المعايير العلمية والتربوية التي ستحكم اختيار المعلم ستعود له بالنفع كذلك، فهي ستحثه على تطوير ثقافته وتمكنه من المادة العلمية
خطوة رائدة وطموحة اتخذتها وزارة التربية والتعليم في دولتنا أخيراً، فقد جعلت "رخصة المعلم" شرطاً أساسياً لمزاولة مهنة التدريس بنهاية عام 2020، ليكون المعلمون على قدرٍ عال من الكفاءة والدراية والمهنية، وكذلك التنافسية عالمياً بما ينسجم ورؤية الإمارات 2021.
وتعد وزارة التربية والتعليم الجهة المسؤولة حصرياً عن إصدار واعتماد تراخيص جميع العاملين في قطاع التعليم بدولة الإمارات، وشرعت الوزارة بالمرحلة التجريبية للمشروع الذي نتوقع له النجاح والأثر الفاعل في تطوير التعليم بما يخدم المعلم والمدرسة والمجتمع، ويكون التعليم في الإمارات وفق أحدث المعايير العالمية.
إننا كمربين وتربويين نشعر بالسعادة والفخر وبالأمن على مستقبل دولتنا، لأن القيادة الحكيمة من الآن اتخذت الإجراءات الرائدة من أجل معلمٍ كفءٍ ومقتدر علمياً ومهنياً، وباعتباره حارساً لعقل الأجيال من كل التحديات العولمية والأفكار الغريبة والضعف والقنوط
ومن المؤكد أن المعايير العلمية والتربوية التي ستحكم اختيار المعلم ستعود له بالنفع كذلك، فهي ستحثه على تطوير ثقافته وتمكنه من المادة العلمية التي يحاضر فيها ضمن تخصصه العلمي، وكذلك تعمق شعوره بالمسؤولية المهنية تجاه وظيفته كمعلم ومربّ للأجيال.
وكأب لهم في ذات الوقت، ستجعله أمام خيارين لا ثالث لهما، أما أن يكون كفئا ومقتدراً علمياً وتربوياً لهذه المهنة المقدسة، أو أن يغادرها إلى وظيفة أخرى. فلا مجال لمعلم يتكئ على الشهادة الجامعية ولا يطور ويجدّد معارفه ونفسه وثقافته العامة والمهنية، ولا مجال لمعلمٍ يحسب الساعات الدراسية إسقاط فرض، ولا لمعلمٍ لا يفهم مشكلات الطالب ولا يحاول مساعدته.
المعلمة في الصف يجب أن تكون متمكنة من مادتها علمياً، وكمربية تحل محل الأم في الأسرة. والمعلم يجب أن يكون عالماً بمادته وأباً لتلاميذه، عند ذلك يتحول المناخ والبيئة التعليمية إلى جوٍ من الارتياح والبهجة لجميع الطلاب، وتظهر روح التنافس الإيجابي بينهم، وسيقبلون على المعرفة والعلم إقبال الصائم على الطعام والظامئ على الماء.
هكذا نحارب الجهل بأسلحة فعالة لا بأسلحة من خشب.
ولو طالعنا مسار التعليم في الأمم المتقدمة لوجدنا التجارب الغنية التي تجسد الاهتمام بالمعلم كقائد مجتمعي له قيمته ومكانته الرفيعة.
وقد أدركت قيادتنا الرشيدة هذه الحقيقة، ونظرت نظرةً استراتيجيةً بعيدة المدى لعشرات السنين القادمة، وأدركت أن استمرار وتقدم بنائها الحضاري مرهون ببناء أجيال قوية ثقافياً وعلمياً وتربوياً، وهذه الحقيقة لا يختلف فيها اثنان، فمهما كان الحاضر مزدهراً وعظيماً بجهود وسواعد من بدأوا المسيرة وأرسو القواعد الحضارية لها لتزدهر.
وقد ازدهرت وتطورت على جميع المستويات لا بد من التفكير في استمرار البناء والتقدم لما يأتي من الزمن، وهذا الأمر لا يتحقق دون أن تمتلك الدولة زمام بناء الأجيال الصاعدة، التي تكبر يوماً بعد يوم لتعطي ثمارها، فإن كانت الرعاية دائمة والاحتياطات فاعلة والتدابير حكيمة، كانت الثمار يانعة وقوية وتبشر بكل خير، والعكس بالعكس.
وقد أقر جميع علماء التربية والمجتمع في كل نظرياتهم وأبحاثهم ضرورة أن يكون التعليم في أية دولة، وأي مجتمع، ذا أولوية أولى وأهمية قصوى، مرتبطاً ذلك بعدة معايير وأسس علمية لا جدال فيها.
وفي الوقت الذي نبارك فيه هذه الخطوة الطموحة لوزارة التربية والتعليم، ولوزيرها الشاب معالي حسين بن إبراهيم الحمادي، وما قامت به وزارته من التخطيط العملي المدروس والإجراءات التمهيدية، فإننا كمربين وتربويين نشعر بالسعادة والفخر وبالأمن على مستقبل دولتنا، لأن القيادة الحكيمة من الآن اتخذت الإجراءات الرائدة من أجل معلمٍ كفءٍ ومقتدر علمياً ومهنياً.
وباعتباره حارساً لعقل الأجيال من كل التحديات العولمية والأفكار الغريبة والضعف والقنوط. معلم يصنع الجيل ويسلمه للوطن كمشاريع علماء وأدباء ومخترعين وأطباء ومهندسين ومحامين وقادة إداريين، وغير ذلك مما يطمح له الوطن، ويرتقي به عاماً بعد عام وجيلاً بعد جيل.
نقلا عن "البيان"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة