«الحياة توقفت في رفح».. دوامة النزوح «تبتلع» غزة
مع احتدام المعارك في رفح جنوبي قطاع غزة، كان الفلسطينيون على موعد جديد مع محنة النزوح، تاركين وراءهم "مدينة أشباح".
وعلى مدار الأسابيع الماضية، هددت إسرائيل بهجوم كبير على رفح لهزيمة "4 من كتائب حماس الـ6 المتبقية المتحصنة هناك"، حسب ما تعلن.
ولكن أكثر من مليون شخص يحتمون في المدينة، مما أثار تحذيرات من الأمم المتحدة من كارثة إنسانية.
"لقد توقفت الحياة في رفح"، هكذا وصف فلسطيني الوضع في المدينة الواقعة جنوب قطاع غزة، حيث تقوم القوات الإسرائيلية بعمليات توغل منذ الإثنين ويفر سكانها باتجاه دير البلح، وهي مدينة ساحلية في وسط القطاع تعج منذ اندلاع الحرب بالآلاف من خيام النازحين.
ويتجمع أكثر من 1.4 مليون شخص في رفح عند الحدود المصرية، بما في ذلك أكثر من مليون نازح هربوا إلى هناك بعد 7 أشهر من القتال والقصف الإسرائيلي الذي حول شمال القطاع ثم وسطه إلى أنقاض.
ومنذ الإثنين، ينفذ الجيش الإسرائيلي عمليات قصف وتوغلات واسعة النطاق بالأحياء الشرقية لمدينة رفح، بعد أن أمر سكانها بإخلاء مناطق بها والاتجاه إلى منطقة المواصي غرب خانيونس وسط غزة.
وقال أحمد رضوان المسؤول في الدفاع المدني في غزة لوكالة فرانس برس إن "القصف المدفعي الإسرائيلي مستمر وعشوائي على شرق ووسط رفح، ما أدى إلى سقوط عديد من القتلى والجرحى"، مشيرا إلى أن القصف "يستهدف الطوابق العليا من المباني السكنية".
"إلى أين نذهب؟"
قال مروان المصري (35 عاما)، وهو فلسطيني لجأ إلى رفح، إن “الحياة توقفت تماما في وسط مدينة رفح”، حيث “الشوارع فارغة والأسواق متوقفة”.
وأضاف مروان: "إننا جميعا نخشى تقدما للقوات الإسرائيلية، كما هو الحال في الأحياء الشرقية من رفح، التي أصبحت الآن خالية من سكانها"، مشيرا إلى أنه وأقاربه أصبحوا الآن "جميعا قلقين وخائفين" بسبب القصف المتواصل.
ابتهال العروكي، التي فرت من مخيم البريج وسط قطاع غزة بحثًا عن ملجأ في رفح، تجد نفسها بلا مأوى مرة أخرى بعد مغادرتها شرق المدينة.
تقول بحزن: "لقد خرجنا من تحت أنقاض منزلنا في البريج، والآن، بسبب القصف المكثف على رفح، أنا وأولادي في الشارع".
وتابعت المرأة البالغة 39 عاما التي ولدت بعملية قيصرية قبل أسبوعين لوكالة فرانس برس: "لا نعرف إلى أين نذهب، لا يوجد مكان آمن".
ويروي محمد أبو مغيصيب، المنسق الطبي لمنظمة أطباء بلا حدود في رفح، الذي نزح من مدينة غزة في بداية الحرب قائلا: “الوضع في رفح فوضوي”.
ويقول إن الناس يغادرون الأحياء "يحملون أمتعتهم، والفراش والبطانيات، وأدوات المطبخ في الشاحنات".
طابور طويل
أحمد فاضل، 22 عاما، من مدينة غزة في الشمال، تم نقله لأول مرة إلى مخيم النصيرات في وسط قطاع غزة، حيث غادر مرة أخرى عندما دخلت القوات الإسرائيلية مخيم البريج المجاور.
يقول أحمد لوكالة فرانس برس: "غادرنا إلى رفح، لكنهم قصفوا المدينة وهددوها، فجئنا إلى دير البلح المكتظة بالسكان أصلا".
وشاهد صحفيو الوكالة طوابير طويلة من النازحين الفلسطينيين الفارين من رفح في سيارات أو شاحنات أو عربات تجرها الحمير أو سيرا على الأقدام، حاملين ما في وسعهم.
وتظهر صور للوكالة آلاف الخيام والملاجئ مكتظة على طول منطقة دير البلح الساحلية، التي تكتظ شوارعها بالنازحين.
ويقول عبد المجيد الكرد، تاجر محلي، إن دير البلح "مدينة صغيرة جدا، أصبحت الآن مكتظة للغاية. ولا توجد مساحة أو بنية تحتية لاستيعاب هؤلاء الناس".