اتفاق واشنطن وطهران؟.. مؤشر القلق الإسرائيلي يرتفع
يزداد قلق إسرائيل يوما بعد يوم من احتمال التوصل لاتفاق بين الولايات المتحدة وإيران بشأن البرنامج النووي لطهران.
وقال مسؤولون إسرائيليون كبار إن "احتمالية الاتفاق بين الولايات المتحدة وإيران بشأن البرنامج النووي تزداد، وهو ما يقلق إسرائيل".
وكشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية النقاب عن أنه على وقع هذه التقديرات الإسرائيلية فإن من المقرر أن يلتقي وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت نظيره الأمريكي لويد أوستن يوم الخميس المقبل، مشيرة إلى أن الاجتماع سيعقد في دولة أوروبية (غير محددة)، لأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو منع وزراءه من عقد اجتماعات مع كبار المسؤولين الأمريكيين في الولايات المتحدة حتى تتم دعوته إلى البيت الأبيض، وهي مجاملة تقليدية لم يقم بها الرئيس الأمريكي جو بايدن بعد، رغم مضي قرابة 6 أشهر على تولي نتنياهو منصبه.
واستنادا إلى تقرير الصحيفة، الذي تابعته "العين الإخبارية"، فإن واشنطن تجري محادثات مع إيران عبر وسطاء، حيث يشرف على المفاوضات من الجانب الأمريكي بريت ماكغورك، الذي يعتبر مقربا من مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، ويحل محل روب مالي المبعوث الأمريكي لإيران.
وقالت "يديعوت أحرونوت" "الجانب الأمريكي يبقي على القناة الدبلوماسية مفتوحة مع طهران، على أمل ثني الإيرانيين عن تكثيف تخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء 90٪ المطلوبة للمواد الانشطارية المستخدمة في صنع الأسلحة، وبالتالي تجنب الصدام العسكري الذي لا ترغب به واشنطن".
وأضافت أنه "تتطرق المحادثات أيضا إلى أمور أخرى، القضايا الثنائية مثل تبادل الأسرى ومحاولات التوصل إلى تفاهمات سلمية في مختلف المجالات".
وأشارت الصحيفة في الوقت نفسه إلى أن طهران ليست متحمسة للتوصل إلى اتفاق مؤقت وترغب في العودة إلى اتفاق 2015 الأصلي الذي انسحبت منه الولايات المتحدة في عهد الرئيس دونالد ترامب في عام 2018".
وقالت الصحيفة: "من جانبها، تعارض واشنطن العودة إلى الاتفاق الأصلي خوفا من الرأي العام، لا سيما في ظل تورط إيران في غزو روسيا لأوكرانيا".
وأضافت: "تسعى الولايات المتحدة إلى التوصل إلى اتفاقية طويلة الأمد جديدة وأكثر صرامة، لكن المسؤولين الإسرائيليين يعتقدون أن الإيرانيين لن يوافقوا عليها لأن بعض البنود الرئيسية للاتفاقية التي تم التخلي عنها ستنتهي بحلول عام 2025".
اتفاق مرحلي؟
الصحيفة الإسرائيلية أشارت إلى أن الحديث قد يدور عن اتفاق مرحلي في ظل تباعد المواقف.
وقالت إنه "في حين أن العودة إلى الاتفاق النووي الأصلي لا تزال غير مرجحة إلى حد كبير، فقد يتوصل الطرفان إلى اتفاق بشأن صفقة تبادل للأسرى، والإفراج عن الأصول الإيرانية المجمدة بموجب العقوبات الدولية".
وأشارت الصحيفة إلى أنه "في المقابل، سيتعين على إيران الالتزام لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية باستعادة الرقابة على المنشآت النووية ووقف تخصيب اليورانيوم".
وأشارت إلى أن إسرائيل "بعثت برسالة صارمة إلى واشنطن وأعضاء آخرين في المجتمع الدولي، مفادها أن التهديد العسكري الموثوق به سيكون أكثر فاعلية من الدبلوماسية، التي يقول المسؤولون الإسرائيليون إن طهران تستغلها لكسب الوقت ومواصلة الدفع نحو الحصول على أسلحة نووية؟
ماذا سيقول غالانت لأوستن؟
من جانبه، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن حكومته ستمنع إيران من امتلاك السلاح النووي "سواء أكان هناك اتفاق دولي معها أم لا".
وكشف نتنياهو النقاب، في مستهل الجلسة الأسبوعية للحكومة الإسرائيلية، عن أنه أبلغ وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بهذا الأمر.
وقال نتنياهو، في بيان تلقت "العين الإخبارية" نسخة منه: "يوم الخميس الماضي، تحدثت مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الذي كان في طريقه إلى بلاده من المملكة العربية السعودية".
وأضاف: "تحدثنا بإسهاب عن سلسلة من المواضيع وخاصة إيران، وأعربت عن تقديري لوزير الخارجية على التعاون الاستخباراتي والعسكري بين إسرائيل والولايات المتحدة.. أريدكم أن تعلموا، لم يكن هذا مجرد كلام، فالتعاون حاليًا هو في ذروته على الإطلاق".
وتابع نتنياهو قائلا "جددت التأكيد على موقفنا الثابت بأن العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران لن يوقف البرنامج النووي الإيراني، بل سيمكن إيران فقط من تحويل الأموال إلى المنظمات الإرهابية التي ترعاها في الشرق الأوسط وحول حدود إسرائيل".
