واشنطن تقتفي أثر موسكو في آسيا الوسطى
إدراكا لأهميتها لواشنطن وسعيا لطمأنتها، يزور وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الجمهوريات السوفياتية السابقة بآسيا الوسطى.
وخلال رحلة مطلع الأسبوع المقبل، يأخذ بلينكن على عاتقه تهدئة مخاوف تلك الدول بأن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا لن تحد من حجم التعاون مع تلك الدول، رغم النفوذ التاريخي لروسيا فيها.
- روسيا تناور بـ"الغاز" في آسيا الوسطى.. "الثلاثي" يثير مخاوف الغرب
- مسار جديد للتنمية.. الصين ودول آسيا الوسطى تحتفي بـ30 عاما من العلاقات
ومن المقرر أن يعقد بلينكن محادثات، الثلاثاء، في كازاخستان ثم في أوزبكستان، وبعدها يلتقي بالعاصمة الكازاخستانية آستانة وزراء خارجية الجمهوريات السوفياتية الخمس السابقة في آسيا الوسطى، بعد أيام فقط من مرور عام على العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
"شريك يعتمد عليه"
وبحسب دونالد لو، كبير مسؤولي وزارة الخارجية لشؤون جنوب آسيا، فإن "الولايات المتحدة الأمريكية تريد أن تظهر نفسها كشريك يمكن الاعتماد عليه ومختلف عن موسكو وبكين".
ولفت لو، في تصريحات صحفية، إلى أن "الولايات المتحدة تدرك أن الدول الخمس لن تنهي علاقاتها مع روسيا ولا مع الصين المجاورة التي تعزز وجودها في المنطقة".
وأضاف لو: "لدينا ما نقدمه من حيث الالتزامات الاقتصادية، لكن لدينا أيضا ما نقدمه من حيث قيمنا التي نطرحها"، وهذه مهمة "لن تكون سهلة".
وكانت الدول الخمس قد امتنعت عن التصويت، الخميس الماضي، على قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة بانسحاب "فوري" للقوات الروسية من أوكرانيا.
نفوذ روسيا
وبحسب دبلوماسيين وخبراء، فإن "قادة آسيا الوسطى يجدون أنفسهم في وضع صعب بسبب الاتفاقات الأمنية مع موسكو، والنفوذ الأمني والاقتصادي الكبير لروسيا".
وقالت جينيفر بريك مورتازاشفيلي، الخبيرة بشؤون المنطقة في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي وجامعة بيتسبرغ: "هناك رغبة حقيقية بين قادة هذه الدول في الابتعاد عن روسيا".
وتابعت: "أعتقد أنهم يدركون أن روسيا تمثّل تهديدا لهم، لكن بسبب الجغرافيا، لا يمكنهم فعل الكثير حيال ذلك، ووضعهم الاقتصادي لا يترك لهم خيارات كثيرة".
واستطردت: "لذلك، أعتقد أن هناك فرصة حقيقية للولايات المتحدة للانخراط في العمل مع قادة هذه الدول".
علاقات متشابكة
وترتبط روسيا مع تلك البلدان بعلاقات متشابكة، وأكثرها تعقيدا هي كازاخستان التي تتشارك مع روسيا حدودا تمتد على 7500 كيلومترا.
وتراعي كازاخستان حقوق الأقلية الروسية الكبيرة، خصوصا بعدما ذكر الرئيس فلاديمير بوتين أن الدفاع عن الناطقين بالروسية أحد أسباب العملية العسكرية بأوكرانيا.
وأكد رئيسها قاسم جومارت توكاييف، الذي سيلتقي بلينكن، خلال زيارة إلى موسكو قابل خلالها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نهاية نوفمبر/تشرين الثاني على الشراكة مع روسيا.
وحض توكاييف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي تحدث معه مؤخرا، على إنهاء الحرب عن طريق التفاوض بناء على القانون الدولي.
وكان مما أثار الجدل خلال الفترة الماضية، العتاب العلني من رئيس طاجيكستان إمام علي رحمن للرئيس الروسي بوتين، خلال اجتماع إقليمي، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، اتّهمه بتجاهل مصالح دول آسيا الوسطى.
ومنذ أن أدّت أوزبكستان دورا كبيرا في دعم الجيش الأمريكي في حربه في أفغانستان التي أنهاها الرئيس جو بايدن في عام 2021، والولايات المتحدة تضع تلك الدول نصب عينيها.
واعتبرت مورتازاشفيلي، الخبيرة بشؤون المنطقة في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي وجامعة بيتسبرغ، أن "الولايات المتحدة أخطأت عندما اعتبرت آسيا الوسطى منطقة نائية"، مؤكدة أنه "من الأجدى تبني استراتيجية حيالها تعطي أهمية لاستقلالية قادتها الإقليمية".
وأشارت إلى أن "هذه الدول هي في موقع مثير للاهتمام، يسمح لها بموازنة علاقاتها بين روسيا والصين، وهو ما قامت به فعليا العديد منها بمهارة".