كان يوماً تاريخياً في الزمان والمكان. فيه كرّم الإنسان نفسه.. الإنسان بما هو روح وجسد ومستودع قيم ودين
كان يوماً تاريخياً في الزمان والمكان. فيه كرّم الإنسان نفسه.. الإنسان بما هو روح وجسد ومستودع قيم ودين؛ الإنسان سابق للأديان. منه انبعثت وإليه توجهت. النبوة ابنة الإنسان، الإنسان النقي البريء الطاهر الشفّاف شفافية الروح ورقّتها.
في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتحديداً في مدينة أبوظبي ارتقى إنسانان؛ بابا روما فرنسيس، وشيخ الأزهر أحمد الطيب، إلى قمة قيم الإنسان والأديان. بلقائهما الأسمى تلاقت المسيحية والإسلام بمحبة وودٍ وتآخٍ، ثم بمشاركة عشرات آلاف المؤمنين الأبرياء، على أرض جزيرة العرب؛ مهد إحدى أعظم الرسالات الدينية والدنيوية الجامعة، تجلى معنى الأخوة الإنسانية بين الديانتين في أبهى مظاهره.
كان لافتاً احتشاد عشرات آلاف المسيحيين الزاحفين من شتى الأصقاع، في مكان كان على امتداد التاريخ وقفاً على الإسلام والمسلمين، وفي زمان مُترع باضطرابات دنيوية ودموية متناسلة ومرهقة.
لعل أثمن وأبرز الأمثولات المستخلصة من قمة الارتقاء إلى قيم الإنسان والأديان في الإمارات، هي ضخامة شعبية القادة الروحيين الأفذاذ وقدرتهم على التأثير في الأفراد والجماعات والمؤسسات، وحاجة الإنسانية جمعاء إلى قيام هؤلاء القادة في الزمان والمكان، بأدوارٍ ملحة، مباشرة مفتاحية ومكثفة بين القادة والمسؤولين
سرّ الزحف والاحتشاد توق مزمن يمور في قلوب المؤمنين الأبرياء، إلى إحياء قيم الإنسان والأديان والعيش الحر في أجوائها ورحابها. وهل ثمة فرصة في الزمان والمكان أكثر جلالاً ومهابة، من مشهدية كبير المؤمنين المسيحيين وكبير المؤمنين المسلمين يلتقيان في قمة الارتقاء إلى قيم الإنسان والأديان؟.
لقاء مؤثر للغاية وذو دلالات بين بابا روما وأبناء رعيته على أرض إسلامية لها حضور ساطع متجدد في الماضي والحاضر.. لقاء استثنائي اقترن بلقاءات بالغة الأهمية مع شيخ الأزهر، ومجلس حكماء المسلمين، ومؤتمر الأخوة الإنسانية، والوثيقة التاريخية التي أنجبها ووقّعها حبر المسيحية الأعظم وشيخ الأزهر الأكبر.
بقمة الارتقاء إلى قيم الإنسان والأديان، وبالوثيقة التاريخية للأخوّة الإنسانية، رَسم كبيرا المؤمنين المسيحيين والمسلمين، معالم الطريق القويم إلى تعزيز العيش المشترك بين مختلف المؤمنين من جميع الأديان، في الأمم والشعوب على امتداد كوكبنا السيار.
أليس حدثاً مهيباً ذا رمزية ودلالة، أن مستقبلي البابا والمستمتعين بلقائه مع شيخ الأزهر، كانوا من جنسيات مختلفة، يتحدثون لغات مختلفة، ويمارسون شعائر وطقوساً مختلفة، ويرتدون أزياء مختلفة ؟ مسيحيون فلبينيون وهنود ومصريون وأردنيون وسوريون ولبنانيون، ناهيك عن مسلمين إماراتيين، زحفوا كلهم من أوطان قريبة وبعيدة ليحتشدوا في مدينة الشيخ زايد الرياضية، ويشكّلوا على مرأى من بابا روما، فسيفساء حيّة من جنسيات ولغات وطقوس ومشاعر متنوعة.
ألا يقدّم هذا الحدث التاريخي الجلل، دليلاً ساطعاً على أن مخزون النيات الحسنة والخير والتسامح والصدق في نفوس بني الإنسان في شتى أصقاع الأرض، هو من الغنى والوفرة بحيث يتيح لكبار القادة الروحيين، ولاسيما بابا روما، فرصة وهامشاً واسعاً وأملاً بالتدخل والعمل الهادف إلى تنفيس الاحتقانات، وتسوية الخلافات والنزاعات بين قادة الدول والحكومات والجماعات، وصولاً إلى إنهاء الحروب وسفك الدماء وتدمير العمران؟، بغية إشاعة ثقافة الرحمة والتسامح والأمن والأمان والسلام بين الأمم والشعوب والأديان والمذاهب.
لعل أثمن وأبرز الأمثولات المستخلصة من قمة الارتقاء إلى قيم الإنسان والأديان في الإمارات، هي ضخامة شعبية القادة الروحيين الأفذاذ وقدرتهم على التأثير في الأفراد والجماعات والمؤسسات، وحاجة الإنسانية جمعاء إلى قيام هؤلاء القادة في الزمان والمكان، بأدوارٍ ملحة، مباشرة مفتاحية ومكثفة بين القادة والمسؤولين في شتى ساحات مناطق النزاع والاقتتال والصراعات الدموية، ابتغاء للترشيد والتوفيق وتعميق بوادر التسامح والرحمة، وصولاً إلى إحلال الأمن والأمان والسلام.
بارقة أمل ورجاء، شعّت من قمة الارتقاء إلى قيم الإنسان والأديان في الإمارات.. «ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل».
نقلاً عن صحيفة “الخليج”
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة