«عمل لم ينته».. هل يفتح ترامب «نافذة سلام» مع بيونغ يانغ؟

لم يكن إطلاق كوريا الشمالية مؤخرًا لصاروخ كروز، سوى تذكير للإدارة الأمريكية الحالية، بوجود "ملف ساخن" يتطلّب حلولًا.
ورغم تركيز واشنطن الحالي على الأزمات في أوروبا والشرق الأوسط، جاء هذا الاختبار الثاني منذ عودة ترامب للبيت الأبيض في يناير/كانون الثاني الماضي، ليعكس تصاعد التحديات مع بيونغ يانغ التي تواصل تطوير ترسانتها النووية والصاروخية.
من جانبه، أبدى ترامب في عدة مناسبات، رغبته في إعادة بناء جسور الثقة مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، حيث أعرب خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء الياباني، شينغرو إيشيبا، عن ثقته في الحفاظ على علاقات جيدة مع كوريا الشمالية، مشيدًا بعلاقته الشخصية مع كيم، وفقا لموقع "ريسبونسيبل استيت كرافت" الأمريكي.
وتأكيدًا لجدّيته في التعامل مع الملف الكوري الشمالي، أعاد ترامب تعيين العديد من المسؤولين والمفاوضين الذين لعبوا دورًا محوريًا في "دبلوماسية القمم" بينه وبين كيم خلال فترته الرئاسية الأولى.
من بين هؤلاء أليكس وونغ، نائب مستشار الأمن القومي، وأليسون هوكر، وكيلة وزارة الخارجية للشؤون السياسية، وكيفن كيم، نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون شرق آسيا، بالإضافة إلى بيو هاريسون، نائب رئيس موظفي في البيت الأبيض.
لكن المشهد اليوم أكثر تعقيدًا مقارنة بعام 2019، حين انهارت القمة الثانية بين الطرفين.. فقد طوّرت بيونغ يانغ أسلحة نووية أكثر تقدما، وزادت من وتيرة التجارب الصاروخية.
ومنذ ذلك الحين، أجرت بيونغ يانغ تجارب صاروخية أكثر من أي فترة سابقة، وكشفت عن ترسانة جديدة من الأسلحة المتطورة.
بالتزامن مع ذلك، عزّزت كوريا الشمالية علاقاتها العسكرية والاستراتيجية مع روسيا، مما يثير القلق من احتمال حصولها على تقنيات صاروخية ونووية متقدمة من موسكو.
وعلى الرغم من عدم وجود دليل قاطع على نقل روسيا هذه التكنولوجيا إلى بيونغ يانغ، فإن الاحتمالية بحد ذاتها تثير القلق في واشنطن وسول.
ونتيجة لتصاعد التوترات في شبه الجزيرة الكورية، تدهورت قنوات التواصل بين واشنطن وسول من جهة وبيونغ يانغ من جهة أخرى، مما زاد من مخاطر التصعيد غير المقصود.
وعلى عكس إدارة بايدن، التي اعتمدت سياسة الانتظار على أمل أن ترضخ كوريا الشمالية للضغوط الاقتصادية والدبلوماسية، ينبغي على إدارة ترامب أن تتجنب هذا الخطأ وتبادر بفتح قنوات الحوار مجددًا، وفق الموقع ذاته.
وبحسب الموقع، يتمتع ترامب بميزة فريدة تتمثل في خبرته الشخصية السابقة مع كيم، حيث أجرى معه محادثات مباشرة، مما منحه فهمًا أعمق لشخصية الزعيم الكوري الشمالي وأسلوبه التفاوضي.
وهذا العامل قد يمنح ترامب فرصة لإحياء الدبلوماسية مع بيونغ يانغ، خاصة إذا عادت حكومة ليبرالية إلى السلطة في كوريا الجنوبية، والتي من المرجح أن تكون أكثر انفتاحًا على الحوار والتفاوض مع الشمال، مقارنة بالإدارة المحافظة للرئيس المعزول يون سوك يول.
بالإضافة إلى ذلك، قد تساهم جهود ترامب لإنهاء الحرب في أوكرانيا وتحسين العلاقات مع روسيا في تعزيز فرص التقارب مع كوريا الشمالية.
لكن العقبة الرئيسية أمام نجاح أي مفاوضات جديدة تكمن في إصرار واشنطن على مطلب نزع السلاح النووي بالكامل، وهو شرط رفضه كيم مرارًا، حيث يعتبر الأسلحة النووية الضمانة الوحيدة لأمن نظامه.
ومع امتلاك كوريا الشمالية اليوم لترسانة نووية أكبر من ذي قبل، سيكون الثمن الذي ستطلبه بيونغ يانغ مقابل أي اتفاقية أعلى مما كان عليه في 2019.
لذلك، ينبغي على إدارة ترامب تبنّي نهج أكثر واقعية، من خلال التركيز على اتفاقية للحدّ من التسلح بدلاً من الإصرار على نزع السلاح النووي الكامل.
في هذا السياق، اقترح العديد من الخبراء أن يكون الهدف الأول هو كبح التوسع النووي لكوريا الشمالية، مع فرض قيود على القدرات الأكثر خطورة، مثل الأسلحة النووية التكتيكية.
ووفق الخبراء، قد لا يكون هذا هو النهج المثالي، لكنه أكثر قابلية للتنفيذ من التمسك بالمطالبة بنزع السلاح النووي الكامل، وهو المطلب الذي فشل جميع الرؤساء الأمريكيين السابقين في تحقيقه.
وإذا ما أراد ترامب ترك إرث دبلوماسي حقيقي باعتباره "صانع سلام"، فقد تكون هذه هي فرصته لإحداث اختراق حقيقي في شبه الجزيرة الكورية.
ولكن لتحقيق ذلك، سيكون عليه التخلي عن العقيدة التقليدية للضغوط القصوى والتوجه نحو سياسة أكثر براغماتية وواقعية، على حد قول الموقع.
aXA6IDMuMTI5LjI2LjQ5IA== جزيرة ام اند امز