أزمة التأشيرات وغياب القادة.. هل بات نقل مقر الأمم المتحدة مطلبا ملحا؟
في خضم أزمة متكررة خلال الأعوام الماضية من منع وفود أو تأخير تأشيرات، تتصاعد المطالب بنقل مقر الأمم المتحدة من أمريكا إلى بلد محايد وعدم تسييس عمل المنظمة.
ووفقا لاتفاقية مبرمة بين هيئة الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، بصفتها الدولة المضيفة للمقر، يتعين على السلطات الأمريكية ألّا تخلق عقبات أمام ممثلي ومسؤولي الدول الأعضاء في المنظمة لزيارة الأمم المتحدة.
وكانت الولايات المتحدة قد رفضت مرارا في السابق منح التأشيرات للدبلوماسيين والخبراء الروس الذين كانوا يخططون للمشاركة في مؤتمرات تقيمها هيئة الأمم المتحدة.
الفكرة نادت بها روسيا مرارا وأيدتها من الدول العربية سوريا التي قالت إنها أيضا واجهت صعوبات كثيرة على مدار السنوات الماضية.
ويقع مقر الأمم المتحدة في مدينة نيويورك الأمريكية على ضفاف النهر الشرقي، وافتتح في 9 يناير/ كانون الثاني 1951.
غياب رئيسي روسيا والصين
وتشهد أروقة المقر الرئيسي للأمم المتحدة تقاطر قادة ورؤساء الحكومات والمئات من كبار المسؤولين من كل أنحاء العالم، للمشاركة في افتتاح الاجتماعات رفيعة المستوى للدورة السنوية الـ77 للجمعية العامة للمنظمة الدولية في نيويورك.
وانضم كثيرون بينهم إلى أوسع حشد للدبلوماسية الدولية على الإطلاق، بعدما تأخروا بسبب مشاركتهم في المراسم الجنائزية العظمى التي أقيمت في لندن وداعاً للملكة إليزابيث الثانية، متجاوزين أيضاً القيود المشددة التي فرضت خلال الدورات الثلاث الماضية بسبب تفشي جائحة كورونا؛ للبحث عن حلول للتهديدات والتحديات العالمية المتزايدة.
ووفقا لوكالة الأنباء الفرنسية فإن الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جين بينج سيغيبان عن الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا العام.
غياب عده مراقبون سياسيا جراء الأزمات التي تشهدها بلادهما مع الولايات المتحدة الأمريكية، ما بين عقوبات قاسية على روسيا جراء أزمة أوكرانيا، واستفزازات لبكين عبر دعم يتزايد لتايوان.
بلد محايد
وقالت وزارة الخارجية الروسية إن موسكو تؤيد فكرة نقل مقر الأمم المتحدة من أمريكا إلى بلد محايد، ما يجعل عمل المنظمة أقل تسييسًا، على حد وصفها.
وكان نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي فيرشينين قد صرح في وقت سابق بأن الولايات المتحدة تسيء استغلال إمكانياتها بصفتها الدولة المضيفة للأمم المتحدة، منوها بأهمية دور بلاده في إصلاح مجلس الأمن الدولي.
وأفاد فيرشينين في مقابلة صحفية نقلها موقع روسيا اليوم بأن موسكو ستسعى إلى اللجوء إلى التحكيم فيما يتعلق باستغلال الولايات المتحدة لسلطاتها بصفتها الدولة المضيفة للأمم المتحدة في إصدار التأشيرات للدبلوماسيين الروس.
وأوضح نائب وزير الخارجية الروسي أن "الحديث يدور من حيث الجوهر عن إساءة استخدام واضحة من قبل الأمريكيين لإمكانياتهم كمضيفين من جهة ضمان فعالية عمل الأمم المتحدة. نحن ضد هذا الأمر، نحن نسعى وسنسعى بقوة إلى إجراءات التحكيم، وهو ما نصت عليها الاتفاقية ويجب على الأمين العام للأمم المتحدة أن يلجأ إليها".
غير واقعي
من جانبه، وصف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، المطالب بنقل مقر الأمم المتحدة من الولايات المتحدة بأنه أمر غير واقعي.
وردا على سؤال عما إذا كان يخشى أن تبدأ الدول في الضغط بقوة أكبر لنقل المقر الرئيسي للأمم المتحدة من الولايات المتحدة إلى موقع آخر، قال غوتيريش، لوكالة أنباء "سبوتنيك": "لا أعتقد أن هذا أمر واقعي".
وأضاف: "أُصر على أن الدولة المضيفة يجب عليها الالتزام بمنح حق الوصول لوفود جميع البلدان الأخرى للوصول إلى مقر الأمم المتحدة للعمل في إطار المنظمة، وموقفنا هذا واضح للغاية، وقد ناضلت بعناد من أجل إصدار التأشيرات لأعضاء الوفود الروسية".
أزمة التأشيرات
أعلنت موسكو، الثلاثاء، أن وزير الخارجية سيرجي لافروف، وعددا من أعضاء الوفد المرافق له، حصلوا على تأشيرات دخول إلى الولايات المتحدة، لحضور أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في وقت لاحق هذا الشهر.
وكانت موسكو قد عبرت في وقت سابق عن قلقها لعدم صدور التأشيرات لـ56 من ممثليها في الوفد الروسي الذي يترأسه لافروف في اجتماعات الجمعية العامة من 20 لغاية 26 سبتمبر/أيلول في مقر الأمم المتحدة.
وتنص اتفاقية تعود إلى 1947 بين الولايات المتحدة والأمم المتحدة، على أن تلتزم السلطات الأمريكية بعدم منع عبور ممثلي الدول الأعضاء إلى مقر الأمم المتحدة.
وفي فبراير/شباط، بعد العملية العسكرية الروسية بأوكرانيا، أعلنت الولايات المتحدة فرض عقوبات على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية سيرجي لافروف، بما في ذلك منعهما من دخول أراضيها.
ونقلت وكالات أنباء روسية عن وزارة الخارجية أن "التأشيرات سُلمت اليوم للافروف وعدد من المرافقين"، دون تحديد عددها.
وأضافت "نتوقع صدور التأشيرات لأعضاء الوفد المتبقين، وحلا سريعا لمسائل لوجستية في ضوء العقوبات غير القانونية التي تفرضها الولايات المتحدة".
ووجه السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، في وقت سابق هذا الشهر رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اشتكى فيها من عدم تلقي التأشيرات.
وكتب في الرسالة أن "منح التأشيرات واجب قانوني على الدولة المضيفة، وليس حقا أو امتيازا".
aXA6IDE4LjIxNy4xMC4yMDAg
جزيرة ام اند امز