معهد أمريكي يحذر من استغلال الحوثي الهدنة لتعزيز دفاعاته بالحديدة
مليشيا الحوثي حفرت ما معدله 25 خندقاً جديداً وأقامت 51 حاجزاً وحقل ألغام كل أسبوع منذ بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.
حذر معهد أبحاث أمريكي من استغلال مليشيا الحوثي وقف إطلاق النار الأخير في اليمن، لتحصين وتعزيز دفاعاتهم في محيط مدينة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر.
وأوضح أن الحوثيين لم يلتزموا باتفاقية السويد، حيث شنوا 681 هجوماً في شتى أنحاء محافظة الحديدة، من بينها 84 هجوماً في محيط ميناء الحديدة وحده منذ بدء وقف إطلاق النار في الـ18 من ديسمبر/كانون الأول الماضي، كما لم يلتزموا بالمهلة النهائية التي سبق وحددتها الأمم المتحدة للانسحاب من المدينة بحلول الأول من يناير/كانون الثاني الجاري، وهو ما يعرض وقف إطلاق النار في اليمن للانهيار بسبب الانتهاكات الحوثية المتكررة.
وتوصلت الحكومة الشرعية في اليمن ومليشيا الحوثي إلى اتفاق وقف إطلاق النار برعاية أممية في العاصمة السويدية ستوكهولم أواخر الشهر الماضي، لكن المليشيا الموالية لإيران دأبت على خرق الهدنة.
وأشار برنامج ليفر -المتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية للعراق وإيران ودول الخليج، ومقره في بوسطن، في دراسة، نشرت الجمعة، للباحث الميداني مايكل نايتس، الذي سبق له وزار جبهات القتال في اليمن والحديدة- إلى أن قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن مارست أقصى درجات ضبط النفس لعدم الرد على الانتهاكات الحوثية المتكررة، لكن يبدو أن اتفاق وقف إطلاق النار لن يصمد طويلاً في ظل استمرار تلك الانتهاكات.
ورجح انهيار اتفاق وقف إطلاق النار وشن قوات تحالف دعم الشرعية بالتعاون مع الجيش اليمني عملية عسكرية لتحرير الحديدة من قبضة مليشيا الحوثي قريباً.
ونبهت الدراسة إلى أن الحوثيين استغلوا وقف إطلاق النار لتعزيز دفاعات الحديدة في انتهاك مباشر لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2451، الذي نص على وقف كل أعمال التحصين الجديدة، والبدء بتفكيك الدفاعات القائمة، كما عمدوا على شن ضربات استفزازية مثل التفجير الانتحاري الذي نُفّذ بواسطة طائرة بدون طيار في الـ10 من يناير/كانون الثاني الجاري، واستهدف قاعدة عسكرية يمنية في محافظة لحج، وهو ما يؤكد رغبتهم من البداية في استمرار القتال، واستغلال العملية السياسية كمناورة لالتقاط الأنفاس وتنظيم خطوطهم الدفاعية في الحديدة.
تحصين الدفاعات
أشارت الدراسة إلى نتائج المراقبة الجوية للعمليات العسكرية في محيط الحديدة، والتي أظهرت أن الحوثيين قاموا في محيط الحديدة بحفر ما معدله 25 خندقاً جديداً وإقامة 51 حاجزاً وحقل ألغام كل أسبوع منذ بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، حيث تشير الدلائل إلى استعدادهم لمعركة طويلة وليس استعداداً لانسحاب وشيك كما نصت اتفاقية السويد.
ولفتت إلى أن الأمم المتحدة لديها تفاصيل عن تحركات الحوثيين على الأرض للتمسك بالحديدة، موضحة أن تقارير المراقبين العسكريين تشير إلى أن الحوثيين يسيطرون على نحو 35 كيلومتراً في الحديدة شمل 20 كيلومتراً من الخطوط الأمامية و15 كيلومتراً من الساحل، وأن مساحة جبهتهم الدفاعية في المناطق الحضرية تبلغ 15 كيلومتراً طولاً و15 كيلومتراً عرضاً، في حين أن الجيش اليمني وقوات التحالف يحاصران الضواحي الشمالية الشرقية وينتشران على مسافة 6 كليومترات فقط من الميناء.
وتشير التقارير الاستخباراتية الأمريكية إلى أن عدد المقاتلين الحوثيين في المدينة يتراوح ما بين 2000 إلى 5000 مقاتل، إضافة إلى عدد من أبناء العشائر الحوثية من شمال اليمن، إلى جانب مجندين محليين، جندتهم مليشيا الحوثي قصراً.
