بايدن أم نتنياهو.. بوجه من ستنفجر «القنابل المعلقة»؟
أي ارتدادات لقرار جو بايدن تجميد شحنة قنابل لإسرائيل؟، هل يمكن أن تكون للخطوة تبعات سواء على الرئيس الأمريكي أو على بنيامين نتنياهو؟
الأمر قد يرتبط في جزء منه بتأثير القرار نفسه على تطورات الحرب في غزة، وتحديدا على اجتياح رفح، الهجوم البري الذي لطالما حذرت منه واشنطن ورفضته.
لكن في الواقع، فإنه حتى قدرة تلك الخطوة على إحداث تغييرات في حرب غزة لا تبدو بديهية بالنظر إلى حزام الشكوك الذي يطوق سياقها، سواء في بعدها المحلي أو ما يتعلق بتطورات الأوضاع بالقطاع، هناك حيث لا تزال الحرب تستعر بانتظار هدنة.
أكثر الرسائل قوة
وبتجميده شحنة تضم آلاف القنابل وتحذيره من أنه قد يوقف أخرى، وجه الرئيس الأمريكي جو بايدن أكثر رسائله قوة حتى الآن إلى إسرائيل ومنتقديه في الداخل، لكن مع ذلك، لا تزال الشكوك قائمة حول إمكانية أن يؤثر هذا القرار على مجرى الحرب في غزة.
وأمس الأربعاء، قال بايدن خلال مقابلة أجرتها معه محطة سي إن إن الإخبارية الأمريكية: "إذا دخلوا (الإسرائيليون) إلى رفح فلن أزوّدهم بالأسلحة التي استُخدمت في السابق ضدّ مدن".
ولطالما رفض بايدن، الذي يصف نفسه بأنه مؤيد للصهيونية، وقف أي شحنة من الأسلحة التي ترسلها واشنطن سنويا إلى إسرائيل بقيمة 3 مليارات دولار.
حتى أنه دفع الكونغرس إلى زيادتها عقب هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، الذي شنته حركة حماس في جنوب الدولة العبرية، ما أدى إلى اندلاع الحرب في قطاع غزة.
لا خيار آخر؟
لكنّ مسؤولين أمريكيين يقولون إنه وجد نفسه مجبرا على تغيير موقفه بعد أن أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه مصر على المضي قدما في الهجوم على رفح جنوب القطاع، متحديا مطالبات بايدن العلنية بعدم شنّ عملية برية.
وقال مسؤولون أمريكيون كبار إن واشنطن علّقت الأسبوع الماضي عملية تسليم 1800 قنبلة زنة الواحدة منها ألف رطل (907 كيلوغرامات) و1700 قنبلة زنة الواحدة منها 500 رطل، وقد يكون هناك المزيد من عمليات تعليق مماثلة.
وقال بايدن ردّاً على سؤال حول السبب الذي دفع إدارته إلى تعليق إرسال شحنة القنابل هذه، إنّ "مدنيين قُتلوا في غزة بسبب هذه القنابل، هذا أمر سيئ".
وفي وقت سابق الخميس، اعتبر سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، جلعاد إردان، أن تهديد بايدن بوقف إمدادات أسلحة معيّنة إلى إسرائيل في حال اجتياحها مدينة رفح المكتظة بالسكان، "مخيّب للآمال".
ويأتي ذلك فيما يواجه بايدن انتقادات متزايدة من الجناح اليساري للحزب الديمقراطي قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية، ومع تصاعد الحركة الطلابية المؤيدة للفلسطينيين في كبرى جامعات الولايات المتحدة.
جدل
لكن قرار التجميد واجه ردود فعل متباينة، حيث أشاد السيناتور البارز بيرني ساندرز، أحد أبرز منتقدي الحرب، بقرار بايدن.
وقال إن على الولايات المتحدة الآن ممارسة كل نفوذها للمطالبة بوقف إطلاق النار و"الكف عن المشاركة في حرب نتنياهو المروعة ضد الشعب الفلسطيني".
لكنّ النائبَين الجمهوريَين البارزَين مايك مكول ومايك رودجرز وصفا الخطوة بأنها "مروعة" و"خطأ استراتيجي غير مدروس" تضعف إسرائيل فيما تتفاوض لإطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة.
