جثث مسلحي داعش تفتك بأهالي الموصل.. أصابتهم بالأمراض
مخلفات الحرب وآلاف الجثث المتعفنة التي ما زالت تقبع تحت أنقاض المدينة باتت مصدرا لانتشار أمراض وبائية كالجرب.
رغم انتهاء الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي في مدينة الموصل شمال العراق منذ نحو عامين فإن غبارها لم ينقشع بعد، فمخلفات الحرب وآلاف الجثث المتعفنة التي ما زالت تقبع تحت أنقاض المدينة باتت مصدرا لانتشار أمراض وبائية كالجرب الذي بدأ يفتك بالموصليين منذ أشهر.
بين آلاف المنازل المدمرة وتلال من الأنقاض والركام ومخلفات الحرب في المدينة القديمة وسط الموصل تعيش نحو ألف عائلة موصلية في ظل ظروف معيشية صعبة، فالخدمات الرئيسية منعدمة، ورائحة الجثث المتعفنة تفوح من كل جهة، إضافة إلى خطورة العبوات الناسفة والمتفجرات التي تنفجر بين الحين والآخر حاصدة أرواح عدد جديد من الموصليين الذين عاشوا لأكثر من ثلاث سنوات في ظل تنظيم داعش الإرهابي.
وأثقلت الأوبئة والأمراض التي بدأت تظهر خلال الأشهر الماضية كاهل الموصليين خصوصا سكان المدينة القديمة، الذين يعانون من انتشار أمراض جلدية وأخرى تنفسية في ظل شح الأدوية الخاصة بمعالجتهم ونقص الكوادر الطبية المختصة.
النساء والأطفال ضحية الأمراض
وقالت الدكتورة أسماء الحمداني، الطبيبة في دائرة صحة نينوى لـ"العين الإخبارية": "استقبلت مستشفيات الموصل خلال الأسابيع الماضية أكثر من ٥٥٠ حالة إصابة بمرض الجرب، غالبية المصابين هم من النساء والأطفال وهم من سكان المدينة القديمة".
وأشارت الحمداني إلى أن "نقص الخدمات وضعف الوضع الاقتصادي واعتماد سكان المدينة القديمة على مياه الأمطار والآبار والجثث المتعفنة تحت الأبنية جميعها تسببت في انتشار الأمراض"، مؤكدة وجود العشرات من حالات الإصابة بأنواع من حساسية الجهاز التنفسي والعيون الناجمة عن انبعاث الروائح الكريهة وكذلك مخلفات الأسلحة المستخدمة في المعارك.
ورغم توجه عدة مجموعات طبية من دائرة صحة نينوى إلى مناطق تواجد المصابين داخل المدينة القديمة فإن هذه المجموعات تؤكد أنها غير قادرة على احتواء هذه الأمراض ومعالجتها لأن نقص الدواء يشكل عائقا كبيرا أمامها، داعية الحكومة لتوفير العلاجات اللازمة للموصل.
وبحسب مصادر مطلعة في بلدية الموصل، تقدر أعداد الجثث المتواجدة تحت أنقاض المدينة القديمة خصوصا في أحياء الميدان والشهوان بنحو ٣ آلاف جثة، وتلوث هذه الجثث أكثر من ٤٠% من مساحة الجانب الأيمن من مدينة الموصل.
وقد شهدت المدينة بعد التحرير عمليات عدة لانتشار الجثث، إلا أنها لم تتمكن حتى الآن من إنهاء مشكلتها التي تعود غالبيتها لمسلحي داعش الذين قتلوا خلال المعارك.
وأكدت المصادر لـ"العين الإخبارية" أن بلدية الموصل وفرق الدفاع المدني لم يتمكنوا من الوصول إلى العديد من المناطق بسبب شدة الدمار والخوف من وجود عبوات ناسفة وجثث مفخخة.
فريق متطوع للعلاج
وشهدت المدينة القديمة وسط الموصل معارك ضارية بين مسلحي داعش والقوات الأمنية العراقية صيف ٢٠١٧ فقد كانت آخر معاقل التنظيم في مركز المدينة، فيما لم تشهد محافظة نينوى منذ انتهاء معارك تحريرها في ديسمبر/كانون الأول من عام ٢٠١٧ وحتى الآن أي عمليات إعادة إعمار، أما عملية رفع الأنقاض فغالبيتها تجرى بجهود فردية وهي بطيئة جدا لذلك ما زال الدمار والركام يمثل المشهد الرئيسي للجانب الأيمن من المدينة.
سرور الحسيني فتاة موصلية خريجة إعدادية تمريض الموصل للبنات، بادرت بعد انتهاء المعارك في الموصل بتأسيس فريق من المتطوعين الشباب وبدأت بانتشال الجثث من تحت الأنقاض واستطاعت هي وفريقها في غضون أشهر قليلة انتشال أكثر من ٢٥٠ جثة من جثث المسلحين الذين كان الفريق يستدل عليهم من خلال زيهم الأفغاني وشعارات داعش وأسلحتهم.
وقالت الحسيني، لـ"العين الإخبارية"، إنها توقفت عن حملة انتشال الجثث لأن محافظ الموصل نوفل سلطان العاكوب منعها من ذلك، بحجة أنه لا يجوز دفن هذه الجثث في الطمر الصحي قبل التأكد من هويتها.
وأوضحت قائله: "تواجد هذه الجثث يؤثر على صحة سكان الموصل النفسية والجسدية، غالبية النازحين لا يرغبون بالعودة لمنازلهم بسبب تواجد هذه الجثث، فهم يخشون على أنفسهم وأطفالهم من تأثيراتها"، لافتة إلى أن هذه الجثث مصدر للأوبئة والأمراض الانتقالية، خصوصا الجثث القريبة من نهر دجلة، مبينة "هناك تقصير حكومي واضح في الموصل".
7 ملايين طن من الركام
وبحسب إحصائيات منظمات المجتمع المدني المحلية العاملة في الموصل تحتضن المدينة أكثر من ٧ ملايين طن من الركام ومخلفات الحرب، بينما يطغي الدمار على ٩٠% من مساحة الجانب الأيمن من الموصل وسط انتظار سكانها الذين ما زالوا نازحين في مخيمات إقليم كردستان العراق وفي الجانب الأيسر من الموصل انطلاق عمليات إعادة الإعمار كي يعودوا إليها.
من جهته، حمل النائب عن محافظة نينوى في مجلس النواب العراقي، شيروان دوبرداني، وزارة الصحة في بغداد بشكل عام مسؤولية تفشي هذه الأمراض لأنها لم ترفع الأنقاض والجثث التي تحتها إلى اليوم.
وقال دوبرداني، في تصريح لـ"العين الإخبارية": "نطالب بتشكيل فرق طبية طارئة لمعالجة المصابين بالأمراض الوبائية، فغالبيتهم لا يمتلكون ثمن العلاج"، مشيرا إلى أن الحكومة المحلية في الموصل عاجزة عن تحسين الخدمات وتوفير أبسط مقومات الحياة للمواطنين، ومنشغلة بالصراعات السياسية.
وشدد على أن مستشفيات الموصل تفتقر إلى أبسط المستلزمات الصحية، وتساءل "أين تذهب حصة نينوى من الأدوية والعلاجات؟"، مضيفا أن الموصليين يضطرون لشراء الأدوية والعلاجات من خارج المؤسسات الصحية رغم عدم قدرة الكثيرين منهم على تحمل نفقات العلاج في مستشفيات أهلية.
aXA6IDEzLjU5LjkyLjI0NyA= جزيرة ام اند امز