خبيران مصريان يحللان لـ"العين الإخبارية" دلالات زيارة البابا فرنسيس للإمارات
"العين الإخبارية" تجري حوارا مع خبيرين سياسيين حول دلالات الزيارة والرسائل المتوقعة أن يبعث بها البابا فرنسيس خلال زيارته للإمارات
في زيارة وُصفت بالتاريخية، يحل قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، ضيفاً على دولة الإمارات، في الفترة من 3-5 فبراير/شباط المقبل، في زيارة هي الأولى لمنطقة الخليج العربي، تلبية لدعوة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية.
وفي هذا الصدد، أجرت "العين الإخبارية" حواراً مع خبيرين سياسيين مصريين حول دلالات الزيارة والرسائل المتوقعة أن يبعث بها البابا فرنسيس للعالم خلال زيارته للإمارات.
اختيار الإمارات
قال طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة: "إن اختيار البابا فرنسيس الإمارات يحمل دلالات ثقافية ودلالات مرتبطة بالمنظومة المجتمعية التي تطرحها دولة الإمارات في الإطار الخليجي والعربي، خاصة أن الإمارات قدمت نموذجاً للتسامح".
وأضاف خلال حواره لـ"العين الإخبارية": "اختيار بابا الكنيسة الكاثوليكية للإمارات يعكس تقديره الكبير لمجهوداتها في الفترة الأخيرة، ما يجعلها نموذجاً مثالياً في التعايش، ومن هنا تظهر ردود الفعل في الدول الأوروبية عن الزيارة، ودور الإمارات في المنطقة لدعم أسس الحوار بين الأديان والتعايش السلمي".
ووصف عماد جاد، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الزيارة الأولى لبابا الكنيسة الكاثوليكية لمنطقة الخليج العربي بـ"الاختيار المنطقي والطبيعي"، مؤكداً أن اختيار الإمارات محسوب بدقة، كونها الدولة الأولى عربياً وليس في منطقة الخليج فقط في التسامح والتعايش وحرية الأديان والمعتقدات بشكل مطلق، خاصة أن إنشاء دور العبارة مسموح لجميع الأديان دون التمييز بين الأعراق والجنسيات.
رسائل البابا فرنسيس
قال طارق فهمي: "إن الزيارة ستحمل عدة رسائل للعالم، الرسالة الأولى هي رسالة للتعايش بين الأديان والأجناس المختلفة، نظراً إلى أن البابا فرنسيس دائماً ما يؤكد ضرورة تعايش الشعوب في سلام، والرسالة الثانية هي دعم حوار الأديان وتجميع الأيديولوجيات الثقافية المختلفة"، مشيراً إلى أن رسالة البابا فرنسيس لن توجه إلى دين معين بل للبشرية بأكملها.
وأشار إلى أن زيارة البابا فرنسيس للإمارات تمثل رسالة حضارية، لارتباطها ببناء المنظومة المجتمعية والثقافة الإنسانية، خاصة أن الإمارات هي أول دولة في المنطقة طرحت قيما للتسامح والسعادة والاهتمام بالإنسان في إطار التعايش المجتمعي.
وفي الوقت نفسه، أكد أهمية توقيت الزيارة وتوجيه رسائل خلالها، فهي تُنقل من دولة طبّقت على أرض الواقع نموذجاً للتسامح والتعايش، ولها الثقل السياسي والثقافي في تجربة مواجهة الإرهاب والتطرف، مشدداً على دور الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في تأسيس بيوت الخبرة لتجفيف منابع الإرهاب والعنف المجتمعي، ما يدعم رسالة الإمارات إلى العالم في التسامح وحوار الأديان.
من جانبه، قال عماد جاد: "إن شخصا مثل البابا مُطلع بشكل جيد على تجربة الإمارات، وربما يوجه دعوة إلى باقي الدول داخل وخارج المنطقة للامتثال بهذه التجربة، إذ باتت الإمارات في وقت قصير نموذجاً للتعيش المشترك بغض النظر عن المعتقد أو الجنس أو اللون".
