مفهوم "البيع على المكشوف".. ولماذا وصفه إيلون ماسك بـ"الاحتيال"؟
تسببت عمليات البيع على المكشوف في تسجيل الأسهم الأمريكية خسائر أسبوعية فاحة، وذلك لأول مرة منذ أكثر من شهر.
البيع على المكشوف
البيع على المكشوف أو short selling، عملية تهدف إلى تحقيق الأرباح من وراء الانخفاض المتوقع في سعر سلعة أو أداة مالية أو ورقة مالية (سهم)، عن طريق اقتراضها وبيعها، أو عن طريق بيع عقد ثابت أو عقد آجل يُتعهد فيه بتسليمها في تاريخ لاحق بالسعر الحالي أو بسعر محدد.
وفي الحالتين يعتمد البائع على بيع الأصل بسعر أعلى ثم شرائه بسعر أرخص من أجل إرجاعه.
وتعرف عملية البيع على المكشوف في أسواق رأس المال بأنها بيع أوراق مالية تم اقتراضها، أي أن البائع لا يمتلكها فعليا، بسعر معين ثم شرائها لاحقا بسعر أقل وإعادتها للمقرض، وبالتالي يمكن من خلال هذه العملية الحصول على الربح المتحقق من وراء شراء أوراق مالية بأسعار أقل وبيعها بسعر أعلى، بحسب هارفار بيزنس ريفيو.
ويقوم المضاربون بالبيع على المكشوف حينما يتوقعون انخفاض أسعار سهم معينة بالبورصة، حيث يقترضون هذه الأسهم من وسيط ما ثم يقومون ببيعها بالسعر الجاري المرتفع مع إعادة شرائها وردها للوسيط عند انخفاض سعرها، وعندئد يحصل المضاربون على ربح يساوي الفارق بين سعري البيع والشراء مطروحا منه فائدة الوسيط الذي قام المضارب باقتراض الأوراق المالية منه.
وفي وقت سابق، انتقد الرئيس التنفيذي لشركة تيسلا Tesla المتخصصة في صناعة السيارات الكهربائية إيلون ماسك، عمليات البيع على المكشوف، ووصفها بأنها عملية احتيال، وفقا لتدوينه له على موقع تويتر.
وأضاف قائلا: "لا يمكنك بيع المنازل التي لا تملكها ، ولا يمكنك بيع السيارات التي لا تملكها ، ولكن يمكنك بيع الأسهم التي لا تملكها !؟ هذا هو البيع على المكشوف هو عملية احتيال قانونية".
أطول سلسلة ارتفاع للأسهم الأمريكية
وتراجعت الأسهم الأمريكية الأسبوع المنتهي، بعدما قطعت أطول سلسلة ارتفاع أسبوعي منذ نوفمبر الماضي، مع عودة النشاط إلى قوى البيع على المكشوف، وتحوّل المستثمرين إلى الحذر، بعد الحماسة التي أظهرها مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي بشأن رفع أسعار الفائدة.
وفي الوقت ذاته، ارتفعت عائدات سندات الخزانة الأمريكية، كما ارتفع الدولار مقابل معظم العملات الرئيسية، متوّجاً أفضل أسبوع له منذ أبريل 2020.
وسجل مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" أكبر انخفاض يومي له منذ يونيو، وأول تراجع أسبوعي في خمسة أسابيع، فيما انخفض مؤشر "ناسداك 100" الذي تغلب عليه أسهم شركات التكنولوجيا بنسبة 2%، حيث كانت الأسهم المرتبطة بالنمو من بين الأكثر تضرراً في تداولات يوم الجمعة.
زيادة مخاوف المستثمرين
في غضون ذلك، زادت مخاوف المستثمرين في "وول ستريت"، حيث قفز مؤشر التقلب (Cboe Volatility Index) الذي يقيس توقعات السوق للتقلبات خلال الثلاثين يوماً المقبلة، بأعلى وتيرة له في أكثر من أسبوعين، ليتجاوز مجدداً عتبة الـ20 نقطة.
مع انتهاء صلاحية خيارات بقيمة 2 تريليون دولار، بات على المستثمرين إما تجديد مراكزهم الحالية، أو وضع أوامر جديدة؛ وهو الأمر الذي مهَّد لجلسة متقلبة يوم الجمعة، إذ يبدو أن فشل مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" في اختراق مستوى 4,200 نقطة ربما يفتح الباب أمام تصفية المراكز.
وفي ظل هذا الاتجاه الهابط، تراجعت سلة الأسهم الأكثر بيعاً على المكشوف بنحو 6%، مواصلةً بذلك خسارتها الأسبوعية التي وصلت إلى 12%، مانحةً البائعين على المكشوف أفضل أسبوع لهم منذ شهر مارس من عام 2020.
معاناة المستثمرين الأفراد
في ضربة للمستثمرين الأفراد، هبط سهم شركة "بد باث آند بيوند" (Bed Bath & Beyond) أمس الجمعة - وهو من أسهم "الميم" التي حلقت مؤخراً - بأكثر من 40% بعد أن باع الملياردير ريان كوهين، كامل حصّته في شركة التجزئة الأمريكية.
أما الأسهم المرتبطة بالعملات المشفّرة، فقد تراجعت بدورها بعدما حذت حذو "بيتكوين"، فقد انخفضت أسهم كل من "كوين بيس جلوبال" (Coinbase Global) و"ماراثون ديجيتال هولدينجز" (Marathon Digital Holdings) و"رايوت بلوكتشين" (Riot Blockchain) بأكثر من 10% لكل منها، في وقت انخفضت "بيتكوين" من جديد إلى ما دون مستوى 21,500 دولار للعملة الواحدة.
في المقابل، كان سهم شركة "اوكسدنتال بتروليوم" (Occidental Petroleum) إحدى النقاط المضيئة في السوق، حيث سجل أكبر ارتفاع له منذ مارس الماضي، على خلفية الأخبار التي أشارت إلى أن شركة وارن بافيت، "بيركشاير هاثاواي" (Berkshire Hathaway) حصلت على موافقة الجهات التنظيمية في الولايات المتحدة لشراء ما يصل إلى 50% من شركة النفط.
في ظل هذه الخلفية من المخاوف والتقلبات التي طغت على السوق، ارتفع الدولار ليسجل أفضل أسبوع له منذ أبريل 2020، في وقت انخفضت سندات الخزانة، حيث قفز عائد سندات الخزانة لأجل عامين، والتي تعتبر الأكثر حساسية تجاه تغييرات السياسة النقدية، بواقع 5 نقاط أساس.
تراجع بعد مكاسب كبيرة
مع انتهاء جلسة أمس الجمعة، تكون الأسهم الأمريكية سجلت أول تراجع أسبوعي لها في خمسة أسابيع، بعد سلسلة من المكاسب تعتبر الأطول منذ نوفمبر الماضي، حيث جاءت خسائر هذا الأسبوع بعد ارتفاع مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بنحو 15% من أدنى مستوياته في منتصف يونيو، مدعوماً بتكهنات بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يقلّص من حدة إجراءاته لرفع أسعار الفائدة. غير أن هذا الزخم الذي ساهم في صعود السوق، بدأ يُظهر بعض العلامات على التلاشي، مع قيام صناديق التحوط بخفض مشترياتها من الأسهم.