المجر بقلب اللعبة.. لماذا يتقرب أوربان من بوتين وترامب؟

لطالما شكل رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان غصة في حلق الاتحاد الأوروبي الذي يُحاول التمسك بموقف موحّد تجاه روسيا.
ومنذ اندلاع الحرب الأوكرانية، شنّ أوربان حملةً دائمةً ضد سياسات الدعم العسكري الأوروبي لكييف، ورفض بشكل قاطع أي نقاش حول انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو" في خطوة لاقت استحسان موسكو.
وبحسب صحيفة "نيويورك بوست" الأمريكية، وبحسب تحليلات إعلامية، نجح أوربان في تحويل المجر؛ العضو السابق في حلف وارسو، إلى نموذج لـ"الديمقراطية غير الليبرالية"، حيث تُهيمن سلطته على مفاصل الدولة وسط غياب فعلي لضوابط الرقابة.
ولا يقتصر تأثير أوربان على أوروبا؛ إذ يعمل الآن على تعزيز تحالفه مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي تتطابق تصريحاته حول ضرورة "إنهاء الحرب عبر التفاوض" مع رؤية رئيس وزراء المجر، مما يُعزّز شكوكًا بوجود تنسيق بينهما.
هذا التحالف غير المتوقع منح المجر (ذات الـ9 ملايين نسمة) دورًا استثنائيًا في المعادلة الجيوسياسية، تجاوز حجمها الصغير، لتصبح لاعبًا مؤثرًا في صياغة السياسات الأوروبية.
بل أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اتهم أوربان علنًا بأنه "مهندس حملة تضليل" تُغذي توجهات ترامب المعادية لدعم كييف وبقية أوروبا.
وقال زيلينسكي في مؤتمر الأسبوع الماضي: "أعلم أن هناك أشخاصًا من الدائرة المقربة للزعيم المجري (أوربان) على اتصال بأشخاص في محيط الرئيس ترامب، وهم يثيرون باستمرار تساؤلات حول عدم توسيع الناتو في أوروبا الشرقية."
وأضاف: "لهذا السبب كل هذه المعلومات المضللة خطيرة أريد من الرئيس ترامب أن يتحدث معي مباشرة، ومع الموجودين على الطاولة، وليس مع أولئك الذين يتجولون حولها".
علاقة ودية مع موسكو
منذ توليه منصب رئيس الوزراء في 2010، خالف أوربان التوجه الأوروبي بلقائه مع بوتين في 2023، حيث أعاد تأكيد التزام بلاده بالعلاقات الثنائية مع روسيا رغم الحرب المستمرة في أوكرانيا.
وتتمتع المجر بعلاقات اقتصادية وعسكرية عميقة مع روسيا، لاسيما في قطاع الطاقة، مما يمكّنها من تخفيف تأثير العقوبات الأوروبية المُفروضة الحرب في أوكرانيا.
وتصاعدت المواجهة بين بروكسل وبودابست في 2024، عندما جمّد الاتحاد الأوروبي حوالي 22 مليار دولار من الأموال المخصصة للمجر، مُتذرعًا بانتهاكات قانونية تتعلق باستقلالية القضاء.
وردّ أوربان بتصعيد خطابه المعادي للمؤسسات الأوروبية، مُحذرًا من "إهدار مليارات اليوروهات في حرب أوكرانيا".
حليف ترامب
عقد أوربان وترامب أول اجتماع بينهما في 2019، حيث أشاد الرئيس الأمريكي بسياسات رئيس الوزراء المجري وحزبه اليميني فيدس.
وكان مستشار ترامب السابق، ستيف بانون، قد وصف أوربان سابقا بأنه "ترامبي أكثر من ترامب"، فيما أشاد ترامب شخصيًا برئيس الوزراء المجري قائلًا: "لا يوجد من هو أفضل أو أذكى أو قائد أعظم من فيكتور أوربان. إنه مذهل!"
ورغم الانتقادات الأوروبية الواسعة لأوربان، إلا أن سياساته حظيت بإعجاب كبير بين مؤيدي ترامب والجمهوريين المتشددين في الولايات المتحدة، الذين يرون في نهجه نموذجًا يمكن تطبيقه في أمريكا.
وفي خطابه عن حالة الأمة الشهر الماضي، أشاد أوربان بترامب، معتبرًا أنه يسير على خطى المجر. وقال: "لقد تخلص الأمريكيون من عيوبهم: المنظمات غير الحكومية الزائفة، والصحفيون المأجورون.. كلهم جزء من آلة تدير دكتاتورية الرأي الليبرالي والقمع السياسي في الغرب، بما في ذلك المجر."
كما أعرب أوربان عن ثقته في جهود ترامب للتوصل إلى اتفاق سلام مع روسيا، واصفًا إياه بـ "رفيق السلاح"، بعدما أبدى ترامب معارضته لانضمام أوكرانيا إلى "الناتو"، وهو مطلب رئيسي لكييف لضمان أمنها.
aXA6IDE4LjIyNy4xMzQuMjMg جزيرة ام اند امز