدون إجابة، هو كيف يمكن تحقيق تعهد الاتحاد الأوروبي باستثمار مئات المليارات من الدولارات في الولايات المتحدة وزيادة مشتريات الطاقة بشكل كبير.
ولم يتضح بعد ما إذا كان الاتحاد الأوروبي قد قدم تعهدات محددة بزيادة الاستثمارات أو ما إذا كان لا يزال يتعين الاتفاق على التفاصيل.
ورغم تعهد الاتحاد الأوروبي بمشتريات استراتيجية، من بينها النفط والغاز الطبيعي المسال والوقود النووي، بقيمة 750 مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة، ستجد الولايات المتحدة صعوبات في إنتاج ما يكفي لتلبية هذا الطلب.
ورغم استمرار حالة الغموض، أكد محللون أن الاتفاق لا يزال يساعد على تقليل حالة عدم اليقين. وارتفعت أسعار النفط واليورو اليوم.
وقال رودريغو كاتريل كبير خبراء العملات في بنك أستراليا الوطني "بعد أن اتضحت الأمور أكثر الآن، يُعتقد أنه سيكون هناك رغبة أكبر قليلا في البحث عن الاستثمار والتوسع وأماكن الفرص، ليس في الولايات المتحدة فقط، وإنما في العالم".