ترامب والولاية الثالثة.. هل يجازف بـ«المحظور» ويعدّل الدستور؟
مع أن غبار المعركة الانتخابية في أمريكا لم ينقشع بعد، إلا أن دونالد ترامب لم يفوت فرصة إثارة الجدل كدأبه بعد وقت قصير من إعادة انتخابه.
وللمرة الثانية، يتطرق الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى مسألة ترشحه لولاية ثالثة، وهو الذي سبق أن أطلق مزحة بهذا الخصوص خلال حملته الانتخابية.
ومما يدفع نحو التسليم بجدية طرحه، رغم إيحائه بغير ذلك، أنه أبدى خلال ولايته الأولى (2016-2020) إعجابه بتجربة الصين التي تمنح الزعيم شي جين بينغ إمكانية أن يكون "رئيسا مدى الحياة" بعد إلغاء تقييد الرئاسة بمدتين.
مرة أخرى
واليوم الأربعاء، تطرّق ترامب إلى فرضية ترشحه مجدّدا للرئاسة خلال خطاب ألقاه أمام أعضاء من الحزب الجمهوري في واشنطن.
يأتي ذلك في وقت يحظر فيه الدستور الأمريكي القيام بخطوة مماثلة.
وقال ترامب أمام جمع انفجر ضاحكا "أظنّ أنني لن أترشّح إلا إذا اعتبرتم أنني جيّد ولا بدّ إذن من التفكير في شيء آخر".
وفي التعديل 22، ينص الدستور الأمريكي بشكل واضح على أنه لا يجوز للرؤساء تولي الحكم لأكثر من ولايتين، سواء كانتا متصلتين أو منفصلتين كما في حالة ترامب.
هل يستطيع؟
وبحسب وسائل إعلام أمريكية، فقد جاء في نص التعديل 22 أنه «لا يُنتخب شخص لمنصب الرئيس أكثر من مرتين، ولا يجوز لشخص تولى منصب الرئيس أو قام بأعمال الرئيس لأكثر من عامين ضمن عهدة شخص آخر انتُخب رئيسا، أن يُنتخب لمنصب الرئيس لأكثر من مرة واحدة».
وهذا التعديل الدستوري تبنته أمريكا في عام 1951، استجابة لدعوة من الحزبين الديمقراطي والجمهوري بتقييد الولايات الرئاسية.
وتولي الرئاسة لفترتين «تقليد» أرساه أول رؤساء أمريكا وهو جورج واشنطن، ثم جاء الرئيس فرانكلين روزفلت ليصبح الرئيس الوحيد الذي تولى منصبه لمدد إضافية، حيث جرى انتخابه لـ4 ولايات رئاسية قبل أن يتوفى في عام 1945 أي خلال فترته الأخيرة.
لكن بالنسبة لترامب، هل يمكنه تعديل الدستور لضمان المرور لولاية ثالثة؟
إجرائيا قد يمكنه الترشح لولاية ثالثة في حال ألغى التعديل 22 للدستور، لكن الإشكال الحقيقي يكمن في فرص القيام بخطوة مماثلة.
فعمليا، تبدو المهمة شاقة بالنظر لارتفاع سقف العتبة المطلوبة لإقرار التعديلات الدستورية وأيضا لإلغائها.
كما أنه، وبحسب خبراء القانون الدستوري، فإنه لا توجد أي ثغرات قانونية أو طرق أخرى للالتفاف على التعديل.
وبذلك، تنحصر خيارات ترامب -في حال توجهه لتفعيل ترشحه لولاية ثالثة- في أن يحصل على تأييد غالبية الثلثين في كل من مجلس النواب (290 من 435) ومجلس الشيوخ (67 من 100).
وليس ذلك فقط، وإنما يتطلب الأمر أيضا الحصول على موافقة 75% من الولايات الأمريكية على هذا الإلغاء، أي 38 من مجموع 50.
وهناك طريقة أخرى لإلغاء التعديل الدستوري، لكنها لا تقل مشقة عن الأولى، وتشمل عقد مؤتمر دستوري يتطلب بدوره الحصول على موافقة ثلثي الولايات الأمريكية أي 34 ولاية من أصل 50.
ولاحقا، يتطلب أي تعديل مقترح بالمؤتمر مصادقة 75% من الولايات (38 من أصل 50)، وهي أيضا محطة صعبة للغاية.
تعقيدات إجرائية قانونية قد لا تفتح أمام ترامب طريق الولاية الثالثة، وإن تظل مفاجآت الرئيس المنتخب مفتوحة على كافة السيناريوهات، استنادا لتجربة ولايته الأولى (2017 - 2021).