من جانبه، رأى رافاييل كوهين، مدير برنامج الاستراتيجية والعقيدة في مجموعة راند كوربوريشن للبحوث، أن تعليق شحنات الأسلحة علامة واضحة على التوتر في العلاقات (الأمريكية الإسرائيلية) والضغط المتزايد على بايدن من الجناح اليساري للحزب الديمقراطي من أجل الحد من عدد الضحايا الفلسطينيين.
وأضاف كوهين، لوكالة فرانس برس: "مع ذلك، من منظور سياسي بحت، يحتاج بايدن ونتنياهو أحدهما للآخر".
وأشار كوهين إلى أن بايدن قد يخشى إغضاب الناخبين الوسطيين، إذا ذهب أبعد من اللازم في تحولاته، في حين يعرف نتنياهو بأنه يحتاج إلى دعم واشنطن، فيما يسود غضب عالمي واسع النطاق ضد إسرائيل.
ضغط متزايد
وفي السابق، اتّخذت إدارة بايدن خطوات أصغر لإظهار استيائها من نتنياهو، بما فيها فرض عقوبات على مستوطنين إسرائيليين متطرفين وتمرير قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يدعم وقف إطلاق النار.
وفي الماضي، ساهمت تدخلات أمريكية في تغيير السلوك الإسرائيلي، ففي عام 1991، حضرت إسرائيل على مضض مؤتمر مدريد الذي أدى إلى عملية سلام مع الفلسطينيين بعد أن رفض الرئيس الأمريكي وقتها جورج بوش الأب ضمانات قروض لبناء مستوطنات.
وفي عام 1956، أجبرت ضغوط أمريكية مكثفة، شملت تهديدات اقتصادية، إسرائيل وبريطانيا وفرنسا على التخلي عن سيطرتها على قناة السويس من مصر.
لكنّ خبراء تساءلوا عما إذا كان ممكنا أن يحصل ذلك هذه المرة لأن إسرائيل تنظر إلى حربها الحالية مع حماس من منظور وجودي بعد هجوم الحركة غير المسبوق.
وقال جون ألترمان، نائب رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: "لا أستطيع تصوّر أن الاستياء الأمريكي من احتمال غزو رفح لا يحتل حيزا كبيرا في حسابات الحكومة الإسرائيلية"، مضيفا: "في الوقت نفسه، للإسرائيليين حسابات أخرى".
إلى أي مدى ستعيد إسرائيل النظر في اجتياح رفح؟
وأوضح كوهين أن إسرائيل أوقفت غاراتها الجوية وأعادت فتح معابر بعدما أعرب بايدن عن غضبه الشهر الماضي إثر مقتل 7 عمال إغاثة في ضربة إسرائيلية.
وأضاف: "بغض النظر عن خطاب نتنياهو، تأخذ إسرائيل الضغوط الأمريكية على محمل الجد".
لكن عدم اجتياح رفح يعني من الناحية العملية عدم المساس بـ4 كتائب على الأقل من مقاتلي حماس، بالإضافة إلى قيادتها العليا وترك أكثر من 100 رهينة في أيدي الحركة، وفق كوهين.
وتابع: "من منظور إسرائيلي استراتيجي، ذلك غير مرجّح وقد يؤدي أيضا إلى انهيار ائتلاف نتنياهو".
وحتى مع تعليق هذه الشحنة، يعتقد أن إسرائيل تملك مخزونا كبيرا من الأسلحة. فهي لديها صناعة دفاعية قوية، كما أن إدارة بايدن أرسلت مرات عدة أسلحة إليها لا تتخطى عتبة الكمية التي تتطلب موافقة الكونغرس.
وقالت آري تولاني التي تتابع تجارة الأسلحة في مركز السياسة الدولية: "ما زلنا نرى تداول أسلحة بقيمة مئات ملايين الدولارات من دون أن نعرف تفاصيل تداولها".
وشكّكت، تولاني في حديث لوكالة فرانس برس، في أن يكون لتعليق شحنات الذخائر "تأثيرا عملياتيا فوريا"، لكن هذه الخطوة أفهمت إسرائيل أن عليها الامتناع عن إلقاء قنابل زنة 2000 رطل مثلما سبق أن فعلت.
وأضافت: "بالنسبة لمكان مكتظ مثل غزة، لا يمكن استخدام قنابل بهذا الحجم وفقا لقانون الصراع المسلح".
aXA6IDE4LjIyNi4xODcuMjEwIA== جزيرة ام اند امز