مسؤولون وخبراء يمنيون لـ«العين الإخبارية»: «قرارات العليمي» أنهت شرعية «الرئاسي»
وضع رئيس المجلس الرئاسي، رشاد العليمي، قرار نقل السلطة الذي تشكل المجلس بموجبه، على المحك عقب اتخاذه قرارات دون إجماع الأعضاء.
ويرى خبراء ومسؤولون يمنيون في تصريحات منفصلة لـ"العين الإخبارية"، أن قرارات رئيس المجلس الرئاسي الانفرادية أنهت شرعية الرئاسي اليمني ووضعت مسمارا في نعش إعلان نقل السلطة لتناقضها بشكل صارخ مع نصوص الإعلان.

واتخذ العليمي قرارا منفردا بـ"إعلان حالة الطوارئ والتعبئة العامة"، وهو أمر لا يتم إلا بـ"أغلبية الثلثين" من أعضاء مجلس القيادة بموجب قرار نقل السلطة الصادر في 7 أبريل/نيسان 2022.
ويخالف هذا القرار على وجه التحديد ما جاء في مضمون إعلان نقل السلطة الذي نص صراحة على "إعلان حالة الطوارئ والتعبئة العامة وفقاً للدستور والقانون ما لم ير مجلس القيادة الرئاسي بأغلبية الثلثين عدم الإعلان، ومثله انعقاد الجلسات الاعتيادية للمجلس".
كما نص على ضرورة التزام "رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي بمبدأ المسؤولية الجماعية وسعيهم لتحقيق أعلى درجة من التوافق فيما بينهم".
وهذا ما أكده 4 من أعضاء مجلس القيادة الرئاسي الذين رفضوا قرارات رئيس المجلس، بما في ذلك إعلان حالة الطوارئ، وإطلاق توصيفات سياسية وأمنية خطيرة، وصولًا إلى ادعاءات إخراج دولة الإمارات العربية المتحدة من التحالف العربي ومن اليمن.
"تحرك خطير"
ويقول نائب رئيس مجلس المستشارين التابع للمجلس الانتقالي والقائم بأعمال رئيس المجلس، أحمد الربيزي، إن ما يقوم به رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي "يثير الكثير من الاستهجان كون قرارات مجلس القيادة الرئاسي تتخذ بالإجماع كما ورد في آلية إعلان نقل السلطة".
وأوضح الربيزي لـ"العين الإخبارية" أن "رشاد العليمي الذي يتهم زملاءه بالتفرد بالتحركات العسكرية والأمنية والتي تفرضها الحاجة الأمنية الملحة على الأرض، يتخذ من جهته إجراءات وقرارات مصيرية خطيرة وهامة وينفرد بقرارات المجلس الرئاسي".
وتابع: "التناقض الفاضح لإجراءات العليمي، بمثابة إعلان حرب على الجنوب، وهي مخالفة صريحة للشراكة، وتجاوز خطير لصلاحياته الواردة في إعلان نقل السلطة".
ومضى قائلا إن "ما أحدثه رشاد العليمي هو الفشل بعينه، وهو إعلان إنهاء مجلس القيادة الرئاسي وقيادته للشرعية، ويجب أن يتحمل المسؤولية الكاملة عن تبعات هذه الإجراءات والقرارات الأحادية الخطيرة".
كما أبدى استغرابه من "الزج باسم دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي الدولة الفاعلة من دول التحالف العربي، وبصماتها شملت كل الجوانب الأمنية والعسكرية والاقتصادية والطبية، ولها اليد البيضاء التي امتدت إلى كل مديريات ومناطق المحافظات المحررة".
وأكد الربيزي "أن المجلس الانتقالي الجنوبي حرص منذ بداية الأزمة أن يكون الخطاب حصيفا تجاه الأشقاء في المملكة العربية السعودية، ليس فقط كمسؤولين في المجلس الانتقالي الجنوبي، بل وحتى أغلب النشطاء الجنوبيون، رغم ما نلاقيه من إجحاف".
قبل أن يضيف "وما زالت بياناتنا تتعشم في القيادة السعودية خيرا، وفي المقابل نفاجأ بعدوان على ميناء المكلا، علما بأن الموانئ كما هو معروف، لها حرمتها وسيادتها كمنشآت مدنية، والمضحك والمحزن في آن واحد، أن هذا القصف جاء بمبررات واهية، وادعاءات زائفة".
