«البنتاغون» يدفع الكلفة.. درع إسرائيل «يربك» أولويات أمريكا

بين سطور موازنة «البنتاغون»، يبرز مشهد يعكس حجم الانخراط الأمريكي المباشر في أمن إسرائيل: نصف مليار دولار أنفقت لتعويض صواريخ «ثاد» التي استُخدمت في صد هجمات إيرانية.
أرقام اعتبرت بمثابة «شيك أمريكي على بياض» لدعم إسرائيل، إلا أن ما اعتبر درعًا صلبًا للدولة العبرية قد يتحول إلى عبء استراتيجي على واشنطن نفسها.
فالتكلفة الباهظة لاستنزاف مخزون «ثاد»، في وقت تتزاحم فيه جبهات أوكرانيا وتايوان، تطرح سؤالًا ملحًا: إلى أي مدى تستطيع الولايات المتحدة مواصلة لعب دور الحامي العالمي دون أن تنكسر تحت ثقل التزاماتها الدفاعية المتعددة؟
فماذا نعرف عن الدعم الأمريكي لإسرائيل؟
كشفت وثائق رسمية صادرة عن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) عن إنفاق ما يقارب 500 مليون دولار على صواريخ اعتراضية متطورة من منظومة "ثاد" للدفاع الجوي، لحماية إسرائيل خلال الموجة الأخيرة من الهجمات الصاروخية التي شنتها إيران وحلفاؤها في المنطقة.
وتضمنت الوثائق، التي أرفقت بموازنة البنتاغون الأخيرة، طلب تمويل عاجل بقيمة 498.265 مليون دولار لتعويض الصواريخ التي "استُخدمت دعمًا لإسرائيل". وأشارت الوثيقة إلى أن هذا البند يعد "ذو اهتمام خاص من الكونغرس"، مما يعني ضرورة الحصول على موافقة تشريعية قبل أي تعديل على المخصصات المالية.
«ثاد».. درع الصواريخ المتطور
نظام "ثاد"، الذي تصنعه شركة "لوكهيد مارتن" الأمريكية، هو منظومة دفاع جوي متطورة صُممت لاعتراض الصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة ومتوسطة-بعيدة المدى خلال المرحلة النهائية من مسارها.
ويُعد "ثاد" من أكثر أنظمة الدفاع الجوي الأرضية تطورًا لدى الجيش الأمريكي، إذ يتميز بمدى طويل يتراوح بين 150 إلى 200 كيلومتر، وبقدرته على إصابة الصواريخ المهاجمة عبر الاصطدام المباشر بدلا من الانفجار بالقرب منها.
وتحتاج بطارية "ثاد" عادة إلى حوالي 100 جندي لتشغيلها. وتحتوي على ست منصات إطلاق محمولة على شاحنات مع ثمانية صواريخ اعتراضية على كل منصة ورادار قوي، ونظام اتصالات متكامل.
ويشرف الجيش الأمريكي على سبع بطاريات من هذا النظام، تم نشر بعضها في مواقع استراتيجية حول العالم.
اختبار عملي
شهد النظام اختباره العملي الأضخم خلال المواجهات التي اندلعت في يونيو/حزيران الماضي، عندما أطلقت إيران مئات الصواريخ الباليستية تجاه إسرائيل.
خلال هذه المواجهات، أطلقت القوات الأمريكية ما بين 100 إلى 150 صاروخ اعتراض من طراز "ثاد"، في أكبر عملية استخدام للنظام منذ دخوله الخدمة عام 2008.
تكلفة باهظة ومخاوف استراتيجية
تبلغ تكلفة الصاروخ الواحد من نظام "ثاد" حوالي 12.7 مليون دولار، مما يرفع الفاتورة الإجمالية للعمليات الدفاعية عن إسرائيل إلى مئات الملايين من الدولارات.
هذا الاستنزاف الكبير في المخزون الأمريكي أثار مخاوف في واشنطن حول القدرة على الحفاظ على الجاهزية العسكرية في مناطق أخرى من العالم، خاصة في ظل التحديات المتزامنة في أوكرانيا وتايوان.
ويُظهر هذا الدعم الأمريكي الضخم حجم الالتزام الاستراتيجي لواشنطن تجاه أمن إسرائيل، لكنه يثير في الوقت نفسه تساؤلات حول الاستدامة المالية والعسكرية لهذا الدعم في المدى الطويل، خاصة مع تزايد حدة التهديدات الإقليمية وتنوع مصادرها.
هذه التطورات تضع صناع القرار في واشنطن أمام معضلة صعبة: كيفية الموازنة بين الدفاع عن الحلفاء والحفاظ على المصادر العسكرية الأمريكية في ظل بيئة أمنية عالمية متزايدة التعقيد.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTM4IA== جزيرة ام اند امز