رفض أمريكي ووضع معقد.. ماذا بعد الخطة العربية لإعمار غزة؟

رفض أمريكي وإسرائيلي لمخرجات القمة العربية، حرّك تساؤلات عدة حول مصير عملية إعمار قطاع غزة، وما الذي يتوجب فعله عربيا في الفترة المقبلة؟
وقال دبلوماسيون سابقون وخبراء عرب، إن «الوضع صعب جدا، ويحتاج لدعم صمود الشعب الفلسطيني على أرضه، بالتوازي مع حشد دبلوماسي واسع النطاق لإقناع الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي، بأن الخطة العربية هي القادرة على إحلال الأمن والاستقرار».
وأكدوا أن الخطة العربية بمثابة خارطة طريق لتحقيق الانفراجة اللازمة، من حيث معالجة مسألة إعادة الإعمار، وما يتعلق أيضا بتصور اليوم التالي لنهاية الحرب.
واعتمدت القمة العربية الطارئة بالقاهرة أمس، الخطة المصرية لإعادة إعمار قطاع غزة، وأقرّتها كخطة عربية.
بديل لخطة أمريكية
وطرحت القاهرة خطتها التي أقرتها القمة العربية، في مسعى لتقويض خطة أمريكية تقضي بالاستيلاء على القطاع والسيطرة عليه وتهجير سكانه لبناء مشروع استثماري سياحي، لكنها قُوبلت برفض أمريكي وإسرائيلي
وقال البيت الأبيض، في بيان، إن "خطة إعادة إعمار غزة التي تبنتها الدول العربية لا تعالج حقيقة أن القطاع غير صالح للسكن في الوقت الحالي".
وأضاف أن "الرئيس دونالد ترامب متمسّك بمقترحه لإعادة بناء غزة خالية من حماس".
كما رفضت إسرائيل، الثلاثاء، الخطة العربية، وتمسكت بخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وقالت وزارة خارجيتها: "البيان الختامي للقمة العربية الطارئة يفشل في معالجة حقائق الوضع بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ويبقى متجذرًا في وجهات نظر عفا عليها الزمن".
"وضع صعب"
وفي ظل الرفض الأمريكي والعربي المتبادل للخطط المطروحة، وصف وزير الخارجية المصري الأسبق محمد العرابي، رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، الوضع الحالي بـ"الصعب جدا".
وتوقع العرابي في حديث لـ"العين الإخبارية"، "ألا تبدأ خطط إعمار غزة في المستقبل القريب"، قائلا إن "مسار الأحداث القادم من الصعوبة التنبؤ به، والوضع سيظل فترة تحت ضغوط إسرائيلية".
وبرأي وزير الخارجية الأسبق، فإن "الوضع يحتاج إلى صمود الشعب الفلسطيني على أرضه، بالتوازي مع حشد دبلوماسي واسع النطاق، ومؤتمر دولي لحشد الطاقات المادية والفنية والسياسية في إطار الخطة المصرية المدعومة عربيا".
وشدد العرابي على أن "محاولة تهجير أو تشجيع نقل أو اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، سواءً بشكل مؤقت أو طويل الأجل، لن تجلب الأمن لإسرائيل، وستؤدي إلى مزيد من الاضطرابات وزعزعة استقرار المنطقة، كما ستقوض فرص السلام".
"ترجمة فورية"
المحلل السياسي والباحث في مركز "تحليل السياسات" بإسطنبول، محمود علوش، ذهب في حديث لـ"العين الإخبارية"، إلى "ضرورة أن تكون هناك ترجمة فورية للخطة العربية على الأرض وعدم التأخير في عملية إعادة الإعمار".
وأكد أن "الخطة العربية مهمة لقطع الطريق على محاولة إسرائيل الضغط على إدارة الرئيس دونالد ترامب فيما للدفع باتجاه خطة تهجير سكان القطاع"، متابعا: "ستعمل إسرائيل على محاولة إطالة عملية إعادة الإعمار، لتهيئة الظروف لخروج سكان غزة من القطاع".
