ترامب يعيد «باغرام» للواجهة.. «قاعدة» تشعل صراع النفوذ مع الصين

أعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجدل حول الوجود العسكري في أفغانستان إلى الواجهة، بعدما لمح إلى إمكانية استعادة السيطرة على قاعدة باغرام الجوية، في خطوة يرى مراقبون أنها تعكس تزايد حضور العامل الصيني في حسابات السياسة الخارجية الأمريكية.
ومع انسحاب آخر جندي أمريكي من مطار حامد كرزاي الدولي في 30 أغسطس/ آب 2021، أنهت الولايات المتحدة أطول حروبها عبر عملية إجلاء وُصفت بـ"الفوضوية"، ومهدت لانهيار الحكومة الأفغانية المدعومة من الغرب وعودة طالبان إلى الحكم.
حينها، مثّل التخلي عن قاعدة باغرام رمزًا لفقدان النفوذ الأمريكي، وأصبح الانسحاب نقطة ضعف سياسية استُخدمت ضد إدارة جو بايدن، بحسب مجلة ناشيونال إنترست.
لكن وفق ما أوردته وكالة "أسوشيتد برس"، فإن ترامب يفكر في إعادة تموضع جزئي للقوات الأمريكية داخل القاعدة، مبرراً ذلك بضرورات استراتيجية مرتبطة بالصين.
وقال في مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر: "نحن نحاول استعادتها"، مشيرًا إلى قرب باغرام من الحدود الصينية، ومعتبرا أن موقعها يجعلها ورقة حيوية في مواجهة نفوذ بكين المتنامي في آسيا الوسطى.
الخطاب يعكس رؤية ترامب التي تربط بين مستقبل أفغانستان ومعركة النفوذ مع الصين، خصوصًا مع سياسة الانفتاح العملي التي انتهجتها بكين تجاه طالبان، في مقابل سياسة العزلة التي اتبعها الغرب.
ورغم مبالغة ترامب في توصيفه لموقع القاعدة – إذ تبعد المنشآت النووية الصينية أكثر من 1200 ميل عن أفغانستان – فإن حديثه يندرج ضمن محاولة أوسع لتصوير بايدن كمنح الصين "هدية استراتيجية مجانية" بالتخلي عن باغرام.
وأشارت المجلة إلى أن إرث الانسحاب الفوضوي ما زال يلاحق بايدن، خاصة بعد التفجير الدامي الذي رافق العملية وأسفر عن مقتل 13 جنديًا أمريكيا وأكثر من 170 مدنيًا، وهو ما شكّل ضربة لصورته داخليًا.
أما ترامب، فيواصل التأكيد على أن خطته كانت تقضي بمغادرة أفغانستان مع الإبقاء على وجود عسكري محدود يحفظ لواشنطن "القوة والكرامة".
في المقابل، سارعت طالبان إلى نفي أي احتمال لعودة القوات الأمريكية.
وقال ذاكر جلالي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأفغانية، في منشور على منصة "إكس" للتواصل الاجتماعي إن "الشعب الأفغاني لم يقبل بوجود عسكري أجنبي في تاريخه. يمكننا التعاون سياسيًا واقتصاديًا على أساس المصالح المشتركة، لكن عودة القوات أمر مرفوض تمامًا."
بهذا، تتحول باغرام اليوم من قاعدة عسكرية إلى ورقة في لعبة النفوذ بين واشنطن وبكين، حيث ترى طالبان في الانفتاح على الصين فرصة لتعزيز شرعيتها، بينما يحاول ترامب توظيفها كورقة ضغط داخلية وخارجية معًا: سلاح انتخابي ضد بايدن، ورسالة استراتيجية بأن التنافس مع بكين يبدأ من قلب آسيا.