الخطوط الدفاعية للحوثي
كشفت الدراسة عن تقارير المراقبة الجوية وعمليات الاستطلاع لمراقبي الأمم المتحدة في اليمن، حيث أشارت إلى أن الحوثيين يحصنون دفاعاتهم في محيط الحديدة، ويقيمون ٣ خطوط دفاعية لتحصين المدينة الساحلية.
وأوضحت أن الخط الأول هو خط دفاعي بمواجهة البحر الأحمر ويحرس الطريق الساحلي المؤدي إلى الميناء، ويمتد عبر الطرف الجنوبي الشرقي من الطريق الساحلي بالمنطقة الجامعية المحصنة، حيث يوفر هذا الخط للحوثيين تغطية المساحة المفتوحة بين المدينة والمطار انطلاقاً من مخابئ حصنوها بعناية، ولكن تم رصدها عند الأطراف الجنوبية الشرقية للمدينة.
وأضافت الدراسة أن الخط الدفاع الحوثي الثاني يقع بمواجهة الشرق، وتمتد جبهته الأمامية بين ما يعرف بـ"مثلث الكيلو 8" والدفاعات الحوثية في أحياء الصالح ومنذر، موضحة أنه في أعقاب التقدم الكبير الذي أحرزه التحالف في تلك المنطقة خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بذل الحوثيون معظم جهودهم لتحصين هذه الجبهة خلال فترة وقف إطلاق النار، حيث نصبوا متاهة من الحواجز الجديدة، خاصة حاويات شحن لتوفير مزيد من العمق للدفاعات الشرقية لوسط المدينة، كما يستغل الحوثيون مواقعهم بذلك الخط لقصف المناطق المحررة في "مثلث الكيلو 8"، مثل مركز "سيتي ماكس" التجاري ومصنع "العصير ومنتجات الألبان في الحديدة" ومستشفى "22 مايو".
وأشارت الدراسة إلى أن خط الدفاع الثالث للحوثي يغطي الجزء الشمالي من المدينة، حيث يستخدم الحوثيون المجمعات السكنية هناك كمخابئ لهم، كما أنهم أقاموا خطاً ثانياً من الحواجز على بُعد 3 كيلومترات داخل المدينة من أماكن تواجد الخنادق الخارجية للحوثيين، ويتواجد الميناء عند هذه الجبهة على مقربة من الطريق الأخير المؤدي إلى معاقل الحوثيين شمالي اليمن، حيث لا يفصل بينهما سوى 6 كيلومترات، ويمكن رؤيتهما بوضوح.
تحرير الحديدة
وأشارت الدراسة إلى أنه وفقاً للوضع على الأرض فإن قيام الجيش اليمني بالتعاون مع تحالف الشرعية بتحرير الحديدة ليس عملية عسكرية صعبة، لأن رصيف الميناء الممتد على طول 1.5 كيلومتر يقع في منطقة مكشوفة خارج حدود المدينة تماماً، ويمكن الوصول إليه عبر أرض مكشوفة تستطيع فيها القوة الجوية والأسلحة الثقيلة للجيش اليمني وتحالف الشرعية القيام بالدور الأكبر، بيد أن التحدي الأكبر لطالما تمثل بالمدينة نفسها، حيث ينبغي تطهير ضواحيها الشمالية على الأقل للسماح بتشغيل الميناء بشكل آمن.
ونبهت الدراسة إلى أن الحوثيين ينتشرون بشكل متفرق على امتداد محيط دفاعاتهم، ويعملون على تعزيز النقاط المهددة باستخدامهم شبكات من الخنادق المغطاة وأبنية تبدو مدنية من أجل تجنب المراقبة الجوية، محذرة إلى أن الحوثيين يعملون على فتح خطوطهم الخلفية لإمكانية تراجعهم إلى أحياء ذات الكثافة السكانية بالقرب من وسط المدينة، وهو نفس تكتيك مقاتلي تنظيم داعش إبان محاولة التصدي لتحرير الموصل العراقية، كما من المرجح أيضاً استخدام الحوثي قذائف الهاون والصواريخ والطائرات بدون طيار لقصف المناطق المحررة حديثاً كما فعلوا منذ عام 2015.
وأشادت الدراسة بالكفاءة النيرانية التي يتمتع بها التحالف والجيش اليمني، حيث تم استهداف أهداف دقيقة للغاية للحوثيين في محيط مدني دون وقوع أي خسائر مدنية أو حتى تعرض أي منشأة مدنية لأضرار، كما حدث في معارك "مثلث الكيلو ٨"، حيث أظهر مقاتلو "ألوية العمالقة" اليمنيين مهارة حقيقية وتصميماً في القتال في المناطق الحضرية.
aXA6IDE4LjE4OC4yMjcuMTA4IA== جزيرة ام اند امز