أمريكا وإيران على طريق التصعيد.. هل يكون الحل أوروبيًا؟

مع اقتراب صلاحية الاتفاق النووي الإيراني من الانتهاء، تواجه المنطقة خطر تصعيد عسكري إذا اندفعت إيران نحو برنامج نووي مسلح.
ويرى تقرير لمنظمة تشاتام هاوس أن الاتفاق المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة الذي وُقّع في 2015، يرقد في حالة احتضار منذ انسحاب الولايات المتحدة منه في 2018 خلال إدارة ترامب الأولى.
وباءت كل محاولات إحياء الاتفاق أو التوصل إلى اتفاق أقوى وأطول أمدًا بالفشل بسبب انعدام الثقة، وسياسة "الضغط الأقصى" الأمريكية، والأزمات الجيوسياسية والإقليمية، لا سيما الحرب في غزة.
مخاطر
مع انتهاء الاتفاق، ستنتهي أيضًا الأدوات القليلة المتبقية التي تسمح بممارسة بعض الضغط على طهران، مثل آلية العقوبات السريعة (Snapback) التي يمكن لأي طرف في مجلس الأمن الدولي تفعيلها. وبدون خطة العمل الشاملة المشتركة أو أي بديل آخر، فقد تقرر إيران تسريع برنامجها النووي. وهذا السيناريو يبدو أكثر احتمالًا بعد عام شهد تدهورًا كبيرًا في قدرة إيران على الردع.
تعرض حلفاء إيران في "محور المقاومة"، مثل حماس وحزب الله، لضعف كبير نتيجة صراعاتهم مع إسرائيل. وانهار النظام السوري الموالي لإيران. وشنّت إسرائيل ضربات جوية في أبريل/نيسان وأكتوبر/تشرين الأول 2024 استهدفت الدفاعات الجوية الإيرانية، مما أظهر مدى تعرض طهران للخطر.
تصعيد محتمل
إدارة الرئيس دونالد ترامب الجديدة أعادت فرض سياسة "الضغط الأقصى" بسرعة في الأسابيع الأولى من ولايته الثانية. وفي الوقت نفسه، تضغط إسرائيل على الإدارة الأمريكية لدعم ضربات مباشرة على البرنامج النووي الإيراني، مما يزيد من احتمالية التصعيد العسكري الكبير.
في ظل هذه الظروف، يناقش صانعو القرار الإيرانيون بشكل مكثف الحاجة إلى تحويل البرنامج النووي لإنتاج الأسلحة كوسيلة لاستعادة القدرة على الردع وضمان الأمن القومي.
وقد ذكر تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الصادر في مارس/آذار، أن إيران قد وسعت مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب بنسبة مقلقة تبلغ 50%.
بالإضافة إلى ذلك، يبلغ إجمالي مخزون اليورانيوم المخصب لدى إيران الآن حوالي 40 ضعف الحد الذي وافقت عليه بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة.
مخرج دبلوماسي
يُعد عام 2025 عامًا حاسمًا بالنسبة للبرنامج النووي الإيراني وأمن الشرق الأوسط الإقليمي. وبدون مخرج دبلوماسي واضح، قد تتجه إيران نحو تسليح برنامجها النووي أو مواجهة هجوم عسكري أو كليهما.
هذه النتائج هي ما تحاول الدول الأوروبية الثلاث (E3) - فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة - والاتحاد الأوروبي تجنبه منذ عام 2003، عندما قادت المفاوضات بين الولايات المتحدة وطهران.
ورغم التوترات المتزايدة بين إيران والدول الأوروبية بسبب دعم طهران لروسيا في حربها ضد أوكرانيا ونقلها مساعدات «فتاكة» لموسكو، لا يزال الطرفان بلا خيار أفضل من إعادة الانخراط وبناء الثقة من خلال اتفاق جديد يمكن التحقق منه وتعزيزه.
وسيط أوروبي
ترى إيران أن التفاوض مع الولايات المتحدة يمثل استسلامًا لسياسة الضغط الأقصى التي أعادها ترامب – وهو أمر غير مقبول بالنسبة لها. لكنها لا ترغب -أيضًا- في تصعيد عسكري في المعاناة القوية التي يواجهها اقتصادها.وما تريده طهران هو تخفيف العقوبات على المدى الطويل لتجنب العقوبات السريعة ومنع الضربات الإسرائيلية.
هنا يأتي دور أوروبا. لقد عقد ممثلو الدول الأوروبية الثلاث بالفعل، ثلاث اجتماعات مع المسؤولين الإيرانيين بين نوفمبر/تشرين الثاني 2024 وفبراير/شباط 2025 لمناقشة نطاق المفاوضات المباشرة. وبفضل خبرتها الطويلة في التوسط بين إيران والولايات المتحدة وعلاقاتها القوية مع إسرائيل ودول الخليج العربي، يمكن لأوروبا أن تلعب دورًا حاسمًا في بدء مفاوضات جديدة تؤدي إلى اتفاق أكثر استدامة.
خطوات مقبلة
يتعين على أوروبا وضع جدول زمني واضح للوصول إلى اتفاق قبل انتهاء آلية العقوبات السريعة وتحديد نطاق الحوافز المطروحة على الطاولة. كما يجب أن تتحرك الدول الأوروبية الثلاث بشكل حاسم وسريع لتجنب مسار التصعيد العسكري أو النووي الذي قد يجعل البيئة الأمنية الأوروبية أكثر تعقيدًا وعدم استقرار.
aXA6IDMuMTUuMTQzLjE3OCA=
جزيرة ام اند امز