هل يتحول عالم ميتا الافتراضي إلى واقع محبط؟
ربما يسيطر الإحباط على مشهد واقع العالم الافتراضي الذي صنعته شركة "ميتا بلاتفورمز" وتروج له عبر متغيراتها وأدواتها التقنية المختلفة.
هذا الإحباط يعكسه اليوم التقدم البطيء والخلافات حول استراتيجية الشركة، وهو الأمر الذي دفع جون كارماك إلى الاستقالة من دوره القيادي في وحدة الواقع الافتراضي لشركة "ميتا بلاتفورمز".
ويعرف كارماك بكونه مخضرمًا ورائدًا في صناعة الألعاب، انضم إلى مطور الواقع الافتراضي "أوكولوس" في عام 2013 قبل استحواذ "ميتا" -التي كانت ما تزال تُعرف باسم "فيسبوك" حينها- في عام 2014.
وبعد أن بدأ في "أوكولوس" كرئيس تنفيذي للتكنولوجيا، كان مؤخراً مستشاراً تنفيذياً للواقع الافتراضي في "ميتا"؛ حيث عمل كمستشار تنفيذي للواقع الافتراضي في "ميتا"، وناقد داخلي صريح.
لكنه اليوم استقال من "ميتا"، مرجعًا السبب الرئيسي في ذلك إلى إنه كان محبطاً منذ فترة طويلة بسبب ضعف الكفاءة التشغيلية لجهود الواقع الافتراضي في "ميتا"، والتي لم يشعر أبداً بالقدرة الكافية على التأثير فيها في الاتجاه الصحيح.
وقال جون كارماك، "لديّ صوت على أعلى المستويات هنا، لذا أشعر وكأنني يجب أن أكون قادراً على تحريك الأشياء؛ لكنني لم أتمكن مطلقاً من قتل الأشياء الغبية قبل أن تتسبب في ضرر، أو تحديد اتجاه وجعل فريق يلتزم به بالفعل".
ومن خلال تغريدة له على "تويتر"، قال المخضرم في صناعة الألعاب، الذي أنتجت برمجياته لعبتي "كواك" و"دوم" الكلاسيكيتين لإطلاق النار من منظور الشخص الأول، وساعد في إدخال رسومات ثلاثية الأبعاد لألعاب فيديو الكمبيوتر الشخصي، إنه وجد "فجوة ملحوظة" في التفكير الاستراتيجي بينه وبين مارك زوكربيرج. وهو يعتقد أن "كل ما هو ضروري لتحقيق نجاح باهر موجود هناك، لكنه لا يتم تجميعه بشكل فعال" في الشركة.
وتنفق "ميتا" مليارات الدولارات كل عام على مشروعها "ميتافيرس" والواقع الافتراضي، حيث تُعتبر "ميتا كويست" على نطاق واسع أفضل سماعة رأس للواقع الافتراضي في السوق. كما قالت الشركة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي إن الخسائر التشغيلية لوحدة "رياليتي لابس" التي تضم المشروع ستنمو بشكل كبير في عام 2023، وهو ما لم يرحب به المستثمرون الذين يبحثون عن مزيد من الانضباط في التكلفة من شركات التكنولوجيا.
ونظراً لأن "ميتا" لم تشهد ارتفاعاً في المشاركة في تطبيق "هورايزن وولدز" الخاص بها من كل من منشئي المحتوى والمستخدمين الأوائل، على الرغم من كونها الأكثر جدية باستثماراتها في بناء "ميتافيرس"، تعتقد وكالة بلومبرج إنتليجنس أن الشركة قد تركز على تقليص الخسائر التشغيلية للقسم المتعلق بوحدة "رياليتي لابس".
وتجابه "ميتا"، التي تجني غالبية أرباحها من الإعلانات، تراجع ميزانيات جهات التسويق جراء حالة عدم اليقين الاقتصادي والتعديل الأخير على قواعد خصوصية شركة "أبل" والتي جعلت إعلانات وسائل التواصل الاجتماعي أقل نجاعة. قلصت الشركة من التكاليف من خلال إبطاء عمليات التوظيف وتضييق نطاق الأولويات للتركيز على الحفاظ على منصات التواصل الاجتماعي الخاصة مؤثرة وتوسيع إصدارات الواقع الافتراضي.
لكن في ظل مرور "ميتا" بانخفاض محتمل في الإيرادات في المدى البعيد، قال الرئيس التنفيذي مارك زوكربيرج إن الشركة تقوم "بتغييرات ملموسة على كافة الأصعدة لإدارة العمل بطريقة أكثر كفاءة وقد عززت من عمليات التدقيق في جميع جوانب مصروفات التشغيل".
وتراهن الشركة، التي غيرت اسمها من "فيسبوك" لـ"ميتا" قبل سنة، بصورة كبيرة على "ميتافيرس" أماكن تجمع الواقع الافتراضي المعزز والتي يعتقد زوكربيرج أنها ستحتضن مستقبل العمل والاتصال. يسفر هذا الجهد عن خسارة ميتا للمليارات، وتتوقع الشركة خسارة أموال أكثر من رهان "ميتافيرس" السنة المقبلة.
وتتوقع "ميتا" حالياً أن يصل إجمالي المصروفات للعام الجاري لما يتراوح ما بين 85 مليار دولار و87 مليار دولار. وكشفت أن هذا الرقم سيزداد في 2023 ليتراوح ما بين 96 مليار دولار و101 مليار دولار.
ومن المفترض أن يبقى إرث "ميتا" من منتجات وسائل التواصل الاجتماعي رائجاً بما فيه الكفاية لتوليد إيرادات من الإعلانات لتمويل الرؤية الخاصة بـ"ميتافيرس".