تعليق إمدادات السلاح الأمريكي لإسرائيل.. «ألغام غضب» أم سياسة جديدة؟
طفت الخلافات الأمريكية الإسرائيلية إلى السطح بسبب العملية العسكرية التي تنفذها تل أبيب في رفح الفلسطينية.
الخلافات ظهرت جلية في تعليق الولايات المتحدة إرسال شحنة أسلحة إلى إسرائيل تتضمن قنابل ثقيلة وخارقة للتحصينات، ولكن هذا لم يمنع إسرائيل من التأكيد على أنها ستمضي قدما في عمليتها في رفح الواقعة جنوبي قطاع غزة، التي تضم نحو 1.5 مليون نازح فلسطيني.
ولكن.. هل الخطوة الأمريكية ستؤثر في صناع القرار بإسرائيل وتجبرهم على الاستجابة للنداءات المتكررة لوقف الحرب في غزة المستمرة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي؟
الخطوة اعتبرها قياديان فلسطينيان "مؤقتة لتخفيف الضغط الداخلي على الإدارة الأمريكية، بسبب تحميلها مسؤولية استخدام السلاح الأمريكي في قتل المدنيين بفلسطين"، دون أن تكون تحولا عن السياسة الأمريكية التقليدية الداعمة لإسرائيل، أو تأثيرا بعيد المدى عن العلاقات العسكرية بين البلدين.
عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وزير التنمية الاجتماعية الأسبق أحمد المجدلاني قال، لـ"العين الإخبارية"، إن "القرار الأمريكي مؤقت من أجل احتواء الغضب المتصاعد ضد الإدارة الأمريكية بسبب دعمها إسرائيل المتواصل في الحرب على غزة".
وأضاف المجدلاني أن "القرار الأمريكي بتأخير إرسال الذخائر إلى إسرائيل هو محاولة لاحتواء الوضع الداخلي المتصاعد في الولايات المتحدة، في ظل تحميلها مسؤولية استخدام السلاح الأمريكي في قتل المدنيين والأبرياء في فلسطين".
واعتبر أن الإدارة الأمريكية تتخذ هذه الخطوات لتخفيف الضغط الداخلي، في ظل موجة الاحتجاج المتصاعدة في المجتمع الأمريكي، خصوصا في الحزب الديمقراطي وتأثير ذلك على الحملة الانتخابية لجو بايدن".
وقال إن "خطوة تعليق شحنات أسلحة لإسرائيل هي خطوة مؤقتة، من الممكن أن يتم تجاوزها بعد فترة قليلة، في ظل ضغوط اللوبي الصهيوني المؤيد لإسرائيل".
وأضاف أن الخطوة الأمريكية لن يكون لها تأثير بعيد المدى على العلاقة العسكرية الأمريكية الإسرائيلية ولا يمكن أن تؤثر على قدرات إسرائيل العسكرية".
وتعد الولايات المتحدة أكبر مورد للأسلحة إلى إسرائيل، وسرعت عمليات تسليم الأسلحة لتل أبيب بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وفي عام 2016، وقعت الحكومتان الأمريكية والإسرائيلية مذكرة تفاهم ثالثة توفر مساعدات عسكرية بقيمة 38 مليار دولار على مدى 10 سنوات، ومنحا تبلغ 33 مليار دولار لشراء معدات عسكرية، إضافة إلى 5 مليارات دولار لنظام الدفاع الصاروخي.
والشهر الماضي، وافق الكونغرس على تمويل إضافي لإسرائيل بقيمة 26 مليار دولار.
وبدوره، أعرب الدكتور محمد الشلالدة أستاذ القانون الدولي، وزير العدل الفلسطيني الأسبق، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، عن أمله في أن يسهم القرار الأمريكي، الذي وصفه بـ"خطوة صغيرة"، في الحيلولة دون ارتكاب جريمة إبادة جماعية في رفح.
وقال إن "القرار الأمريكي يأتي تطبيقا لقانون ليهي، وهو القانون الذي أصدره الكونغرس عام 1997، وهو القانون الذي تجرى الولايات المتحدة بموجبه تعليق أي مساعدة إلى قوات أجنبية في حال توافر أدلة على قيامها بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان".
وأضاف: "من حيث المبدأ، فإن نقل الأسلحة والذخيرة لإسرائيل محظور ويجب على الدول ومنها الولايات المتحدة الامتناع عن نقل الأسلحة؛ لاستخدامها في انتهاك القانون الدولي الإنساني وانتهاك القوانين الأساسية الأمريكية".
وأوضح أن تصدير الأسلحة يخالف التدابير المؤقتة التي أصدرتها محكمة العدل الدولية، ويخالف أيضا اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها 1948، وهذه الاتفاقية بغض النظر عن أن واشنطن انسحبت منها، إلا أنها تعتبر من القواعد الآمرة في القانون الدولي وهي تعتبر ملزمة لكافة الدول.
وإزاء ذلك، دعا وزير العدل الفلسطيني السابق أمريكا إلى الوقف الفوري لتصدير الأسلحة، وليس تعليق مؤقت فقط، لضمان تنفيذ التدابير المؤقتة من محكمة العدل الدولية، للحيلولة دون الاستمرار في انتهاك حقوق الإنسان، ولمنع ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية.
وقال الشلالدة "نحن نعي جيدا كشعب فلسطيني وسلطة وطنية أن الولايات المتحدة في الحرب المعلنة على غزة هي شريك في جريمة الإبادة التي ترتكب ضد الشعب الفلسطيني".
وبرهن الشلالدة باستخدام أمريكا حق الفيتو الذي أبطل العديد من القرارات في الأمم المتحدة، وأبطل الدور الرئيسي للأمم المتحدة ليحل منطق القوة على منطق الشرعية الدولية، وهو ما اتضح حين جرى استخدام الفيتو لمنع قبول العضوية الكاملة للأمم المتحدة لدولة فلسطين.
وقال إن "أمريكا تقوم بتطبيق قواعد القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان في العالم بشكل عام، وفي فلسطين تحديدا، بحسب مصالحها، وليس بحسب مبادئ القانون الدولي ومبادئ الإنسانية ومبادئ الضمير الإنساني".
aXA6IDEzLjU5LjIuMjQyIA== جزيرة ام اند امز