هل يستمر تراجع الدولار ؟.. الجميع ينتظر ابتسامة الأخضر
لا يزال الدولار قوياً بمعايير العقدين الماضيين، ولكن منذ وصوله إلى ذروته في سبتمبر/أيلول الماضي، انخفض بنسبة 13% مقابل سلة من العملات.
وتسارعت عمليات البيع الأسبوع الثاني من يوليو/تموز، عندما انخفض الدولار بنسبة 3% -وهي حركة كبيرة للعملة كما وصل مؤشر دي إكس واي، الذي يقيس الدولار مقابل 6 عملات أخرى، إلى أدنى مستوياته منذ أبريل/نيسان 2022، بعد أن بدأ الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة، وفقا لتقرير صحيفة الإيكونوميست.
تراجع إصدار السندات الدولارية
ويعتبر الضعف الأخير للدولار نبأ ساراً للدول النامية، التي تعتمد على التمويل بالعملات الأجنبية حيث بلغ إصدار السندات الدولارية في الأسواق الناشئة أدنى مستوى له في 11 عامًا في عام 2022.
وأصدرت الدول النامية أقل من 10 مليارات دولار من السندات الدولارية العام الماضي، بانخفاض من مستوى 30 مليار دولار في عام 2021.
وبالنسبة للدول النامية، هناك سبب للشك في أن تراجع الدولار هو بداية مرحلة جديدة حيث كانت عمليات البيع الأخيرة مدفوعة ببيانات التضخم الأمريكية والتي أظهرت ارتفاع أسعار المستهلكين بنسبة 3% فقط على أساس سنوي في يونيو/حزيران، وهو لا يزال أعلى من هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%، ولكنه أدنى معدل في أكثر من عامين، ولذلك يتساءل المستثمرون: هل بنك الاحتياطي الفيدرالي على وشك إعلان النصر في معركته ضد التضخم؟
وهناك سبب آخر للانخفاض الأخير هو أن التضخم ينخفض بشكل أبطأ خارج أمريكا، خاصة في بريطانيا والاتحاد الاوروبي وحتى في دولة التضخم المنخفض اليابان، ارتفعت معدلات التضخم بنسبة 3.2% على أساس سنوي في مايو/أيار، وهي تعد أعلى من الأرقام الأمريكية في يونيو/حزيران.
وقد يكون أمام البنوك المركزية في مثل هذه الدول المزيد من القتال في المستقبل. وتؤدي معدلات الفائدة المرتفعة إلى سحب الاستثمار من الأصول المقومة بالدولار إلى العملات ذات العوائد المرتفعة.
أما السبب الثالث لتراجع الدولار فهو النمو الأمريكي المتوسط، إذ من المتوقع أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة متواضعة تُقدر بـ1.3% هذا العام.
"ابتسامة الدولار"
لكن تراجع الدولار قد لا يستمر. ويشير ستيفن جين، الذي يعمل حاليًا في شركة يوريزون كابيتال، إلى طرح فكرة "ابتسامة الدولار" قبل عقدين من الزمن.
وتشير النظرية إلى أنه عندما تتقدم أمريكا على العالم، يقوى الدولار مع تدفق المستثمرين. ولكن يمكن للعملة أيضًا أن تتعزز عندما يكون أكبر اقتصاد في العالم في حالة ركود، إذ إن كساد الاقتصاد الأمريكي يمثل تهديدًا للاستقرار المالي العالمي ومن المفارقات أن هذا يؤدي إلى الطلب على سندات الخزانة الآمنة للبلاد.
وقال جين إن النمو المتوسط للاقتصاد الأمريكي يعتبر علامة على ضعف الدولار في المستقبل.
ورغم ذلك، يعد من الصعب ضمان استمرار تراجع الدولار، لأنه يمكن أن تتغير المعطيات، ما يؤدي إلى ارتفاع الدولار مرة أخرى.
وإذا ظلت معدلات التضخم أكثر قوة مما كان متوقعًا في أمريكا، وتوقفت عن الانخفاض بسرعة كبيرة جدًا، فقد أوضح صناع السياسة في الاحتياطي الفيدرالي أنهم سيكونون على استعداد لمواصلة رفع أسعار الفائدة بقوة، ولذلك لا يزال من الممكن أن يتباطأ الاقتصاد الأمريكي تحت وطأة ارتفاع أسعار الفائدة، على الرغم من المرونة الملحوظة التي أظهرها حتى الآن.
الأسعار ارتفعت أسرع في أمريكا
وفي الواقع، قد يتضح أن الاقتصادات المتقدمة الأخرى تتخلف ببساطة عن أمريكا ببضعة أشهر حيث ارتفعت الأسعار في أمريكا بسرعة أكبر من تلك الموجودة في دول أخرى عام 2021، وبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة في وقت أبكر من معظم البنوك المركزية في العام التالي.
وأظهرت أحدث أرقام التضخم في بريطانيا، الصادرة في 19 يوليو/تموز، ارتفاع الأسعار بنسبة 7.9% على أساس سنوي في يونيو/حزيران. وسواء اعتقد المستثمر أن الارتفاع في التضخم نتج عن انفجار عابر لعوامل جانب العرض، أو أنه نتيجة التيسير النقدي والمالي، سوف يعتقد أن هناك فرصة جيدة للتضخم في دول أخرى لتتبع الاتجاه الهبوطي لأمريكا.
ومنذ الارتفاع الحاد للدولار في أواخر عام 2014 وطوال عام 2015. والآن أصبح الاقتصاد الأمريكي أقوى من منافسيه والأسهم الأمريكية مفضلة أكثر من تلك الموجودة في أماكن أخرى. مع وجود هاتين الركيزتين، من الصعب تخيل ضعف الدولار بشكل ملحوظ.