تاريخ دموي وجذور إرهابية.. تقرير يفضح الإخوان أمام "النواب البريطاني"
"جذور العنف لدى تنظيم الإخوان الإرهابي وتاريخهم الدموي".. تقرير موثق بالأدلة والبراهين عرضه رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم ومفتي مصر، شوقي علام، على جميع أعضاء مجلسَي العموم واللوردات البريطاني.
جاء ذلك على هامش كلمته التاريخية التي ألقاها أمام أعضاء مجلس النواب البريطاني، وفضح خلالها تنظيم الإخوان الإرهابي وكشف منهجه المتطرف منذ نشأته وارتباطه بالتنظيمات الإرهابية وعلى رأسها "داعش"، و"حسم" وغيرهما، وأهم الأفكار المتطرفة التي يتبناها التنظيم، والشخصيات التي أسست ونظَّرت للعنف داخله منذ نشأته.
التقرير ضم كذلك نشأة تنظيم الإخوان التي كانت نتاجًا للسياق السياسي في ذلك الوقت واستجابة للمشاعر المعادية للاستعمار في مصر، وكان خطابها مغايرًا للخطابات الأصولية المعادية للاستعمار، حيث اتبعوا أسلوب المقاربة واستغلوا الإسلام والنصوص الدينية كأداة ضد المجتمع من أجل تحقيق مكاسب سياسية تصب في صالح الجماعة بدلًا من نفع الأمة.
وتناول أيضا كيف أن التنظيم الإرهابي تبنى نهج الإرهاب والعنف منذ نشأته باعتراف مرشده السابق، مصطفى مشهور، في ذلك الوقت، الذي قال بضرورة استخدام العنف والقوة المسلحة، ونظَّر لذلك في محاضراته، حيث قال في إحداها: "لن نحقق النصر إلا من خلال الإرهاب والتخويف، ويجب ألا نستسلم للهزيمة النفسية".
وأشار إلى أن تنظيم الإخوان كان يعمل بوجهين، الأول هو الوجه الظاهر لعامة الناس والجماهير حيث قدموا أنفسهم كمصلحين اجتماعيين وكقوة معارضة، أما الوجه الثاني فتمثل في إنشاء "الجهاز السري" الذي كانت مسؤوليته تنفيذ العمليات الإرهابية والاغتيالات، ونشر الخوف، والاستيلاء القسري على حكم البلاد في أقرب فرصة فيما يسمونه بـ"التمكين".
وعن "جذور ومنهجية العنف" عند الإخوان، أوضح التقرير أن مؤسس التنظيم، حسن البنا، الذي أسس لهذه الجماعة الراديكالية العنيفة منذ عشرينيات القرن الماضي، قدم نفسه وجماعته على أنها حركة إصلاحية، فإنه شرع للعنف وأعطاه صبغة دينية تحت ذريعة "الجهاد، وضرورة إقامة دولة إسلامية، وإحياء الخلافة، وتطبيق الشريعة الإسلامية".
وكشف أن تنظيم الإخوان تبنى منهج العنف تحت ستار الجهاد الذي يعد مفهومًا لا غنى عنه في أيديولوجية البنا، وهو الأمر الذي كان له النصيب الكبير من خطبه وكتاباته، لذا كان البنا حريصًا على إنشاء مجموعة قوية قادرة على استعادة الحكم الإسلامي وتطبيق الشريعة الإسلامية؛ لذلك اندمجت قوتان لا غنى عنهما عند حسن البنا وهما: قوة الوعظ وقوة السلاح، من ثم دعا أنصاره إلى اعتناق القوة كهدف ووسيلة.
