هجوم أمريكا على "هواوي" تتذوق مراراته "جوجل"
الولايات المتحدة تتهم شركة جوجل الأمريكية بدعم الجيش الصيني وتمنعها من العمل في الصين.
يبدو أن الخسائر التي ستواجهها جوجل بعد إغلاق مركز أبحاث الذكاء الاصطناعي التابع لها في الصين، لن تساوي الضربة الوهمية للجيش الصيني التي يتصورها الجانب الأمريكي، من هذا القرار، بل على العكس ستقدم دعما مجانيا لمنافسيها وخاصة "هواوي" الصينية.
والتقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع ساندر بيتشاي، الرئيس التنفيذي لشركة جوجل -عملاقة الإنترنت الأمريكية- يوم الأربعاء، وأصدر عقبها بيانًا خاصًا يؤكد فيه التزام "جوجل" بدعم الجيش الأمريكي بدلاً من الجيش الصيني، بعد الانتقادات التي وُجهت للشركة الأمريكية بسبب عملها في الصين.
وكان الجيش الأمريكي قد انتقد شركة جوجل لافتتاحها مركز أبحاث للذكاء الاصطناعي في بكين، حيث قال رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، الجنرال جوزيف دانفورد، إن نتائج أبحاث جوجل ستفيد الجيش الصيني بشكل غير مباشر أو حتى بشكل مباشر.
وحسب ما ذكرته شبكة أخبار "سوهو الصينية، يعد هذا مثالا بارزا آخر على التزام واشنطن بقمع الصين في مجالات التكنولوجيا الفائقة، حيث إن منع الحلفاء من استخدام منتجات "هواوي" محاولة لخنق شركات التكنولوجيا الفائقة الصينية، كما أن منع جوجل من التعاون في الصين أيضاً خطوة لحظر شركات التكنولوجيا الفائقة الأمريكية من دخول السوق الصينية.
ومع ذلك، كان قمع الولايات المتحدة لشركة هواوي صعباً للغاية، وذلك لأن معظم حلفائها الأوروبيين كان لديهم موقف بارد، ولم يستجب القرار الأخير للمفوضية الأوروبية لمطالب الولايات المتحدة، ولكنه سمح للدول الأعضاء باتخاذ قراراتها الخاصة.
وقالت شبكة الأخبار الصينية، إن ما تريده واشنطن الآن من جوجل وغيرها من عمالقة التكنولوجيا الفائقة هو الابتعاد عن الصين، إلا أن الأمر لن يكون بهذه السهولة، حيث إن هذه الخطوة من شأنها أن تضر بمصالح الشركات الأمريكية الخاصة في المقام الأول.
ويعني انسحاب شركات التكنولوجيا الفائقة الأمريكية من الصين، إجبار تلك الشركات على التخلي عن السوق والموارد الصينية الضخمة، على سبيل المثال، بالنسبة لأبحاث الذكاء الاصطناعي، تعد الصين أكبر مالك لمصدر البيانات في العالم وأكبر مستخدم، وغالبًا ما تتم مقارنة أهمية البيانات في القرن الحادي والعشرين بالنفط في العصر الصناعي.
وجاء في تقرير شبكة "سوهو" الصينية، أن رغبة واشنطن في إنهاء أعمال جوجل في الصين، توضح أن الولايات المتحدة تريد سحب جميع الشركات الأمريكية من البلاد قبل أن تسلب الحكومة الصينية التكنولوجيا الخاصة بها، وهذا هو الدافع الجيوسياسي الناجم عن الغطرسة الشديدة والجهل الشديد بقواعد السوق، وإذا كان هذا التفكير يترجم باستمرار إلى سياسة وطنية للولايات المتحدة، فإن أكبر الضحايا يجب ألا تكون الصين، بل الشركات الأمريكية.
وكانت قد أوقفت جوجل نشاط محركها البحثي في الصين في عام 2010، بسبب الانتقادات الأمريكية حول الرقابة الصينية الصارمة المفروضة على نتائج البحث، واليوم تجبر حكومة الولايات المتحدة جوجل مرةً أخرى على مغادرة الصين لأسباب أمنية.
وعلى الرغم من أن جوجل لا تكشف عن حجم الإيرادات التي تحققها في الصين، إلا أن آسيا شكلت حوالي 15 % من إيرادات الشركة في العام الماضي.
وهواوي كانت شريكاً مهما لجوجل في الماضي، حيث استخدمت الشركة عملاقة الهواتف الذكية الصينية، التي تتخذ من شنتشن مقرًّا لها برامج جوجل التي تعمل بنظام أندرويد، واعتمدت خارج الصين اعتمادًا كبيرًا على تطبيقات الشركة الأمريكية بما في ذلك محرك البحث "Chrome" وتطبيق"Maps"، وفي عام 2015 صممت الشركة الصينية المصنعة لهواتف المحمول نموذجًا لهواتف Nexus الذكية، والتي قامت جوجل بتسويقها بشكل مشترك.
وفي يونيو/حزيران الماضي، سقطت صداقة الشركات تحت نيران الحرب السياسية، حيث كتب خمسة من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي إلى الرئيس التنفيذي لشركة جوجل، سوندر بيتشاي، قائلين إن شراكة الشركة مع هواوي يمكن أن تشكل خطرًا كبيرًا على الأمن القومي الأمريكي والمستهلكين الأمريكيين".
ولم تفعل السياسة شيئًا كبيرًا في الحد من نمو هواوي، حيث حققت الشركة الأسبوع الماضي قفزة بنسبة 25% في الأرباح السنوية على الرغم من المخاوف بشأن أمن منتجات شبكة الاتصالات.
وكشفت وكالة أنباء "بلومبرج" العالمية في الأول من أبريل/نيسان الجاري، أن الحرب التجارية لم توقف تعاون كل من جوجل وهواوي في مجال الذكاء الاصطناعي.
وقالت الوكالة الإخبارية إنه عندما أعلنت هواوي عن أحدث هواتفها الذكية في الأسبوع الماضي، قامت أكبر شركة في العالم لصناعة معدات الاتصالات بالكشف عن منتج آخر جديد يدعى Track AI وهو جهاز تقييم مدعوم من قبل الذكاء الاصطناعي، صممته الشركة لاكتشاف وتشخيص العلامات المبكرة لضعف البصر لدى الأطفال، لكنها أخفت أن الجهاز يعد تعاونا مشتركا مع شركة جوجل الأمريكية، حيث يعمل الجهاز باستخدام TensorFlow، وهي مجموعة من أدوات برامج الذكاء الاصطناعي المُطورة من قبل جوجل.