وتوقع "جاد" أن البابا فرنسيس سيطلق دعوة للحوار من الإمارات، كونها ملتقى المؤتمرات العالمية الداعمة للحوار بين الأديان، فضلًا عن توجيه دعوته للسلام والحل العادل للقضية الفلسطينية.
وقال: "البابا فرنسيس صاحب شخصية بسيطة ومتواضعة ولم تكن له مواقف منحازة تعطل الحوار، بل هو منحاز للفقراء والبسطاء، ورسالته الصادقة ظهرت ملامحها في أزمة اللاجئين في أوروبا عندما وجّه دعوته للكنائس الأوروبية بفتح أبوابها أمام اللاجئين، فضلًا عن حديثه المتواصل عن الاندماج بين البشر".
أرض التسامح
وعن دور الإمارات في دعم حوار الأديان، قال عماد جاد: "وضع القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، أسس مبادئ الحوار الديني واحترام الآخر والتسامح، وغرس أفكاره في أجيال ممتدة، ما أدى إلى النتائج الحالية التي تعيشها الإمارات، بتأسيس وزارتين للتسامح والسعادة".
وأثنى "جاد" على نموذج الإمارات في حرية الاعتقاد، وامتلاك الأديان كافة دورا للعبادة خاصة بها، فهناك نحو 7 كنائس في الإمارات، إضافة إلى حرص رجال الدولة على تقديم خطاب تعايش مشترك، متمنياً أن تحذو الدول العربية حذو نموذج الإمارات في تطبيق القانون دون النظر إلى الخلفيات العرقية والدينية.
وأعلن الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، عام 2019 عاماً للتسامح، ويركز على 5 محاور رئيسية، هي: تعميق قيم التسامح والانفتاح على الثقافات الأخرى بالتركيز على قيم التسامح لدى الأجيال الجديدة، وترسيخ مكانة الإمارات عاصمة عالمية للتسامح عبر المبادرات والدراسات الاجتماعية والثقافية، والتسامح الثقافي والمبادرات المجتمعية، وطرح تشريعات وسياسات تهدف إلى مأسسة التسامح الديني والاجتماعي، فضلًا عن تعزيز خطاب التسامح والمبادرات الإعلامية الهادفة.
نموذج للتعايش
وأكد طارق فهمي، أهمية دولة الإمارات في المنطقة لدعم قيم التعايش والحوار بين الأديان، قائلًا: "الإمارات تستقبل على أراضيها شرائح متعددة، فلا تهتم فقط بالبُعد الديني، بل ترتبط بالضوابط المجتمعية، ما دفعها لتدشين وزارة التسامح ومؤشرات الرضا الشعبي، إضافة إلى استحداث الخطاب على المستوى العربي والإسلامي".
واعتبر "فهمي" أن الإجراءات التي اتخذتها الإمارات خلال السنوات الأخيرة دعمت لغة التسامح المباشرة، وعكست القيم التي تتمتع بها، خاصة أنها نموذج للتعايش بين شرائح وأيديولوجيات مختلفة، منوهاً أن هذه القيم ترسخها قناعة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في الجيل الحالي، ما يجعله جيلاً وعنواناً لقيادات مبهرة تستطيع تقديم رؤية للعالم، وتقفز بالإقليم خارج الإطار الكلاسيكي".
كما أشاد بنموذج الإمارات في تحقيق السعادة لمواطنيها والتعايش بين المواطنين والوافدين والمقيمين، متوقعاً أن تصبح لزيارة بابا الكنيسة الكاثوليكية انعكاسات إيجابية لدعم الحوار بين الأديان.
وتحتضن الإمارات نحو 200 جنسية مختلفة يحظون بتقدير وعدالة ومساواة، ما دعم ريادة الإمارات عالمياً، بحسب مؤشرات التنافسية الدولية.
وخلال عام 2016، أعلنت الإمارات تأسيس أول وزارة للتسامح في العالم، إضافة إلى مبادرات تعزيز الحوار بين الشعوب، مثل: البرنامج الوطني للتسامح، وجائزة محمد بن راشد للتسامح، والمعهد الدولي للتسامح.