بعد 200 عام من الحياد.. هل تغير حرب أوكرانيا مسار سياسة سويسرا الخارجية؟
"الحياد لا يعني عدم المبالاة".. بهذه الكلمات جاءت تصريحات الرئيس السويسري، إغناسيو كاسيس، عقب تبني بلاده عقوبات فرضتها أوروبا على روسيا مع بداية حرب أوكرانيا تشي بتغييرات واسعة في السياسة الخارجية.
قبل أن تقترح لجنة برلمانية تعديل بعض القوانين للسماح بتصدير أسلحة إلى أوكرانيا ما يمثل اتجاها صريحا من سويسرا لتغيير سياسة الحياد التي اتبعتها على مدار أكثر من 200 عام.
وضع استثنائي
ومع بدء العملية العسكرية الروسية، قال الرئيس السويسري إن الأوضاع الراهنة استثنائية حيث يمكن اتخاذ إجراءات مماثلة استثنائية، كما أدان الهجوم الروسي، واصفا إياه بأنه انتهاك للقانون الدولي.
كما اتجهت سويسرا لتشديد إجراءات كانت قد اتخذتها بعد ضم موسكو شبه جزيرة القرم في 2014، لمنع روسيا من استخدام سويسرا للتحايل على عقوبات الاتحاد الأوروبي، حيث أكد الرئيس السويسري أنه "لأسباب الحياد، لم تتبن بلادنا بشكل مباشر عقوبات في ذلك الوقت.. غير أنه اليوم الحكومة شحذت ردها".
تعديل قانون سياسة الحياد
وأمس الثلاثاء، صوتت لجنة في برلمان سويسرا لصالح مقترح يسمح بطلب تعديل قوانين البلاد بهدف إتاحة تصدير أسلحة سويسرية إلى أوكرانيا عبر دول أخرى.
ورفضت سويسرا حتى الآن السماح لدول تملك أسلحة سويسرية الصنع بإعادة تصديرها إلى أوكرانيا، بما يتماشى مع حيادها العسكري.
وبموجب قانون المواد الحربية السويسري، لا يمكن الموافقة على طلب إعادة التصدير إذا كانت الوجهة النهائية دولة في حالة نزاع عسكري دولي.
لكن لجنة السياسات الأمنية في البرلمان صوتت الثلاثاء بغالبية 14 صوتا مقابل 11 لصالح دعم اقتراح لتغيير القانون من أجل السماح بإمداد كييف بالأسلحة.
وتضمن الاقتراح مادة تسمح بإلغاء تعهدات عدم إعادة التصدير التي يجب على الدول التي تشتري الأسلحة السويسرية التوقيع عليها "في الحالات التي يكون فيها هناك انتهاك للحظر الدولي على اللجوء إلى القوة"، وفق بيان صادر عن اللجنة.
وأبقى الاقتراح الباب مفتوحا أمام الحكومة السويسرية لوقف إعادة تصدير الأسلحة في الحالات التي يشكل فيها ذلك مخاطر "كبيرة" على السياسة الخارجية السويسرية.
ومن المرجح أن يحتاج البرلمان بكامل أعضائه إلى منح موافقته على هذا الاقتراح قبل تعديل القانون.
وحض بيان اللجنة على ضرورة الإسراع بإقرار التعديل الذي يجب أن يظل ساريا حتى نهاية عام 2025.
وأشار الى أن "غالبية أعضاء اللجنة اعتبروا أنه ينبغي على سويسرا أن تساهم في الأمن الأوروبي عبر تقديم المزيد من المساعدات الهامة الى أوكرانيا".
200 عام من الحياد
وتتبع سويسرا الدولة الصغيرة الواقعة في جبال الألب سياسة الحياد المعمول بها منذ عام 1815. ويؤكد موقعها الإلكتروني الرسمي ذلك حيث يشير إلى أن الحياد الدائم هو أحد مبادئ السياسة الخارجية للبلاد.
ورغم أنها تعمل كمقر للعديد من البعثات الدبلوماسية وكموقع للمعاهدات التاريخية مثل اتفاقية جنيف، إلا أنها ليست جزءا من الاتحاد الأوروبي أو الناتو. ما يؤكد مدى الجدية التي يأخذ بها السويسريون سياستهم الخارجية المحايدة، حيث انضموا إلى الأمم المتحدة مؤخرا في عام 2002، مما وضع نهاية لسنوات للنقاش بعد تصويت 54% من سكانها لصالح هذه الخطوة.
aXA6IDMuMTQwLjE4Ni4xODkg جزيرة ام اند امز