فيتنام وكورونا.. استراتيجية صارمة نجحت في تفادي كارثة
هانوي واجهت الفيروس سريعا، حيث نفذت إرشادات منظمة الصحة العالمية بشكل نموذجي، بداية من تقصي واختبار المخالطين بالحالات المصابة
مع تفشي كورونا في مختلف أنحاء العالم، وتأثر كثير من الدول بالجائحة بنسب مختلفة، وصلت أحيانا لدرجة كارثية، ظهرت دولة واحدة فقط كان تأثرها به طفيفا، رغم قربها من الصين التي ظهر بها الفيروس لأول مرة.
إنها فيتنام، البلد الواقع في جنوب شرقي آسيا، ويبلغ عدد سكانها نحو 97 مليون نسمة، والتي لم تسجل سوى 300 إصابة، دون أن يؤدي هذا المرض بحياة شخص واحد أي صفر وفيات.
هانوي واجهت الفيروس سريعا على أرض الواقع، حيث نفذت إرشادات منظمة الصحة العالمية بشكل نموذجي، بداية من تقصي واختبار المخالطين بالحالات المصابة، مروراً بتطبيق الحجر الصحي، وعلاج المصابين، نهاية بوعي الناس، واستجابتهم لقواعد التباعد الاجتماعي.
وبعدما حشدت سكانها، وأعلنت الحرب على فيروس كورونا، بدأت فيتنام الآن في تخفيف القيود، والسماح للمدارس بإعادة فتح أبوابها.
الأمر الذي أثار موجة من التساؤلات حول كيفية نجاح فيتنام في السيطرة على الفيروس، وهو ما جعلها نموذج يحتذى به في المعركة ضد كوفيد 19، وبدأت العديد من الدول في إتباع "التكتيك الفيتنامي".
خبرة فيتنام مع "الجوائح" الماضية بداية من فيروس سارس عام 2003، مرورا بإنفلونزا الطيور عام 2010 بجانب جائحات كبيرة من الحصبة وحمى الضنك، لعبت دورا كبيرا في تقليل تداعيات آثار كورونا.
،هنا تجدر الإشارة إلى بدء فيتنام منذ الحديث عن فيروس كورونا باتباع استراتيجية "المنع المبكر للمرض".
إجراءات صارمة
فمع تسجيل أول إصابة بالفيروس أواخر يناير/كانون ثاني الماضي، شرعت هانوي في تطبيق تكتيك متميز لمحاربة الفيروس، تمثل في الحرب الطويلة، وتتبع المرضى، وصرامة الإجراءات.
وأعلنت السلطات حال التأهب القصوى، بعد التأكد من إصابة 12 شخصاً بالفيروس، وأغلقت حدودها مع الصين، وقامت بفحص درجة حرارة الركاب القادمين إلى المطارات الرئيسية.
وأمرت أيضا بوضع أي شخص قادم من الخارج في الحجر الصحي لمدة 14 يوما، واستخدمت الفنادق كأماكن للحجر الصحي مقابل رسوم.
ونصحت أيضا أكثر من 10 آلاف كانوا في المستشفى منذ 12 مارس/آذار الماضي بإجراء اختبار الكشف عن المرض، بجانب إغلاق قرية لمدة 14 يوماً، بخلاف العمل على تطوير أجهزة اختبار الكشف عن كورونا، بإشراف مشترك بين الجامعة الطبية العسكرية وشركة "فيت أيه".
كما أغلقت المدارس نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، وحتى منتصف مايو/آيار الجاري.
وفي نهاية مارس/أذار الماضي، علقت دخول جميع الرعايا الأجانب، وشمل التعليق الأشخاص من ذوي الأصل الفيتنامي، وأفراد الأسر المعفيين من التأشيرة الذين يعيشون في الخارج.
تعبئة المجتمع
وكان سلاح العزل الصحي، في مراكز حجر لمدة أسبوعين على كل من يدخل البلاد، هو بداية القصيدة في فيتنام منذ منتصف شهر مارس/آذار الماضي، حيث جرى عزل الأشخاص المعروفين بإصابتهم بالفيروس، وتتبع أي شخص كان على اتصال بهم.
ولكونها دولة نامية، فإنها لم تتمكن من تحمل برامج التجارب الجماعية المكلفة التي تبنتها العديد من الدول الغنية، واعتمدت على "نهج منخفض التكلفة" يركز على تعقب مكثف لمسار تفشي الفيروس وعزل المصابين.
واستخدمت فيتنام أسلوب التوعية، حيث أطلقت حملة واسعة ونشر معلومات عن سبل الوقاية من الفيروس في جميع أنحاء البلاد، مع رسائل فيديو، وملصقات تذكر بالأسلوب البطولي الذي انتهج خلال حرب فيتنام.
ودعا رئيس الوزراء، نغوين شوان فوك، الشعب إلى دعم "هجوم الربيع في حرب طويلة"، في إشارة واضحة إلى الهجوم العسكري الناجح ضد القوات الأمريكية في أوائل عام 1975.
وفي تصريح لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، قال البروفيسور كارل ثاير، الأستاذ بجامعة نيو ساوث ويلز بكانبرا في أستراليا: إن" فيتنام مجتمع تعبئة، فهي دولة الحزب الواحد، وهي جيدة في الاستجابة للكوارث الطبيعية، ونجحت استراتيجيتها الصارمة في تفادي كارثة".
وبعد نجاحها بشكل كبير في التصدي لكورونا يتنفس الشعب الفيتنامي الصعداء، بظهور ملامح انتصاره على كورونا، فالطلاب عادوا إلى مدارسهم ليسير البلد الشرق آسيوي على خطى جارته تايون، وغيرها من الدول، التي استطاعت قهر الوباء .
aXA6IDMuMTM4LjE3MC42NyA= جزيرة ام اند امز