وأشار نتنياهو إلى أنه "كررت القول بأنه لن يكون أي ترتيب مع إيران ملزمًا لإسرائيل. مع أو بدون اتفاق، سنواصل القيام بكل ما هو ضروري للدفاع عن دولة إسرائيل".
وقال إيتمار ايخنر، المحلل في صحيفة إيديعوت أحرونوت"، إن "هذا هو أيضا الموقف الذي سيقدمه غالانت إلى أوستن في اجتماعهما بأوروبا".
ويأتي الاجتماع بعد لقاء آخر عقد في واشنطن بين مستشار الأمن القومي تساحي هنغبي، ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر مع مستشار الأمن القومي الأمريكي سوليفان.
واعتبر ايخنر أنه ربما يكون لقاء غالانت مع أوستن آخر محاولة إسرائيلية للتأثير على الاتفاقية الناشئة.
وبحسب المحلل ذاته "يقول مسؤولو الحكومة الإسرائيلية إن أحد أسباب عدم دعوة نتنياهو إلى الولايات المتحدة هو التأكد من أن زيارته لا تقوض الاتفاق، بسبب الذاكرة المريرة للإدارة الديمقراطية لخطاب نتنياهو في عام 2015 أمام الكونغرس خلال عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما".
ونقل عن أحد المسؤولين قوله إن "واشنطن ستعطي إسرائيل ضمانات بأنها لن تتضرر من اتفاق محتمل مع إيران".
وقال إنه "في غضون ذلك يتخذ الأوروبيون موقفا أكثر تشددا تجاه طهران، لا سيما بسبب مساعدتها المكثفة للجهود العسكرية الروسية في أوكرانيا".
وبالمقابل، أكد مسؤولون أمريكيون للصحيفة أنه "ليس لدى إسرائيل سبب للقلق، خاصة أن المحادثات تجري بشفافية كاملة وتنسيق معها".
محادثات غير مباشرة
وفي الوقت ذاته، قال موقع "واللا" الإخباري الإسرائيلي إن مسؤولين أمريكيين وإيرانيين أجروا محادثات غير مباشرة في سلطنة عمان الشهر الماضي.
وأشار الموقع، في تقرير نشر لذات المراسل الإسرائيلي في موقع "أكسيوس" الأمريكي، إلى أنه "تمثل محادثات التقارب" التي لم يتم الإبلاغ عنها سابقا أول مشاركة غير مباشرة معروفة بين الولايات المتحدة وإيران بهذه الطريقة منذ عدة أشهر، وقد حدث ذلك وسط مخاوف متزايدة في البيت الأبيض بشأن التقدم النووي الإيراني.
وكشف الموقع أن منسق البيت الأبيض للشرق الأوسط بريت ماكغورك سافر إلى سلطنة عمان سرا في 8 مايو/أيار الماضي لإجراء محادثات مع المسؤولين العمانيين حول التواصل الدبلوماسي المحتمل مع إيران فيما يتعلق ببرنامجها النووي.
وقال الموقع الإسرائيلي إنه "وصل وفد إيراني إلى عمان في نفس الوقت، وقال أحد المصادر إن كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين علي باقري كان ضمن الوفد"، موضحا أن ماكغورك لم يلتق المسؤولين الإيرانيين، إذ كان الجانبان في موقعين منفصلين حيث كان المسؤولون العمانيون يتنقلون بينهما ويمررون الرسائل".
وأضاف: "قالت المصادر إن الولايات المتحدة أوضحت أن إيران ستدفع ثمناً باهظاً إذا مضت قدما في تخصيب اليورانيوم بنسبة 90٪ وهو المستوى المطلوب لإنتاج سلاح نووي".
وتابع الموقع ذاته قائلا إنه: "كان الهدف من التبادل غير المباشر للرسائل بين إدارة بايدن وإيران هو الوصول إلى "تفاهم" حول طرق خفض تصعيد البرنامج النووي الإيراني، وسلوك إيران في المنطقة، وتورطها في الحرب في أوكرانيا".
وأشار إلى أنه "يمكن استخدام هذا التفاهم وخفض التصعيد في المنطقة لاحقا كأساس للمحادثات المستقبلية حول اتفاقية نووية جديدة بين الطرفين، ولكن لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الأطراف على وشك التوصل إلى مثل هذا التفاهم".
وكان متحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض قد قال إن سياسة إدارة بايدن بشأن إيران لم تتغير.
وقال في تصريح للإعلام "ما زلنا نركز على تقييد سلوك إيران المزعزع للاستقرار من خلال الضغط والتنسيق الوثيق مع حلفائنا وخفض التصعيد في المنطقة، وهذا يشمل ضمان عدم امتلاك إيران سلاحا نوويا، لذلك نحن بالطبع نراقب عن كثب أنشطة التخصيب الإيرانية".
وأضاف المتحدث الأمريكي: "تفضل الولايات المتحدة الدبلوماسية، لكنها مستعدة لاتخاذ إجراءات بالتنسيق الكامل مع شركائنا وحلفائنا لضمان عدم حصول إيران على سلاح نووي".
aXA6IDMuMjEuNDYuMjQg جزيرة ام اند امز