لا صلاحيات مطلقة
وفي السياق، قال الخبير العسكري والقانوني اليمني، العقيد محسن ناجي، إن "مجلس القيادة الرئاسي لم ينشأ ليكون واجهة لحكم فردي، بل كصيغة انتقالية قائمة على القيادة الجماعية والتوافق السياسي".
وأكد ناجي لـ"العين الإخبارية"، أن "رئيس المجلس رشاد العليمي لا يمتلك صلاحيات مطلقة– قانونًيا ولا سياسيًا – ولا يحق له التفرد بالقرار أو التمثيل المنفرد للسلطة الرئاسية، بل بشكل منسق ووفق مبدأ الإجماع أو التوافق بين أعضاء المجلس".
وأضاف أن "هذا الإطار لا يُعد اجتهادًا سياسيًا، بل خرقًا لطبيعة المجلس الرئاسي وانحرافًا عن الغاية التي شُكّل من أجلها، والمتمثلة في إنهاء التفرد وإدارة المرحلة الانتقالية بروح الشراكة، كون المجلس لم يكن حلًا شكليًا للأزمة، بل محاولة لمنع إعادة إنتاج الحكم الفردي بصيغ جديدة".
سياسيًا، يرى أن "شرعية مجلس القيادة لا تُستمد من شخص رئيسه، بل من توازن أعضائه والتزامهم بالتوافق"، وأن "أي محاولة لاحتكار القرار أو تجاوز الإجماع لا تهدد وحدة المجلس فحسب، بل تُقوض ما تبقى من الشرعية في مرحلة هي الأشد حساسية في تاريخ البلاد".
تداعيات
من جهته، قال المحلل السياسي اليمني، صابر بامقنع، إن تحركات القوات الجنوبية الحكومية تمت بشكل تشاركي وبموافقة 4 من أعضاء المجلس الرئاسي، وليس قرار منفردا، كما يزعم رشاد العليمي.
وأضاف لـ"العين الإخبارية": "بكل تأكيد، كل ما فعله رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي الذي يشتكي من الانفراد بالقرارات، هو ممارسة ذات النهج القائم على الانفراد وضد شعب الجنوب الذي منحه الشرعية والأرض والمقر المؤقت لنشاطه".
وأوضح "نقول لا شرعية للعليمي ولدينا من القوة ما نستطيع أن ندافع به عن شعبنا الجنوبي كافة".
وأشاد المحلل السياسي بدور التحالف العربي" وخاصة دولة الإمارات العربية "الصادق الصدوق"، قبل أن يضيف: "نقول لهم نحن إلى جانبكم ومصيرنا واحد مهما كلفنا الثمن".
في الصدد، قال الخبير القانوني اليمني عبدالعزيز لكمان، أن "ما اتخذه رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة لا يعتبر قرارات من رئيس البلاد، كونها قرارات ليست توافقية وإنما أحادية من طرف واحد".
وأكد لـ"العين الإخبارية"، أنه "لا بد أن يكون القرار جماعيا أو توافقيا، ويصب في مصلحة الشعب، ولا يضر بها، كضرر إعلان حالة الطوارئ"، مضيفا أن العليمي "لا يملك القوة لتطبيق هذا الإعلان".
وأوضح أن قرار حالة الطوارئ "سيعود سلبا على الشعب اليمني بوضعه في حصار خانق ويمنع عليه المؤن والمساعدات وجميع احتياجاته من دول العالم أجمع".
في هذا السياق، أكد الصحفي الاقتصادي اليمني نصر قادري أن "الحظر الجوي والبري على الموانئ والمطارات سيكون له أبعاد إنسانية واقتصادية ومعيشية صعبة على المواطنين".
وأضاف أنه "ليست هذه المرة الأولى التي يتخذ فيها العليمي مثل هذه القرارات الأحادية العقابية لشعب الجنوب، إذ نعرف إنه في السابق، دأب على استخدام هذه السياسة لمواجهة الخصوم".
وأشار إلى أن العليمي يحاول "مواجهة المشروع السياسي الجنوبي الذي خرج من أجله الآلاف في كل مدن ومحافظات جنوب اليمن".