استدامة المياه.. رهان العدالة في النظام العالمي

دعا تقرير جديد صادر عن الأمم المتحدة إلى إعادة النظر في طبيعة أزمة المياه العالمية التي تحرم ملايين الأشخاص من الحق في مياه الشرب الآمنة.
وأكد التقرير الصادر مؤخراً عن مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحق الإنسان في مياه الشرب المأمونة وحقه في خدمات الصرف الصحي، بيدرو أروخو آغودو، أهمية اعتماد استراتيجيات دولية فعالة لإدارة المياه لمعالجة نقص المياه النظيفة، خاصة في أوساط الفئات الفقيرة والمهمشة، داعياً إلى تبني نهج يرتكز على حقوق الإنسان في التعامل مع هذه الأزمة.
وشدد المقرر الخاص على ضرورة عدم التعامل مع أزمة المياه الراهنة على أنها مجرّد أزمة شح يمكن حلّها بالاعتماد على الحلول التكنولوجية وحدها، موضحا أن مليارات الأشخاص ليسوا مجرّد أشخاص يُختزل وضعهم في أنهم يفتقرون إلى سبل الوصول إلى المياه في أحيائهم، بل إنهم أفراد فقراء ومهمشون يقيمون بالقرب من أنهار أو فوق طبقات مياه جوفية ملوثة.
وأوصى التقرير بإعطاء الأولوية لتحديين رئيسيين من أجل تحقيق هدفين، الأول العيش في سلام مع الأنهار وطبقات المياه الجوفية التي يعتمد عليها مليارات الأشخاص، من خلال استعادة الهندسة الطبيعية المتطورة التي تنظّم الدورة الطبيعية للمياه اعتماداً على الطاقة التي توفرها الشمس للمجتمعات مجانا، وثانيا العمل على تعزيز الإدارة الديمقراطية لشؤون المياه، التي تُفهم على أنها منفعة عامة متاحة للجميع، ولكن لا يمكن لأحد الاستيلاء عليها، وبالتالي فهي ليست سلعة أساسية.
ودعا التقرير إلى اعتماد مبادئ أخلاقية لتحديد أولويات استخدام المياه، بحيث تكون الأولوية القصوى للمياه من أجل الحياة، تليها الاستخدامات التي تخدم الصالح العام، ثم الاستخدامات الاقتصادية مع التركيز على ما يتجاوز تلبية الاحتياجات الأساسية.
- حرائق ونقص مياه.. أوروبا تسجل أعلى معدلات جفاف منذ بدء التوثيق عام 2012
- الظواهر المائية القصوى.. تهديد وجودي في أفغانستان
وشدد على ضرورة الاعتراف بموارد المياه العذبة المتاحة في كل مجتمع أو إقليم باعتبارها منفعة عامة، وضرورة النظر إلى النظم الإيكولوجية المائية بوصفها تراثاً طبيعياً مشتركاً يجب إدارته على نحو مستدام، بما في ذلك إرساء إدارة للمياه تشاركية، تشمل الإدارة المنسّقة في الأحواض العابرة للحدود، وذلك وفقا لاتفاقية الأمم المتحدة لحماية واستخدام المجاري المائية العابرة للحدود والبحيرات الدولية.
ولفت إلى ضرورة ضمان الإدارة الفعالة والديمقراطية للمياه، عبر تعزيز الملكية العامة للموارد المائية والنظم الإيكولوجية المائية، وفي إطار من الاحترام التام لنماذج الإدارة القائمة التي تستخدمها الشعوب الأصلية والمجتمعات الريفية وحتى المناطق الحضرية، وهو ما يتطلب تنفيذ إدارة تشاركية وشفافة وخاضعة للمساءلة المستندة على نهج غير التمييزي تشارك فيه المرأة على قدم المساواة مع الرجل، لا سيما عند إدارة الموارد المشتركة.
وأوصى التقرير الحكومات بالحفاظ على أفضل مصادر المياه من حيث الجودة والموثوقية والتكلفة لإمداد السكان بها، وأيضا للعمل على إعطاء الأولوية في الميزانيات العامة لحق الإنسان في مياه الشرب المأمونة وحقه في خدمات الصرف الصحي.
وأشار إلى ضرورة بلورة مبادئ الكفاءة والمسؤولية والإنصاف بطريقة تكاملية بدلا من تبنّي نهج قائم على السوق، وتنفيذ وتطوير مجموعة من الأدوات والاستراتيجيات والتدابير والسياسات العامة التي تتواءم مع إدارة شؤون المياه بوصفها منفعة عامة، ويتعامل معها من منظور حقوق الإنسان.
وشدد التقرير على وضع استراتيجيات تكيّف تقوم على الانتقال في مجال المياه، كما هو الحال في استراتيجيات التخفيف التي يسترشد في وضعها بالانتقال في مجال الطاقة.
ودعا المجتمع الدولي للعمل على وضع وتنفيذ خطط هيدرولوجية على مستوى الأحواض، وإجراء تخطيط إقليمي وحضري استنادا إلى المبدأ الوقائي، بهدف تعزيز قدرة النظم الإيكولوجية المائية على الصمود البيئي، وتعزيز قدرة السكان على الصمود الاجتماعي، مع إيلاء اهتمام خاص لمن يعيشون في حالات فقر وضعف شديدة.