هل أمريكا مستعدة لمواجهة مع إيران في سوريا؟
وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون قدّم توضيحا طال انتظاره بشأن السياسة الأمريكية في سوريا بعد القضاء على تنظيم داعش.
في 18 يناير/كانون الثاني قدم وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون توضيحًا طال انتظاره بشأن السياسة الأمريكية في سوريا بعد القضاء على تنظيم داعش.
لم يكن بعض المراقبين يتوقعون، قبل بضعة أسابيع، أن الولايات المتحدة ستُقبل على خطوة البقاء في سوريا بعد القضاء على التنظيم، وسط احتمالات مواجهة مع إيران التي تحتفظ بمليشيات داعمة للنظام السوري.
لكن وزير الخارجية الأمريكي عرض السياسة الأمريكية في سوريا، والتي سيتوجب تحقيقها عبر انتشار عسكري بالمناطق السورية التي جرت استعادتها من داعش، ودعم عشرات الآلاف من المقاتلين من الشركاء الأكراد ضد داعش.
وذكر المركز البحثي الأمريكي "أتلانتك كاونسيل"، أن السياسة الأمريكية الجديدة لا تسعى إلى شيء سوى الهزيمة الدائمة لداعش، وتهيئة الظروف أمام عودة اللاجئين السوريين، وتقليص نفوذ إيران، وإنهاء الحرب السورية عبر عملية سياسية تقودها الأمم المتحدة، وتحقيق سوريا مستقرة وموحدة ومستقلة تحت قيادة ما بعد الأسد، والتي تعمل كدولة.
وأشار المركز البحثي إلى أن الانتشار الأمريكي في شمال وشرق سوريا سيُبقي تنظيم داعش ضعيفًا، وهذا سيكون أبسط الأهداف، لافتًا إلى أن اللاجئين ربما سيتشجعون للعودة إلى المظلة الأمنية الأمريكية، رغم أنهم سيدرسون هذا الأمر في ظل التوقعات بشأن كيف ستعاملهم السلطات الاستبدادية التي يقودها حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي.
وتساءل المركز هل دعم المنطقة التي يسيطر عليها الحزب الكردي في سوريا سيقضي على النفوذ الإيراني؟، مشيرًا إلى أنه إذا كانت الولايات المتحدة مستعدة لاستخدام قوة مميتة لحماية حدودها، إذًا يمكنها بالتأكيد منع مزيد من التوسع الجغرافي الإيراني.
ومع ذلك، ربما لا يمنع هذا مزيدا من التحصن الإيراني في "سوريا المفيدة"، نواة البلاد الاقتصادية والديموجرافية في الغرب، إلا إذا تم استخدام المنطقة كنقطة انطلاق للعمليات المدعومة أمريكيًا ضد إيران، وهذا أمر ممكن، لكن لم يتم التحدث عنه علنًا.
وأوضح "أتلانتك كاونسيل" أن مهاجمة قوات النظام ستُضعف النفوذ الإيراني هناك، لكن هذا قد يثير مواجهة مع روسيا.
ويقول البعض إن وجود القوات الأمريكية، بالقرب من الأراضي السورية التي تسيطر عليها إيران يمثل مصدر إزعاج للأخيرة وهو أمر صحيح، لكن إيران أيضًا لديها رأي في كيفية تفاعلها مع هذا الإزعاج.
أما أمر حل أزمة الحرب عبر عملية سياسية تقودها الأمم المتحدة وتحقيق سوريا موحدة، فيعتبر الأكثر صعوبة؛ فلا أحد يتوقع الآن قيام بشار الأسد بالتفاوض حول احتكاره السياسي الذي راح ضحيته مئات الآلاف.
لكن يعتقد بعض مؤيدي السياسة الأمريكية أن الاضطراب الاقتصادي يمكن استخدامه للضغط على النظام لتقديم تنازلات.
كما أن هذا الانتشار الأمريكي سيحرمه من الموارد الاستراتيجية، من بينها المياه والسدود والأراضي الصالحة للزراعة والنفط وعبور الحدود.
وأشار "أتلانتك كاونسيل" إلى أن الاختناق البطيء لسوريا التي يسيطر عليها النظام وسكانها سيضعف الحليف الإيراني، لكن المشكلة في أن الأسد سيرى سوريا تجوع ثم يقرر تشاركها، وإذا حدث ذلك وانهارت البلاد فستكون هذه بالضبط النتيجة التي سعى صانعو السياسات إلى تجنبها.
ورأى أنه لا يمكن إضعاف إيران وإزاحة الأسد عن السلطة في سوريا عبر نشر ألفي جندي أمريكي أو الرهان على قوة محلية لا تتشارك مع الولايات المتحدة في مصالحها أو أولوياتها في سوريا.
لكن من المشجع أن صانعي السياسات الأمريكيين يفكرون بجدية في إضعاف الوجود الإيراني في سوريا وتغيير سلوك النظام السوري، لكن الفجوة بين الوسائل والأهداف تجعل من الصعب تأييد تلك السياسة.
وتبقى الحقيقة المرة أن هذه الأهداف يمكن تحقيقها فقط عن طريق إيجاد أو بناء شركاء يتشاركون المصالح مع الولايات المتحدة، وقبول أن القتال سيكون طويلًا ومكلفًا في الموارد والأرواح.