خبيران عن زيارة تبون لتركيا: أمن المنطقة أولوية للجزائر
يونس بورنان - العين الإخبارية - الجزائر
أكد خبيران جزائريان أهمية زيارة الرئيس عبد المجيد تبون إلى تركيا، واحتمالات انعكاسها على الوضع في ليبيا، والتي قالا إنها تندرج في إطار أولوية أمن المنطقة.
وقال الخبيران في تصريحات لـ"العين الإخبارية" إن الوضع الأمني في المنطقة أولوية للجزائر، خصوصاً فيما يتعلق بالأزمة الليبية أو المالية، مشيران إلى أن جملة المواقف "المتطابقة والمتباينة" بين الجزائر وأنقرة إزاء الأزمة الليبية.
وشدد الخبيران على أن الجزائر "ترغب في الضغط للتسريع في إجراء الانتخابات العامة بليبيا"، والذي ترى فيه "الحل الوحيد" لأزمة هذا البلد العربي.
كما اعتبر المحللان السياسيان بأن القمة الجزائرية – التركية الثانية من نوعها منذ 2020 "بإمكانها الدفع قدماً بالعملية السياسية في ليبيا" ولإخراجها من النفق المظلم الذي تعيشه منذ 2011.
قمة جزائرية – تركية
واستقبل، مساء الإثنين، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نظيره الجزائري عبد المجيد تبون، الذي شرع، الأحد، في زيارة إلى أنقرة تستغرق 3 أيام.
وأشارت مصادر إعلامية محلية في البلدين، إلى أن الرئيسين سيناقشان 3 ملفات رئيسية، أبرزها التعاون الاقتصادي بين البلدين، ومسألة "إلغاء التأشيرة"، بالإضافة إلى الوضعين في ليبيا ومالي.
والشهر الماضي، نفى الرئيس الجزائري اعتزام بلاده "احتضان مؤتمر دولي حول ليبيا"، وأكد أن ذلك "يحتاج إلى توافقات إقليمية"، لكنه لم يستبعد في المقابل عقده بالجزائر في "حال توفر أجواء نجاح انعقاده".
الأولوية الأمنية
البروفيسور إسماعيل دبش استاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر، كشف عن أوجه التوافق والاختلاف بين الموقفين الجزائري والتركي إزاء الأزمة الليبية، وشدد على أن الوضع بالمنطقة "أولوية بالنسبة للجزائر".
وفي رده على سؤال متعلق بمدى قدرة التنسيق الجزائري – التركي على إيجاد حل نهائي للأزمة في ليبيا، رد بالقول: "في بداية الأزمة الليبية سنة 2011، الجزائر رفضت التدخل الأجنبي بهذا البلد، ولهذا كانت سياسة الجزائر مختلفة عن السياسة التركية، لأن أنقرة عضو في الحلف الأطلسي وبالتالي تدخلت مباشرة في ليبيا، وتوسعت التدخلات العسكرية بتواجد عسكري تركي".
وتابع قائلا: "الجزائر ترفض أي تواجد أجنبي بقواعد عسكرية أجنبية في أية دولة، والجزائر عندها الأمن الإقليمي أولوية بالنسبة لها وذلك بوحدة وأمن واستقرار ليبيا، وأن التدخلات الأجنبية والقواعد العسكرية أدى إلى انفجار الوضع بليبيا وإلى اللاستقرار الذي يعيشه هذا البلد منذ أكثر من 10 سنوات".
الحل السياسي
ويرى الأكاديمي الجزائري المهتم أيضا بالملف الليبي، أن "موقف الجزائر هو أن الحل الوحيد للأزمة الليبية هو التوجه بأسرع وقت نحو تنظيم الانتخابات في ليبيا وهو الحل السياسي الوحيد، من خلال تحديد موعد صارم للانتخابات لا يمكن التراجع عنه".
وأوضح بأنه "على ضوء هذا الحل، يمكن للجزائر أن تدرس مع تركيا إيجاد أرضية لتحديد موعد يؤدي إلى إجراء الانتخابات في ليبيا".
غير أن البروفيسور دبش لفت إلى أنه "ربما ليست مستعجلة بالنسبة لحل الانتخابات لأن منظومة الحكم والسلطة في ليبيا اليوم هي نتاج تقريباً الدعم الغربي والدعم التركي، بينما الجزائر ما يهمها بالأساس هو أن تكون ليبيا مستقرة سياسياً لأن ليبيا على حدودها بأكثر من 900 كيلومتر، وبالتالي فإن أي انزلاق في ليبيا ينعكس مباشرة على الأمن في الجزائر".
واستطرد موضحاً: "كلنا نعرف كيف تمت عملية تيقنتورين (منشأة غازية) في 2013 (جنوب الجزائر)، وهم الإرهابيون الذين دخلوا من ليبيا، وحاولوا ضرب شرايين الاقتصاد الجزائري بعين أميناس".
وشدد المحلل السياسي على أن "تركيا لا تتأثر بالتداعيات الأمنية للوضع في ليبيا لأنها بعيدة بنحو 4 آلاف كيلومتر".
الضغوط الجزائرية
ولفت إلى أنه "يبدو لي أن الرئيس الجزائري يتجه نحو الضغط على كل الدول الإقليمية ودول العالم ككل لإيجاد حل سياسي للأزمة في ليبيا، والحل السياسي للأزمة بدولة مالي أيضا لأنها على الحدود الجزائرية بأكثر من ألف كيلومتر".
ونبه البروفيسور دبش إلى أن زيارة الرئيس الجزائري إلى تركيا "ستتضمن لقاء حول كيفية الخروج بإجراءات عملية لتفعيل العملية الانتخابية في ليبيا وإشراك الجميع، لأن الجزائر لا تساند أي طرف، وترغب في مشاركة كل الأطراف بما فيهم جماعة النظام السابق، لكن الشعب الليبي هو الذي يقرر".
ولفت إلى أن "تركيا لن تكون متحمسة طبعاً للنظام السابق، لكن الجزائر تريد أن تكون هناك انتخابات بليبيا في أقرب وقت".
التنسيق الجزائري التركي
في السياق ذاته، اعتبر الأكاديمي الجزائري الدكتور حسين قادري بأن "موقف الجزائر هو رفض كل التدخلات الأجنبية في الأزمة الليبية بما فيه التركي، ولكن مادام هذا التدخل التركي بات أمرا واقعاً فإن الجزائر من مصلحتها التنسيق مع أنقرة".
وأشار في حديث مع "العين الإخبارية" بأن "المصالح تبقى هي المحدد للمواقف وآليات وصور هذا التنسيق، وعلى الأقل سيكون هناك تنسيق مخابراتي بين البلدين، وإذا اختلفت البدايات فإن النهايات قد تلتقي".
وأضاف "لا يمكن للجزائر أن تغير الموقف التركي، والأهم هو أنه ماذا يمكن أن تكون عليه افرازات الواقع الليبي، ولتركيا مبرراتها ستشرحها للجزائر، وقد ترفع بعض التخوفات والتحفظات، والجزائر تريد ليبيا موحدة، وأن يكون الليبيون من يقررون مصير بلدهم، وأعتقد أنه ستكون هناك تطمينات كبيرة بين الطرفين بشأن الملف الليبي".