«الشاي».. كيف أشعل «معشوق الملايين» شرارة استقلال أمريكا؟
في 21 مايو/أيار من كل عام، يحتفل الملايين من سكان الكرة الأرضية باليوم العالمي للشاي، ذلك المشروب الساخن، الملهم للكثيرين.
الشاي.. ذلك مشروب المستمد من نبات كاميليا سينيسيس، وهو أكثر المشروبات استهلاكا في العالم بعد الماء، ويُعتقد أن استهلاك الشاي بدأ في شمال شرق الهند وشمال ميانمار وجنوب غرب الصين، ورغم ذلك ارتبط الشاي تاريخيا باستقلال الولايات المتحدة، القوى العظمى في العالم حاليا، عن بريطانيا.
ما القصة؟
شهد عام 1773، خلافا علنيا حول فرض بريطانيا الضرائب في مستعمرات أمريكا الشمالية، حينما مرر البرلمان قانون الشاي الذي اقترحه رئيس الوزراء البريطاني آنذاك لورد نورث، وفي ذلك الوقت كان لدى شركة الهند الشرقية الإنجليزية كمية كبيرة من الشاي الفائض.
ولمساعدة الشركة شبه المفلسة تقريبا، وإحباط تهريب الشاي الهولندي، وإعادة تأكيد سلطتها في فرض الضرائب على المستعمرات، أجاز البرلمان البريطاني قانون الشاي في 10 مايو/أيار 1773.
وبموجب القانون، تم فرض ضريبة على الشاي عند نقطة الدخول في الموانئ، وأنشئ مكتب جمارك للأمر، في خطوة أرادت بريطانيا من ورائها مشاركة المستعمرات الواقعة تحت سيطرتها في تحمل نفقات جيوشها.
وقوبلت هذه السياسة البريطانية بالرفض واحتجاجات عارمة في المستعمرات ضد التاج البريطاني، أسفرت عن إلغاء الضرائب المفروضة باستثناء تلك المتعلقة بالشاي، السلعة الرائجة في ذلك الوقت بأمريكا.
ونتيجة لذلك، اشتعلت الاحتجاجات خاصة في مدينة بوسطن، حيث تصدى الجنود البريطانيون للمتظاهرين، الأمر الذي أسفر عن مقتل 5 أشخاص فيما سُمي باسم "مجزرة بوسطن".
وبعد مرور 3 سنوات على تلك الحادثة، وبينما كانت ثلاث سفن تابعة لشركة الهند الشرقية ترسو في ولاية بوسطن، قام نحو 50 ناشطا بالتنكر في هيئة "هنود الموهوك"، وصعدوا على متنها وأفرغوا حمولتها من الشاي في مياه المرفأ، في حادثة عُرفت بـ"حفل شاي بوسطن"، لتنطلق الشرارة الأولى لاستقلال أمريكا.
ووصلت أنباء "حفلة شاي بوسطن" إلى بقية الولايات، فخرج سكانها في احتجاجات لم تخمد إلا في عام 1776، باستقلال الولايات المتحدة الأمريكية في الرابع من يوليو/تموز من العام ذاته، قبل أن يتم توقيع على وثيقة الاستقلال من 56 مندوبا يمثلون تلك المستعمرات، جرى يوم 2 أغسطس/آب 1776.
من أين بدأت أسطورة الشاي؟
رغم أن السائد هو أن الصينيين هم أول من اكتشفوا نبتة الشاي، إلا أن الفضل الأول في نشر هذا المشروب يعود لسيدة برتغالية نقلت عدوى عشقها لشعب بأكمله.
وتفوق البريطانيون على شعوب العالم في الولع بالشاي، حتى إن متخصصين في علم الاجتماع يكادون يتفقون على أن أي شخص ذي وجه جامد القسمات، ولا يبدي أي انفعالات، وفي يده قدح من الشاي، فسيكون حتما إنجليزيا.
وفي الواقع، إن الشاي يعد جزءا أصيلا من الثقافة الإنجليزية، إلى حد أنه قد ارتبط في أذهان العالم بالشعب الإنجليزي.
لكن أصول هذه العادة ترتبط بقصة تعود لعام 1662، عندما وافق ملك إنجلترا تشارلز الثاني على الزواج بالأميرة كاثرين أوف براغانزا، ابنة جون الرابع ملك البرتغال.
ويقال إن كاثرين جلبت معها أوراق الشاي ضمن تجهيزاتها الشخصية حين انتقلت للعيش مع زوجها، لكنها صدمت حين عرفت أن تلك الأوراق يستخدمها الإنجليز في العلاج حيث يعتقدون أنه ينشط الجسم وينقي الطحال.
ورغم ذلك، لم تتخل الملكة عن عادتها باحتساء الشاي يوميا كما تفعل في بلادها، ومنذ ذلك الحين انتشر الشاي كمشروب يتجمع الناس لاحتسائه في إنجلترا، ولم يعد علاجا فقط.
aXA6IDMuMTQ0Ljg5LjE1MiA= جزيرة ام اند امز