"أرتميس" باختبار جديد السبت.. التفوق الأمريكي على المحك
خلل في صاروخ "أرتميس 1" يرجئ حلم الرحلة الأمريكية إلى القمر ويفرض أجندة زمنية جديدة لخطوة تضع تفوق واشنطن على المحك.
وستحاول وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، غدا السبت، إطلاق صاروخها العملاق الجديد نحو القمر، بعدما حلّت مشكلات تقنية تسببت في إرجاء هذه العملية الإثنين الماضي، فيما يبدو أن التوقعات الجوية مؤاتية.
وقالت الوكالة إن غدا سيكون الموعد التالي المحتمل لإطلاق مهمة أرتميس التجريبية غير المأهولة لاستكشاف القمر، بعد محاولة فاشلة جرت في وقت سابق من هذا الأسبوع.
وتأتي الخطوة الجديدة عقب إجراءات أقرتها الوكالة، وفق مدير بعثة أرتميس، مايك سارافين، والذي قال إن الفريق قرر تغيير عملية شحن الوقود بعد مواجهته مشاكل في استعداداته للمحاولة التي جرت الإثنين.
وتم إلغاء عملية الإطلاق بسبب مشاكل من بينها تسرب الوقود، وارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير في أحد المحركات الأربعة والظروف الجوية السيئة، فيما قالت ناسا إنه سيتم تبريد المحركات في وقت مبكر من عملية الإطلاق.
ومن المقرر أن تبدأ عملية الإطلاق بعد ظهر السبت من مركز كينيدي للفضاء في كيب كانافيرال بولاية فلوريدا، وسط احتمالات بأن تدفع الظروف الجوية لإلغاء جديد للمهمة يوم السبت، ما قد يتسبب في إحراج إضافي لواشنطن التي أرفقت خبر إطلاقها في كل مرة بصخب إعلامي كبير.
قيد الاختبار
رحلة مهمة ناسا للقمر تضع التفوق الأمريكي على المحك، خصوصا أنها تأتي في وقت بالغ الحساسية من الحرب الروسية الأوكرانية، وبعد أقل من شهر على إعلان موسكو الانسحاب من محطة الفضاء الدولية بعد العام 2024.
فأمريكا التي تتجه إلى إعادة رواد الفضاء إلى القمر في وقت مبكر من عام 2025، تواجه سيناريوهات تأجيل قد تربك حربها الباردة مع روسيا في الفضاء، بل قد تمنح الأخيرة نقاط تفوق كثيرة، وذلك أسوأ ما قد تواجهه واشنطن حاليا.
وقال مايك سارافين المسؤول في "ناسا" عن مهمة "أرتميس"، "ليس هناك ما يضمن أننا سننجح في عملية الإطلاق السبت، لكننا سنحاول".
في المقابل، يدفع عدد من المحللين بفرضية نجاح الإطلاق غدا السبت، حيث قالت محللة التوقعات الجوية ميلودي لوفين: "يبدو الطقس جيدا" ولا يتوقع أن يكون "عائقا" أمام عملية الإطلاق.
وتتمثل مهمة "أرتميس 1" في إطلاق كبسولة "أوريون" غير المأهولة في المدار حول القمر، للتحقق من أن المركبة آمنة لرواد الفضاء المستقبليين، بمن فيهم أول امرأة وأول شخص من ذوي البشرة الملونة يمشيان على سطح القمر.
وبعد 42 يوما في الفضاء، يتمثل الهدف الرئيسي في اختبار الدرع الحرارية للكبسولة في أثناء عودتها إلى الغلاف الجوي للأرض، بسرعة تقرب من 40 ألف كيلو متر في الساعة ودرجة حرارة توازي نصف حرارة سطح الشمس.
وستُنقل دمى عرض في المركبة المجهزة بأجهزة استشعار تسجل الاهتزازات ومستويات الإشعاع، وستصل الكبسولة إلى 64 ألف كيلو متر ما بعد القمر، أي أبعد من أي مركبة فضائية أخرى صالحة لنقل البشر حتى الآن.
وبعد هذه المهمة الأولى، ستنقل "أرتميس 2" رواد فضاء إلى القمر في 2024 من دون أن تهبط على سطحه، وأول هبوط لمهمة مأهولة سيحصل لطاقم "أرتميس 3" في العام 2025 على أقرب تقدير.
والهدف من ذلك ترسيخ وجود بشري دائم على القمر، مع إنشاء محطة فضائية في مدار حوله وقاعدة على سطحه، وفق وكالة فرانس برس.
مصيدة الروس؟
إلى القمر تدفع واشنطن بحربها مع موسكو في محاولة لاصطياد خصمها في الفضاء لتعويض جمود حربها بالوكالة على الأرض في أوكرانيا.
فحين يتعلق الأمر بسباقها مع روسيا، لا شيء يكون اعتباطيا بالنسبة لواشنطن التي اختارت توقيتا لإطلاق مهمتها الجديدة بعد أقل من شهر فقط على إعلان يوري بوريسوف، رئيس وكالة الفضاء الروسية "روسكوسموس"، أن موسكو قررت الانسحاب من محطة الفضاء الدولية "بعد العام 2024".
وفي رد فعل فوري حينها، رأت واشنطن في القرار الروسي تطورا مؤسفا، بينما أكد البيت الأبيض أنه لم يتلق بلاغا رسميا بشأن هذا الانسحاب وأنه يدرس بدائل لتخفيف وطأته، ومطاردة الروس.
وتماما كما دفعت نهاية الحرب الباردة، في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، البلدين إلى التعاون ومن ثم إنشاء المحطة، فإن الحرب الساخنة الحالية بين الغريمين التقليديين، ستكون أحد أسباب انهيار الشراكة التي استمرت لأكثر من عقدين من الزمن.
انهيار لن يعني الكثير بالنسبة لموسكو التي تخطط لبناء محطتها الفضائية الخاصة بها والتي تأمل أن تتمكن من الاستقرار في مدارها حول الأرض بحلول عام 2028.
لكن الأمر بالنسبة لواشنطن أكبر من ذلك بكثير، وحربها بالوكالة مع غريمتها التقليدية يدفعها لإحياء محاولاتها لتحقيق طموحاتها بخصوص الفضاء والقمر تحديدا.
تحد يدفعها -عبر وكالة ناسا- للمحاولة مجددا بعد نصف قرن من نهاية عصر برنامج "أبولو"، لإعادة رواد الفضاء إلى سطح القمر، مع أن الكثير من الأجهزة الضرورية لا تزال مجرد تصميمات على الورق.