"فولكسفاجن".. قصة نجاح ألمانية قادها هتلر بـ"سيارة الشعب"
83 عاما ما بين بزوغ وإخفاق ثم الصعود إلى القمة هي رحلة عملاق السيارات الألماني
ما بين تدشين عملاق السيارات الألماني فولكسفاجن وتربعها على عرش صناعة السيارات العالمية، رحلة طويلة ارتبطت على مدار 83 عاما بتاريخ الشعب الألماني ما بين بزوغ وإخفاق ثم الصعود إلى القمة بجوار زعماء العالم مجددا.
بدأ تاريخ إحدى أشهر شركات السيارات بالعالم في 1937 حين أطلق الزعيم النازي أدولف هتلر تعليمات بتصنيع سيارة رخيصة وخفيفة تناسب الألمان، من هنا تأسست الشركة في مايو/أيار من نفس العام وحملت في البداية اسم "تجهيز سيارات للشعب الألمانى" واختصارا "جيزوفر"، قبل أن تتحول في سبتمبر/أيلول إلى العلامة التجارية الشهيرة فولكسفاجن أو سيارة الشعب تحقيقاً لحلم هتلر.
عهد الزعيم الألماني إلى المهندس النمساوي فرديناند بورش مؤسس علامة بورش، مهمة تصميم أول سيارة للشعب يمكن بيعها بأقل من ألف رايخ ألماني أو ما يعادل 140 دولارا آنذاك، ضمن مساعي لتوظيف السيارة في حملة ترويجية للنظام النازي.
وبالفعل لم يمر وقت طويل حتى خرجت إلى النور سيارة KdF (Kraft-durch-Freude) -Wagen وتعني السعادة من خلال القوة وهو شعار جبهة العمل النازي داخل الشركة، ثم لأسباب تسويقية تم تغيير اسم السيارة فيما بعد إلى العلامة الشهيرة بيتل، وعُرضت السيارة لأول مرة في معرض برلين للسيارات عام 1938.
- ID.4 الكهربائية.. ظهور سيارة فولكسفاجن المنتظرة
- فضيحة الانبعاثات.. كندا تطالب "فولكسفاجن" بدفع 150 مليون دولار
ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فبعد عام واحد اندلعت شرارة الحرب العالمية الثانية عام 1939 ليتحول مصنع فولكسفاجن من تصنيع السيارات إلى بناء المعدات العسكرية.
وعقب انتهاء الحرب عاودت الشركة إنتاج السيارة بيتل تحت إدارة السلطات البريطانية لفترة من الوقت، قبل أن تعود فولكسفاجن مجددًا لإدارة ألمانيا الغربية عام 1948 وتبدأ سيارة الشعب في الانتشار بالبلاد.
وبعد أعوام قليلة توجهت أنظار فولكسفاجن صوب الأسواق الخارجية وتحديدا الأمريكية التي كانت تعيش حالة انتعاش في الخمسينيات.
ومن أجل تجاوز عقبة ارتباط السيارة بالسيرة التاريخية للنازية، أطلقت وكالة الدعاية Doyle Dane Bernbach في 1959 حملة يطلق عليها اسم السيارة "Beetle" والتي قادتها لتكون السيارة الأكثر مبيعًا في الولايات المتحدة.
وكان عام 1972 علامة فارقة في تاريخ فولكسفاجن حين كسرت رقم الإنتاج القياسي العالمي المسجل باسم شركة فود موتور الأمريكية بنحو 15 مليون سيارة من طراز فورد تي، حيث تمكنت الشركة الألمانية من إنتاج أكثر من 21.529 مليون سيارة طراز بيتل.
وعكفت الشركة بعد ذلك على إنتاج طرازات جديدة مثل رابيت وجولف، إلى جانب موديل بيتل الجديدة في حقبة التسعينيات.
وبالتوازي مع إنتاج طرازات جديدة، نفذت فولكسفاجن خطة توسعية عملاقة في ثمانينيات القرن الماضي حين بدأ استحواذها التدريجي على شركة سيات الإسبانية، ثم الاستحواذ على شركة سكودا التشيكوسلوفاكية في التسعينيات.
وفي 1998 استحوذ عملاق السيارات الألماني على أهم 3 شركات متخصصة في إنتاج السيارات الفارهة وهي بنتلي ولامبورجيني وبوجاتي، ولم تتوقف فولكسفاجن عند هذا الحد بل استحوذت تدريجيا في الألفية الثالثة على شركة بورش.
هذه الرحلة المليئة بالإنجازات تتوجها فولكسفاجن الآن بتربعها على عرش صناعة السيارات عالميا عبر إنتاج أكثر من 10.336 مليون سيارة خلال العام الماضي 2019 بما يعادل 12.2% من كعكة مبيعات سوق السيارات العالمي، وفقًا لقاعدة البيانات العالمية لموقع focus2move.
رغم رحلة الكفاح والجودة الشهيرة تورط عملاق الصناعة الألماني في فضيحة دولية عرفت إعلاميا بـ"الديزل"، وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي اعترف هانز ديتر بوتش، رئيس مجلس الإشراف والمراقبة على مجموعة فولكسفاجن الألمانية للسيارات، بأن المجموعة تتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية عن السمعة السيئة للسيارات التي تعمل بمحركات الديزل.
أضاف بوتش أن التلاعب في محركات فولكسفاجن يمثل "أكبر ضرر ممكن".
في الوقت نفسه، أعرب بوتش عن اعتقاده أن قضية الديزل لم تثر على السلوك الشرائي للعملاء "فعندما ينظر المرء إلى التطور المحض لأعداد سيارات الديزل، سيرى أن تراجع أعداد المبيعات للديزل نشأ من خلال النقاش حول حظر تسيير هذه السيارات وليس من خلال فضيحة الديزل".
كانت فولكسفاجن اعترفت في سبتمبر/أيلول 2015 تحت ضغط من هيئة البيئة الأمريكية، بالغش في اختبارات عوادم سيارات الديزل في عدد كبير جداً من هذه السيارات.
وصباح اليوم ذكر ممثلو الادعاء في كندا أن بلادهم تطالب شركة صناعة السيارات الألمانية "فولكسفاجن" بدفع ملايين الدولارات بسبب فضيحة الانبعاثات التي طالت الشركة مؤخرا.
وفرض ممثلو الادعاء في تورونتو غرامة قدرها 196.5 مليون دولار كندي (نحو 150 مليون دولار أمريكي) على الشركة الألمانية.
وكانت السلطات الكندية قد اتهمت "فولكسفاجن" في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي بتوريد ما يقرب من 128 ألف سيارة إلى البلاد بين عامي 2008 و2015، وانتهكت تلك السيارات معايير الانبعاثات الخاصة بها.