"سلة تسوق" سياسية تداوي جراح "العنصرية" في فيينا

عمدة يتحرك بين أكشاك الباعة حاملا سلتي تسوق، يتسامر مع ذاك، ويسأل آخر عن سعر إحدى السلع، ويسير بين المارة بابتسامة معهودة.
مشهد اعتيادي في مخيلة البعض، لكنه ليس كذلك في فيينا هذه الأيام، لأنه يأتي بعد اتهامات بالعنصرية وجهها سياسي يميني تجاه باعة من أصول مهاجرة في أحد أهم أسواق المدينة.
- تهديد إرهابي في فيينا.. هل تورط إخوان النمسا بآخر قطع "البازل"؟
- شبح الإرهاب يظهر في فيينا.. استنفار أمني حول دور العبادة
فعمدة فيينا مايكل لودفيغ حمل سلل تسوقه إلى سوق برونن ماركت بالحي الـ16 في فيينا، لتضميد جراح بائعي السوق بعد التصريحات التي طالتهم واعتبرت "عنصرية" على نطاق واسع.
وفي تصريحات مقتضبة، رد عمدة فيينا مايكل لودفيج على تصريحات زعيم حزب الشعب اليميني في ولاية فيينا كارل مهرر، واصفا إياها بأنها ادعاء "خاطئ" و"لا معنى له".
وكان مهرر أثار عاصفة انتقادات في فيينا الأربعاء الماضي، حين قال إن "سوق برونن ماركت كان يوما ما معلما في فيينا"، لكن سيطر "السوريون والأفغان والعرب" على السوق، واختفت الثقافة النمساوية.
وتابع قال "لا يمكن الحديث حاليًا عن تنوع ثقافي ثري في برونن ماركت إذا لم تعد الثقافة النمساوية موجودة في النمسا ، وبالتحديد في فيينا".
ووفق مهرر، يعد السوق بأكشاكه التقليدية دولية الطابع "رمزًا للاندماج الفاشل"، كما تحدث عن رواج المخدرات في المنطقة.
الرد جاء سريعا من رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي في فيينا جوزيف تاوتشر، الذي قال "العنصرية ليست رأيا، الهجمات اللفظية العنصرية هي هجوم مباشر على العاملين في فيينا".
وقال تاوتشر في تصريح إذاعي "هذا أمر مخز ولا يليق بالسياسي"، ويجب على مهرر الاعتذار لسكان فيينا.
ومضى قائلا "أسواقنا الفيينية هي نبض هذه المدينة، والعاملون موردون محليون مهمون ويوفرون للناس طعاما طازجا ومختلفا وصحيا.. أسواق فيينا هي أماكن للالتقاء والتنوع والتبادل".
بدورها، قالت زعيمة حزب الخضر في فيينا جوديث بورينجر إنها لا تفهم مثل هذا "التحريض التعسفي والرخيص" ضد الأشخاص الذين يعملون في برونن ماركت، ويثرون حياة الناس في المنطقة، مشككة في فهم مهرر للاقتصاد.
كريستوف فيدركهير، رئيس الليبراليين في فيينا، رأى أن تصريحات مهرر "ليست خاطئة فحسب، بل إنها عنصرية".
ورأى فيدركهير، تصريحات مهرر "مناورة سياسية رديئة لتشويه سمعة الأشخاص الذين بنوا شيئا معنا ويساهمون في المجتمع"، وأضاف "لسوء الحظ، بالكاد يمكن تمييز حزب الشعب عن حزب الحرية اليميني المتطرف".
الكاتب النمساوي الشهير هانز راوشر هاجم، في مقال في صحيفة دير شتاندرد، تصريحات رئيس حزب الشعب في فيينا كارل مهرر.
وكتب راوشر "السيد مهرر، هناك أيضًا أتراك وصرب وبوسنيون في السوق، وكثير منهم مواطنون نمساويون منذ عقود"، مضيفا "المهاجرون انتقلوا ببساطة للعمل في السوق لأن "سكان فيينا الحقيقيين" لم يعودوا يرغبون في القيام بمثل هذه الأعمال أو ما يشابهها".
ومضى قائلا "هذا لا ينطبق فقط على تجارة المواد الغذائية بالتجزئة، ولكن على أجزاء كبيرة من الشركات الصغيرة"، مضيفا أن المهاجرين باتوا أصحاب أعمال في شركات صغيرة أيضا، ويتمتعون بالكفاءة".
في المقابل، رد مهرر على عاصفة الاتهامات بالعنصرية، وقال "أنا لست عنصريا.. ومصدوم من ردود الأفعال ضدي"، مضيفا "هذه المزاعم تستهدفي بشكل شخصي".
ومضى قائلا "انتقاد اليسار في هذه المدينة لي واتهامي بالعنصرية أمر يتجاوز الحدود".