إعادة توحيد الكوريتين.. هذا ما يمكن لأمريكا أن تفعله
إعادة توحيد شطري شبه الجزيرة الكورية من شأنه أن يوفر إمكانات هائلة لشعبي البلدين، وللكثيرين حول العالم، لكنه يحتاج جهدا أمريكيا.
جهد تلعب خلاله واشنطن لعبة طويلة الأمد فتسعى إلى تحقيق تحول جوهري في العلاقات الكورية والدور الذي تلعبه شبه الجزيرة في شمال شرق آسيا وخارجها.
وكان العديد من الكوريين يرغبون في إعادة التوحيد عندما قسمت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي شبه الجزيرة إلى مناطق احتلال منفصلة في عام 1945.
وهدد كل من سينجمان ري في جمهورية كوريا وكيم إل سونغ في كوريا الشمالية، باستخدام القوة لاستعادة الوحدة، وتصرف كيم أولاً وكان سينجح لو لم تتدخل واشنطن وحلفاؤها عسكرياً.
وبسبب الحرب، أصبحت إعادة التوحيد طموحا غير عملي إن لم يكن مستحيلا في نظر واشنطن وساستها الذين لم يكن لديهم اهتمام كبير بمتابعة ما اعتقدوا أنه جهد ضائع، وفق مقال نشرته مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية لدوغ باندو الخبير في الشؤون الكورية والمساعد السابق للرئيس رونالد ريغان وزميل معهد كاتو.
واليوم، ينظر العديد من المراقبين إلى عملية إعادة التوحيد باعتبارها قضية خاسرة حيث أصبح ارتباط شباب كوريا الجنوبية بالشمال أقل من أي وقت مضى.
كما تخلى الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون عن إعادة التوحيد على الأقل سلميا.
ومع استمرار بيونغ يانغ في توسيع ترسانتها النووية وتطوير الصواريخ البالستية العابرة للقارات القادرة على استهداف الأراضي الأمريكية، فإن إعادة التوحيد لا يشغل بال الكثيرين في واشنطن.
ومع ذلك، فإن الأزمات قصيرة الأمد المتفاقمة باستمرار في شبه الجزيرة الكورية تزيد من أهمية التخطيط طويل المدى.
تحديات
ورغم الرياح السياسية المعاكسة الواضحة ضد إعادة التوحيد، إلا أن تحقيق هذا الهدف يعود بالنفع على شعبي الجنوب والشمال، لكن ليس بالضرورة حكومتيهما.
وفي واشنطن، قد يكون التحدي الأكبر لإعادة التوحيد هو اللامبالاة وليس المعارضة حيث لا يأخذ السياسيون هذه القضية على محمل الجد في الوقت الحالي.
ويتعين على داعمي إعادة التوحيد إقناع صناع القرار بأن هذا الهدف ممكن، ومن شأنه أن يعزز السلام والازدهار الإقليميين، وأن يحد من التحديات الأمنية التي تواجه واشنطن.
كما أن دعم قضية إعادة التوحيد بين جيران كوريا سيدفع العملية إلى الأمام، فمن الضروري أن تقتنع الدول الأخرى مثل اليابان وروسيا والصين، بأن إعادة التوحيد لن تؤدي إلى تقويض مصالحها وأن كوريا الموحدة لن تكون منافسا أو عدوا.
وبالنسبة للصين، فقد تسعى إلى الاحتفاظ بكوريا الشمالية كدولة عازلة، والأمر نفسه بالنسبة لروسيا في ظل التحول الدراماتيكي الأخير الذي شهدته تجاه الشمال.
أما اليابان، فقد تشعر بالقلق إزاء علاقاتها مع كوريا الموحدة الأكثر اكتظاظاً بالسكان والأكثر قوة، خاصة إذا تحققت إعادة التوحيد وسط تصاعد النزعة القومية في الرأي العام.
وقد يكون نزع فتيل معارضة إعادة التوحيد أكثر أهمية من كسب الدعم له، فلابد من تقديم القضية باعتبارها أمراً إيجابياً جماعياً، وليس كسلاح يستخدم في نزاعات جيوسياسية أخرى.
دول أخرى
من المؤسف أن الكوريتين انجرفتا إلى الصراع الأوكراني ومن الممكن إطلاق مبادرة إقليمية لإخراج البلدين من الصراع، وهو جهد قد يساعد في تشجيع مفاوضات أوسع نطاقاً لتخفيف النزاع بينهما والتحرك نحو إعادة التوحيد.
ويتعين على واشنطن تشجيع الدول الأخرى على تقديم الدعم الدولي لإعادة التوحيد، فمثلا تتمتع منغوليا منذ فترة طويلة بعلاقات جيدة مع الكوريتين.
ويمكن لدول جنوب شرق آسيا أيضًا أن تلعب دورًا، خاصة وأنه سبق واستضافت سنغافورة وفيتنام قمتين بين الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو ما يعني أن واشنطن وبيونغ يانغ تثقان بهما.
وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تلعب المنظمات غير الحكومية بمختلف أنواعها والشعوب المهتمة، دورا نيابة عن الكوريين في كل من الشمال والجنوب، ممن يتعين عليهم اتخاذ القرار بشأن إعادة التوحيد.