كما أوضح أن حسن البنا وجد أنه من الضروري توجيه رسالته في البداية إلى الحاكم والنخبة الحاكمة بشكل سلمي، في حالة فشلهم في تطبيق قيم الحكم الإسلامي، فإن جماعة الإخوان سيشنون حربًا دموية ضدهم، وهو ما جاء في افتتاحية الطبعة الأولى من مجلة "الناظر"، حيث طالب البنا أتباعه بتطبيق هذا الأمر مؤكدًا أنهم "سيشنون حربًا على كل زعيم، رئيس حزب، وسلطة لا يعمل من أجل نصرة الإسلام"، وتعهد بإعادة حكم الإسلام ومجده، قائلًا إنه إذا ما تخاذل الحكام عن ذلك: "سنعلن عداوة طويلة الأمد، وليس سلامًا، حتى يمنحنا الله النصر عليهم".
فيما تناول التقرير سيد قطب، المنظر والمؤسس لجماعات العنف، والذي قدم الإطار النظري الذي يبرر العنف داخل المجتمعات الإسلامية بحجة أن الناس ليسوا مسلمين لأنهم يعيشون في "جاهلية"، لأنهم تخلوا -في رأيه- عن الإطار الديني والعقدي السليم الذي وضعه الله سبحانه وتعالى واستبدلوه بقوانين من صنع الإنسان.
ولفت إلى أن سيد قطب قد نظَّر لتبرير استخدام العنف انطلاقًا من فكرة جاهلية المجتمع التي تتبناها سلطة سياسية حاكمة في البلدان، وأنه على الإخوان أن يتحملوا مسئولية مواجهة هذه الجاهلية من خلال الإصلاح والتغيير.
وحول دعم الإخوان للجماعات الإرهابية، كشف التقرير أن ذلك يعود إلى بداية الثمانينيات، حيث تبنى تنظيم الإخوان خطابًا ثنائيًّا متناقضًا، وهو تمسكه الشديد بأجندته الأساسية التي ترفض النظم الحديثة، بالتزامن مع اعتناق الإصلاح وقيم الديمقراطية.
وأضاف أنه في هذا الوقت، بدأ تنظيم الإخوان الإرهابي طريقًا جديدًا تمثل في دعم الجماعات المتطرفة والإرهابية التي تنشر العنف تحت لواء ما أسموه "الجهاد المقدس"، وضمنوا استراتيجيتهم في وثيقة سرية صيغت في عام 1982، وتضع الوثيقة خطة طويلة الأجل لإقامة دولة إسلامية بالإضافة إلى استراتيجية متعددة المراحل للسيطرة على مواقع القوة الإقليمية من خلال التسلل إلى مراكز قيادية داخل مؤسسات الدولة فيما يعرف بـ "التمكين".
كما دعا التنظيم الإرهابي إلى حماية دعوته بالقوة اللازمة لضمان أمنها على الصعيدين المحلي والدولي، والتواصل مع جميع الحركات الجديدة المشاركة في الجهاد، في كل مكان على هذا الكوكب، ومع الأقليات المسلمة، وإنشاء روابط حسب الحاجة لإقامة ودعم التعاون، والحفاظ على واجب الجهاد في جميع أنحاء الأمة الإسلامية.
واستعرض التقرير كذلك أذرع تنظيم الإخوان المسلحة بداية من "جوالة الإخوان" التي أسسها حسن البنا وضمت حوالي 45 ألفاً من الشباب الذين تم تدريبهم عسكريًّا، وذلك بالمخالفة للقانون المصري لسنة 1938م الذي يحظر إنشاء كيانات شبه عسكرية.
وفي عام 1940م شكل تنظيم الإخوان الإرهابي جناحه السري المعروف باسم "الجهاد الخاص" أو "الجهاز السري"، وكانت المهمة الأساسية لهذه الوحدة وفقًا لمحمد مهدي عاكف هي تدريب مجموعة مختارة من أفراد الجماعة للقيام بمهام خاصة، والتدريب على العمليات العسكرية ضد العدو الخارجي.
وبين التقرير الموثق كيف تخطى إرهاب تنظيم الإخوان المحلية إلى دعم الجماعات المسلحة خارج مصر، حيث شاركت "طليعة القتال" التابعة للإخوان عام 1964م في انتفاضة حماة، وقد ساهم هذا الأمر في تطور حركة متطرفة يقودها مروان حديد، وهو عضو شاب متطرف في الإخوان، وشكل جماعة متطرفة محلية معارضة لحزب البعث الذي وصفه بـ"المرتد" والذي كان يحكم سوريا في الستينيات وأوائل السبعينيات.
