مرض العصر الفيكتوري يعود.. الزهري يسجل أرقاما قياسية في بريطانيا

في عودة صادمة لأحد أكثر الأمراض شهرة في العصور الفيكتورية، سجل مرض الزهري، أعلى معدلات إصابة له في بريطانيا منذ عام 1948.
كان الزهري المعروف تاريخيا بـ"المرض الفرنسي"، في القرن الثامن عشر والتاسع عشر مرضا شائعا ومخيفا، ارتبط بالجنون وتلف الأعضاء الحيوية، وكان يُعتبر آنذاك أحد أبرز التهديدات الصحية في أوروبا. واليوم، وبعد أكثر من قرن، يعود بقوة ليسجل مستويات غير مسبوقة في العصر الحديث، ما أثار قلق السلطات الصحية التي حذرت من عواقب انتشاره السريع.
ووفقا لوكالة الأمن الصحي البريطانية، تم تسجيل 9,535 إصابة جديدة بالزهري خلال عام 2024، وهي أعلى حصيلة في 76 عاما، بزيادة بلغت 1.7% عن العام السابق.
مناطق تفشي غير مسبوقة
تصدرت منطقة لامبيث في جنوب لندن قائمة المناطق الأعلى إصابة، بمعدل 138 حالة لكل 100,000 شخص، أي ما يعادل أكثر من إصابة لكل ألف شخص. كما ظهرت بؤر ساخنة في أحياء أخرى من العاصمة مثل ويستمنستر وساوثوورك، بينما سُجلت أدنى المعدلات في جزر سيلي التي لم ترصد أي إصابة.
على مستوى البلاد، بلغ معدل الإصابة بالزهري 16.5 حالة لكل 100,000 شخص، مع تسجيل أعلى قفزة بين الرجال المغايرين جنسيا بنسبة زيادة قدرها 23.8%. لكن الفئة الأكثر تأثرًا ما تزال الرجال الذين يمارسون الجنس مع رجال، والذين سجلوا 6,330 حالة رغم انخفاض طفيف بنسبة 1.6%.

مضاعفات خطيرة إذا تُرك دون علاج
ويحذر الخبراء من أن الزهري، الذي يبدأ عادةً بظهور تقرحات صغيرة في الأعضاء التناسلية أو الفم أو الشرج، قد يؤدي، إن تُرك دون علاج، إلى مضاعفات مدمرة تصيب القلب والدماغ والأعصاب والأعضاء الحيوية، وقد تكون قاتلة في مراحل متقدمة.
وبجانب الزهري، تثير حالات السيلان المقاوم للمضادات الحيوية قلقا متزايدا. فبينما انخفض عدد الإصابات العامة بالسيلان بنسبة 16%، سُجلت 14 حالة من سلالات مقاومة للأدوية حتى مايو 2025، من بينها 6 حالات "شديدة المقاومة" (XDR) يصعب علاجها بالأدوية التقليدية مثل "سيفترياكسون". ويرتبط عدد كبير من هذه الحالات بالسفر إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

دعوات للفحص والوقاية
ودعا الدكتور هاميش محمد، استشاري الأوبئة البريطاني، المواطنين إلى اتباع ممارسات الجنس الآمن، مؤكدا على ضرورة إجراء فحوصات دورية حتى في غياب الأعراض، وقال "العدوى المنقولة جنسيا قد تؤثر بشكل خطير على صحتك وصحة شركائك، خصوصا إن كانت مقاومة للعلاج."
وفي ظل هذه الأرقام المقلقة، حذّر الاتحاد المحلي للحكومات البريطانية ، من أن خدمات الصحة الجنسية تعاني من ضغط غير مسبوق. وقال المستشار ديفيد فاذرفيل: "دون استثمار عاجل في هذه الخدمات، سيواجه الناس صعوبات متزايدة في الوصول إلى الرعاية المتخصصة في الوقت المناسب."
تأتي هذه التطورات بعد إعلان هيئة الخدمات الصحية البريطانية عن إطلاق أول لقاح في العالم ضد السيلان، في محاولة لاحتواء التهديد المتصاعد للأمراض المنقولة جنسيا في بريطانيا.