عقوبات أمريكية تضرب ممولي "الحوثي".. دبلوماسية الحكمة الإماراتية تنتصر
عقوبات أمريكية تضرب شبكة دولية تمول مليشيات الحوثي باليمن، تتوج جهودا إماراتية على أكثر من صعيد لوضع حد لإرهاب تلك الجماعة ومموليها.
خطوة جديدة تشكل صفعة مزدوجة للجماعة الإرهابية من جهة، ولإيران الداعمة والممولة لها من جهة أخرى، كما تعد بمثابة صيد أكثر من هدف بضربة واحدة، بالكشف عن أسماء وعناصر تلك الشبكة الدولية، ما يعني إحباط عملياتهم المشبوهة من جهة وردع كل من تسول له نفسه أن يحذو حذوهم.
عقوبات تأتي انتصارا لدبلوماسية الحكمة التي تتبعها دولة الإمارات، والتي تستهدف وضع نهاية لتلك الجماعة الإرهابية، في إطار خطوات متدرجة، تقود إلى تصنيف تلك الجماعة في قوائم الإرهاب الأمريكية والدولية، إذا لم تتراجع وتستجيب للنداءات الدولية المتواصلة بوقف إرهابها داخل اليمن وخارجه ضد دول الجوار.
أيضا تكتسب تلك الخطوة أهميتها من انعكاسها بشكل عملي على إدراك المجتمع الدولي لخطورة تلك الجماعة الإرهابية، وما تقوم به من هجمات ضد المدنيين في السعودية والإمارات، وضرورة الحاجة لسرعة البحث عن ردعها على إرهابها.
تفاصيل العقوبات
وأعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، مساء الأربعاء، فرض عقوبات على شبكة دولية تمول مليشيات الحوثي الانقلابية في اليمن.
وقالت وزارة الخزانة الأمريكية، إن الشبكة الدولية المستهدفة بالعقوبات، يقودها فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، وحولت عشرات الملايين من الدولارات لدعم هجمات الحوثيين.
وأكدت الوزارة أنه تم فرض العقوبات الجديدة على الحوثيين، بالتنسيق مع شركائنا الإقليميين في الخليج.
وأوضحت أن مليشيات الحوثي تواصل حملتها التدميرية ضد اليمن رغم دعوات السلام من المجتمع الدولي، مشددة على مواصلة العمل بـ"حسم" ضد كل من يحاول إطالة أمد النزاع في اليمن لتحقيق مآربه الخاصة.
وبشكل متزامن، أدرجت دولة الإمارات، فرداً و5 كيانات ضمن القائمة المحلية المعتمدة المدرج عليها الأشخاص والكيانات والتنظيمات الداعمة للإرهاب.
وأصدر مجلس الوزراء الإماراتي، القرار الوزاري رقم "13" لسنة 2022، الذي تضمن إدراج فرد و5 كيانات إرهابية ضمن القائمة المحلية المعتمدة المدرج عليها الأشخاص والكيانات والتنظيمات الداعمة للإرهاب.
ويأتي القرار في إطار حرص دولة الإمارات على استهداف وتعطيل الشبكات المرتبطة بتمويل الإرهاب والنشاطات المصاحبة له، وفق وكالة الأنباء الإماراتية "وام".
ووفق الوكالة، يجب على جميع الجهات الرقابية كافة القيام بحصر أي فرد أو جهات تابعة أو مرتبطة بأية علاقة مالية أو تجارية مع هذه الكيانات، واتخاذ الإجراءات اللازمة حسب القوانين سارية المفعول في دولة الإمارات بما يشمل إجراء التجميد في أقل من 24 ساعة، حيث إن هذه الشركات والأفراد مرتبطين بدعم مليشيات الحوثي الإرهابية التي تستخدم هذه التمويلات لاستهداف المنشآت المدنية والمدنيين.
خطوات متدرجة
وكانت وزارة الدفاع الإماراتية أعلنت إحباط 3 هجمات حوثية إرهابية استهدفت الأراضي الإماراتية في 17 و24 و31 من شهر يناير الماضي، أسفر أولها الذي استهدف منشآت مدنية عن سقوط 3 ضحايا، فيما نجحت منظومة الدفاع الجوي الإماراتية في إفشال جميع تلك الهجمات التي اعترفت الميلشيات الحوثية بالمسؤولية عنها.
وفي أعقاب أول هجوم، قادت الإمارات جهود دبلوماسية على أكثر من صعيد لردع إرهاب تلك الجماعة، فصدر بيان من الخارجية الأمريكية في 17 يناير، أكد "أن هذا الاستهداف الآثم لن يمر دون عقاب" وأن "دولة الإمارات تحتفظ بحقها في الرد على تلك الهجمات الإرهابية وهذا التصعيد الإجرامي الآثم".
كما دعا يوسف العتيبة سفير دولة الإمارات في واشنطن، الإدارة الأمريكية والكونجرس إلى دعم إعادة تصنيف مليشيات الحوثي كمنظمة إرهابية أجنبية.
وكانت الإدارة الأمريكية قد ألغت هذا التوصيف في أواخر فبراير/شباط الماضي، وتطالب دولة الإمارات بإعادته.
وعلى طريق تحركها لحشد دولي لمواجهة إرهاب الحوثي، قدمت الإمارات طلبا لعقد اجتماع لمجلس الأمن، بشأن هجمات الحوثيين الإرهابية على أبوظبي.
مكانة الإمارات
وسرعان ما بدأت دبلوماسية الحكمة الإماراتية تؤتي ثمارها، عبر رسائل تعكس في مجملها مكانة وثقل دولة الإمارات في العالم.
وأكد الرئيس الأمريكي جو بايدن، يوم 19 يناير من الشهر نفسه، أن إعادة إدراج الحوثيين على قوائم الإرهاب قيد النظر.
وقال بايدن إن الولايات المتحدة تدرس استعادة تصنيفها للحوثيين اليمنيين كمجموعة إرهابية.
ورغم عدم اتخاذ الإدارة الأمريكية القرار حتى اليوم وسط ضغوط متواصلة عليها باتخاذه، إلا أن العقوبات التي تم فرضها الأربعاء، تعطي تحذير واضحا للحوثيين أن القرار أضحى قريبا إذا لم يتراجعوا.
أيضا عقد مجلس الأمن الدولي جلسة، 21 يناير من الشهر نفسه، لبحث الهجوم الإرهابي الحوثي على دولة الإمارات، أدانت "بالإجماع" الهجمات الإرهابية الشنيعة للحوثيين على منشآت مدنية بدولة الإمارات.
ومجددا دعت الإمارات خلال إحاطة لمجلس الأمن بشأن الوضع في اليمن 16 فبراير / شباط الجاري إلى إنهاء مهادنة ميليشيات الحوثي الإرهابية في اليمن.
وأكدت السفيرة لانا نسيبة، مساعدة وزير الخارجية والتعاون الدولي للشؤون السياسية المندوبة الدائمة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة في نيويورك، حق دولة الإمارات السيادي في اتخاذ الإجراءات كافة لحماية أمن واستقرار أراضيها، وسلامة مواطنيها والمقيمين فيها من أية اعتداءات إرهابية، وفق التزاماتها بموجب القانون الدولي.
وشددت على أن هذه الهجمات الإرهابية للحوثيين تعد انتهاكا صارخا لجميع الأعراف والقوانين الدولية، والتي استمرت رغم إدانتها من قبل مجلس الأمن وأكثر من 120 دولة ومنظمة دولية.
كما شددت على ضرورة إيقاف السلوك العدواني لمليشيات الحوثي الإرهابية والذي يتطلب من المجتمع الدولي اتخاذ خطوات جدية وحاسمة، إذ يتوجب عليه ممارسة ضغط شديد على هذه المليشيات ومن يدعمها لوقف جميع انتهاكاتها ومحاولاتها لفرض السيطرة بالقوة على الأراضي اليمنية.
وأشارت إلى أن هذا الضغط يبدأ عبر تشديد العقوبات عليها وتجفيف منابع تمويلها فضلا عن تطبيق حظر الأسلحة المفروض على اليمن بموجب قرار مجلس الأمن 2216، مع فرض حظر بحري وتعزيز إنفاذه.
وشددت على أن الحل السياسي هو المطلب الوحيد لإنهاء الأزمة اليمنية، مؤكدة أهمية مواصلة الجهود الأممية والدولية الرامية لتحقيق ذلك، داعية مجلس الأمن إلى وقف عبث المليشيات الحوثية ليتمكن اليمن من التعافي وبناء مستقبل آمن ومستقر.
دبلوماسية الحكمة
وتأتي العقوبات الأمريكية اليوم تتويجا لدبلوماسية الحكمة الإماراتية التي ترى أهمية ردع تلك الجماعة، بالبدء في تجفيف منابع تمويلها، مع إفساح المجال للحلول السياسية.
ويعزز من نجاح تلك الجهود المواقف الدولية التي صدرت في أعقاب الهجمات وما زالت متواصلة حتى اليوم نددت جميعها بالهجمات الإرهابية التي استهدفت الأراضي الإماراتية.
عقوبات أمريكية، وإجماع دولي غير مسبوق داعم للإمارات، وتعاون إماراتي سعودي مع الحلفاء الدوليين، يتوج دبلوماسية الحكمة التي تتبعها دولة الإمارات.
فالإمارات دولة فاعلة في المجتمع الدولي لها ثقلها في المنطقة والعالم، وعضو بمجلس الأمن الدولي عامي 2022-2023، وتعمل بكل ما أوتيت من قوة وعلى مدار الساعة على نشر قيم التسامح والسلام ودعم الأمن والاستقرار في المنطقة، وعندما تستهدف مليشيات الحوثي الإرهابية منشآت مدنية بها، فإن هذا يعد استهدافا لكل قيم ومبادئ التسامح والسلام والأمن والاستقرار، وهنا يصبح عقابها وردعها على جرائمها أمرا واجبا وحتميا وضروريا لإعادة الأمن والاستقرار في المنطقة.
والعقوبات الأمريكية على الشبكة الدولية التي تمول مليشيات الحوثي باليمن هي الخطوة الأولى على طريق عقاب تلك الجماعة دوليا.