وبعد إلقاء القبض على "حديد" وموته في السجن، قامت الخلايا المسلحة التي دربها والتي انتشرت في جميع أنحاء سوريا، بعمليات انتقامية من خلال الشروع في سلسلة من الاغتيالات ضد كبار ضباط الأمن ورجال الدولة التي تطورت في النهاية إلى هجمات إرهابية عشوائية ضد المدنيين العلويين في سوريا.
وقدم التقرير العديد من الأدلة على علاقة الإخوان بداعش والقاعدة من بينها انضمام عدد كبير من أعضاء تنظيم الإخوان الإرهابي إلى صفوف "داعش" خاصة بعد إعلان محمد مرسي عن تأييده للجهاد في سوريا، وكذلك تصريح محمد البلتاجي العضو البارز في تنظيم الإخوان عقب ثورة 30 يونيو/حزيران بمصر، أن العنف المستمر في شبه جزيرة سيناء سينتهي بمجرد رجوع محمد مرسي.
وعقب الإطاحة بمرسي وظهور داعش، أكدت تقارير ميدانية عديدة وجود الكثير من شباب الإخوان في صفوف داعش في كل من سوريا والعراق، وعندما ألقي القبض على الإرهابي هشام عشماوي الذي كان هاربًا وتسلمته مصر بعد اعتقاله في ليبيا وقامت بمحاكمته محاكمة عادلة وقضت بإعدامه. كان عشماوي يخاطب مؤيدي تنظيم الإخوان في رسالة فيديو بعنوان "لكي لا تأسوا ولا تحزنوا" حيث حثهم على استخدام العنف وشن الحرب ضد الدولة المصرية.
كما حثهم عشماوي على ضرورة استهداف رجال الشرطة والجيش، وشرح لأعضاء الإخوان كيف يقومون بالتواصل مع الجماعات الإرهابية سواء للانضمام إلى صفوفها أو لتنفيذ هجمات فردية كذئاب منفردة.
وكشف التقرير أيضًا أن تنظيم الإخوان الإرهابي حاول خلال السنوات الماضية اختطاف مكاسب ثورة 25 يناير/كانون الثاني بعد عام 2011، فبذلوا وسعهم للتسلل إلى مؤسسات الدولة للاستيلاء على السلطة عن طريق الاحتيال والخداع الانتخابي، وعندما فازوا في نهاية المطاف بالانتخابات الرئاسية، أكد مكتب الإرشاد التابع لتنظيم الإخوان سلطته من خلال اتخاذ القرارات السياسية والاجتماعية التي عزلت الناس تمامًا ودفعتهم إلى القيام بثورة ثانية ناجحة ضد تنظيم الإخوان الحاكم ومكتب الإرشاد التابع له.
وحاول الإخوان استعادة حكمهم، عن طريق إثارة الفوضى والعنف والإرهاب، وظهرت في نهاية المطاف العديد من الحركات المتطرفة والإرهابية كفروع للإخوان الإرهابية، ومن بينها حركة "لواء الثورة" عام 2016 التي قامت بعدد من العمليات الإرهابية الانتقامية منها اغتيال العميد عادل رجائي، قائد الفرقة 9 مدرعات بدهشور، ومحاولة تفجير مركز تدريب للشرطة في مدينة طنطا بدلتا النيل (شمال).
كما تحدث التقرير عن "حركة حسم" إحدى الأذرع الإرهابية للإخوان التي ظهرت عام 2014 وقامت باستهداف عدد من قوات الأمن والشخصيات العامة والقضائية، ومنها محاولة الاغتيال الفاشلة لفضيلة الدكتور علي جمعة مفتي مصر السابق عام 2016، ومساعد النائب العام زكريا عبد العزيز في العام نفسه.