ماذا يعني تجاوز ديون بطاقات الائتمان في أمريكا تريليون دولار؟
ارتفعت أرصدة بطاقات الائتمان بمقدار 45 مليار دولار في أمريكا لتصل إلى 1.03 تريليون دولار.. ما دلالة هذه المؤشرات؟
كشفت آخر أرقام رسمية أن مستويات ديون بطاقات الائتمان الأمريكية سجلت أرقاما قياسية سلبية، إذ إنها للمرة الأولى على الإطلاق تجاوزت تريليون دولار.
ووفقا للتقرير ربع السنوي الصادر عن بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك حول الديون والائتمان المنزلي، فقد ارتفعت أرصدة بطاقات الائتمان بمقدار 45 مليار دولار، أو ما يقرب من 4.6%، لتصل إلى 1.03 تريليون دولار، وذلك خلال الربع الثاني.
لكن ما دلالة هذه المؤشرات؟
ضغوط على المستهلكين
أظهر التقرير أن ارتفاع أرصدة ديون بطاقات الائتمان وقروض السيارات ساعد في رفع مستويات ديون الأسر الإجمالية بنسبة 1٪ إلى 17.06 تريليون دولار خلال الربع، وارتفع إجمالي ديون الأسر بنحو 2.9 تريليون دولار منذ نهاية عام 2019، قبل تفشي الوباء.
وتأتي هذه الزيادات في وقت قفزت فيه أسعار الفائدة بسرعة إلى أعلى مستوى لها في 22 عاماً، وقالت صوفيا بايغ، الخبيرة الاقتصادية في شركة "مورنينج كونسلت" لشبكة سي إن إن: "مع الوقت يصبح سداد هذا الدين أكثر تكلفة، ومع استمرار المستهلكين في تحمل المزيد من الديون، فإن هذا المزيج سيضع مزيداً من الضغط على بعض الأسر التي لديها ميزانيات أضعف".
وكان تحليل لبيانات بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك أظهر ارتفاع أرصدة بطاقات الائتمان على مدار خمسة فصول متتالية، حيث زادت في بعض من أكبر المعدلات في 20 عاماً.
ونقلت "سي إن إن" عن مات شولز، كبير محللي الائتمان في "ليندنج تريي"، قوله "لسوء الحظ، سترتفع الأسعار من هنا فقط، ما يحركها هو التضخم، وارتفاع أسعار الفائدة، ومدى تكلفة الحياة بشكل عام في عام 2023".
وعلى الرغم من أن سوق العمل قوي، والاقتصاد ينمو، والإنفاق الاستهلاكي آخذ في الازدياد، إلا أن التضخم المرتفع مقرونا بارتفاع أسعار الفائدة قد ألقى بثقله على المستهلكين.
وكتب باحثو بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك في منشور على مدونة "لقد صمد المستهلكون الأمريكيون حتى الآن أمام الصعوبات الاقتصادية للوباء وفترات ما بعد الجائحة"، "ومع ذلك قد تشكل الأرصدة المتزايدة تحديات لبعض المقترضين، وقد يؤدي استئناف سداد قروض الطلاب هذا الخريف إلى إضافة ضغوط مالية إضافية للعديد من المقترضين من الطلاب".
ومن المقرر أن تستأنف مدفوعات قروض الطلاب الفيدرالية في أكتوبر/تشرين الأول بعد توقف دام أكثر من ثلاث سنوات بسبب جائحة كوفيد وضغط إدارة الرئيس جو بايدن لإلغاء الديون.
وقال باحثون من بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك للصحفيين إن طرح إدارة بايدن لبرامج السداد مؤخرًا من شأنه أن يساعد في تخفيف الضربة على المقترضين.
خسائر البنوك
ومن ناحية أخرى، تكبدت البنوك الأمريكية ما يقرب من 19 مليار دولار من الخسائر في القروض المتعثرة في الربع الثاني، وهو أعلى مستوى في أكثر من ثلاث سنوات، حيث تكافح المصارف مع ارتفاع معدلات التخلف عن السداد بين المقترضين ببطاقات الائتمان والعقارات التجارية وفقا لتقرير صحيفة فايننشال تايمز.
وتشير البنوك إلى خسائر 18.9 مليار دولار على القروض التي تم تصنيفها على أنها غير قابلة للاسترداد خلال الربع الثاني بزيادة 17 في المائة تقريبًا عن الأشهر الثلاثة السابقة، وزيادة 75 في المائة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
وخسرت البنوك 61 سنتًا مقابل كل 100 دولار تم إقراضها، وهو أكبر خسارة منذ الربع الثاني من عام 2020 عندما كانت جائحة كوفيد تدمر الاقتصاد.
وتأتي القفزة في خسائر القروض في الوقت الذي يواجه فيه العملاء الذين لديهم قروض بسعر فائدة متغير معدل أقساط أعلى بعد أن نفذ مجلس الاحتياطي الفيدرالي سلسلة قوية من زيادات أسعار الفائدة لمكافحة التضخم.
إفلاس البنوك
وتأتي خسائر القروض خلال عام صعب بالنسبة للقطاع المصرفي الأمريكي، والذي شهد إفلاس بنك سيليكون فالي وعدد قليل من المقرضين الآخرين.
ودفع خفض التصنيف الائتماني من وكالة موديز الاقتصاد الأمريكي وبعض المصارف إلى عمليات بيع على مستوى أسهم القطاع.
واستشهدت وكالة موديز بالضغط المتزايد على ربحية البنوك بسبب ارتفاع معدلات الفائدة، حيث تضطر البنوك إلى دفع المزيد للاحتفاظ بالمودعين الذين يبحثون عن عوائد أعلى.
ولمواجهة البنوك الأمريكية لخسائر القروض قامت المصارف بشكل جماعي بتخصيص 21.5 مليار دولار إضافية من المخصصات لتغطية خسائر القروض المستقبلية.
وانخفضت خسائر القروض في الولايات المتحدة منذ وباء كوفيد إلى مستويات منخفضة تاريخيا على خلفية انخفاض معدلات البطالة وبرامج التحفيز الحكومية الكبيرة، ورغم ذلك حذر المسؤولون التنفيذيون في البنوك مرارًا وتكرارًا من أن البيئة الائتمانية الجيدة لا يمكن أن تدوم.
وجاء أكثر من نصف الخسائر الأخيرة من الإقراض ببطاقات الائتمان، حيث يمتلك المستهلكون الأمريكيون حوالي تريليون دولار من قروض بطاقات الائتمان التي خسرت فيها البنوك 10.7 مليار دولار في الربع الثاني.
وزادت الخسائر على القروض المرتبطة بالعقارات التجارية التي لم يشغلها مالكها بأكثر من الضعف، مقارنة بالربع السابق لتصل إلى 1.17 مليار دولار وهو أعلى مبلغ مسجل منذ أكثر من عقد.
وفي حين أن معدلات التأخر في سداد الرهن العقاري الجديدة لا تزال أقل مما كان يُنظر إليه قبل انتشار الوباء، فإن المعدلات الأخرى لتأخر سداد قروض السيارات وبطاقات الائتمان هي الأعلى منذ الربع الأول من عام 2018 والربع الأول من عام 2012 على التوالي.
وعانت شركة كابيتال وان، واحدة من أكبر مصدري بطاقات الائتمان في الولايات المتحدة، من أعلى خسائر القروض بقيمة 2.77 مليار دولار في الربع الثاني.
aXA6IDE4LjIxOC43My4yMzMg جزيرة ام اند امز