وزاد الباحث السياسي التركي: "بعد تبني الخطة المصرية في القمة العربية يتعيّن على وفد من الدول العربية الوازنة إقناع إدارة ترامب بأن هذه الخطة هي الوحيدة الواقعية التي يمكن أن تؤدي إلى إحلال الأمن والاستقرار".
علوش أكد أن "الخطة العربية بمثابة خارطة طريق يمكن أن تؤدي في نهاية المطاف إلى تحقيق الانفراجة اللازمة، من حيث معالجة مسألة إعادة الإعمار، وما يتعلق أيضا بمشهد تشكيل تصورات اليوم التالي لنهاية الحرب في غزة".
لكنه أشار أيضا إلى أن "مسار تنفيذ إعادة الإعمار لن يكون عملية سهلة على الإطلاق، من حيث الالتزامات ومسألة التمويل وتوافر الضمانات اللازمة لمنع استئناف الحرب".
"مصير مجهول"
في هذا الإطار، حذر سليمان بشارات، مدير مركز يبوس للدراسات (فلسطيني/ مستقل) من مصير مجهول يكتنف مستقبل قطاع غزة وإعادة إعماره، في ظل المعطيات والظروف الحالية، لـ"عدة أسباب أبرزها تبني إدارة ترامب للرؤية الإسرائيلية المتعلقة بتصفية القضية الفلسطينية".
بشارات تابع: "هناك توافق في الرؤى الإسرائيلية الأمريكية، يتمثل في عدم وجود أي بديل يمنح الفلسطينيين حق البقاء والوجود على أرضهم، ورغبة إسرائيلية توسعية، ولهذا السبب جاء الرفض السريع للخطة المصرية".
ومضى مفسرا: "موقف إدارة الرئيس ترامب يقوم على الابتزاز السياسي والاقتصادي، وتحقيق صفقة سياسية اقتصادية عبر استغلال ملف قطاع غزة والحاجة العربية إلى إعادة الإعمار ومنع تهجير الفلسطينيين".
وقال بشارات إن "العالم العربي يمتلك الكثير من الأوراق التي يمكن أن يعزز من خلالها مسألة إعادة إعمار غزة، مع ضرورة الدفع بقوة للضغط من أجل وقف الحرب وجميع مقوماتها ومظاهرها".
"الضغط هو الحل"
في الاتجاه نفسه، أكد الدكتور بشير عبدالفتاح الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن نجاح الخطة العربية مقابل ما يطرحه الرئيس الأمريكي، "يتوقف على قدرة العرب على إقناع الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي بجدوى تنفيذ الخطة من أجل الحصول على الدعم اللازم للبدء بتنفيذها".
وتابع عبد الفتاح: "مع الأوضاع الإنسانية المتردية، وزيادة حالة الإحباط والغضب، فمن الوارد أن تستغل ذلك بعض الجهات في الداخل، وأن تنفجر الأوضاع وتخرج عن السيطرة، وحينها سيتهدد الأمن الإقليمي وليس أمن إسرائيل فقط".
وتستهدف الخطة المصرية التي تبنتها القمة العربية، إعادة إعمار غزة وفق مراحل محددة، وهناك وسائل لحشد التمويل العربي والدولي في إطار يحافظ على الوضع القانوني لغزة، كجزء من إقليم الدولة الفلسطينية المستقبلية.
والخطة ليست خطة فنية فقط، بل ترسم أيضا مسارا لسياق أمني وسياسي جديد في غزة، عبر تشكيل لجنة تكنوقراط غير فصائلية لإدارة القطاع لمدة 6 شهر على الأقل تحت مظلة السلطة الفلسطينية.
aXA6IDE4LjIyMi4yNDguMTA3IA== جزيرة ام اند امز